وقائع هذه القصة التى تقترب تفاصيلها من الخيال، تعود الى العام 1977، بطلها سجين أمريكى أسود يدعى نيل سكوت.. كان يقضى عقوبة الحبس فى السجن المركزى فى هنتسفل بولاية تكساس، عندما تدهورت حالته الصحية بشكل مستمر ونقل الى المستشفى ليكتشف الأطباء إصابته بسرطان القولون، وتم اخضاعه لعملية جراحية لاستئصال القولون بالكامل.. وتوقع الأطباء ألا يعيش أكثر من 90 يوماً.
بالنسبة له كان الطب قد قال كلمته ورفع يديه عنه، وكان من الطبيعى أن يستسلم للاكتئاب والعزوف عن الحياة.. فليس أصعب على الإنسان من أن يجد نفسه فى مواجهة موعد محدد بدقة مع الموت. ولكن سكوت قرر التمرد على المرض والطب والأطباء، لم تكن لديه أدوات كثيرة ولكنه كان يمتلك إصرارا غريبا على الفوز فى معركته مع السرطان.
الحياة فى السجن لم توفر له خيارات كثيرة، كان قد عرف من رجل الدين الذى يزوره فى السجن ليجهزه نفسيا لاستقبال الموت، بعض المعلومات عن الطب البديل، عرف منه تأثير الغذاء على مقاومة المرض، وعرف بعض المعلومات المحدودة جدا عن المعالجة الذهنية، فقرر أن يجرب لأنه لن يخسر شيئا.. وبعد 3 أسابيع من الجراحة وأثناء تعاطيه العلاج الكيماوى الموصوف له من قبل الأطباء، اخضع نفسه لنظام غذائى صارم فى حدود المتاح له فى السجن.. اقتصر طعامه على الجزر وزبدة الفول السودانى والخبز الأسمر وأى خضراوات متوفرة ولا شيء غير ذلك. توقف تماما عن تناول اللحوم بكل أنواعها والحليب والاجبان، وكان الدواء الوحيد المتاح له فى السجن هو فيتامين «سي» فأخذ يتناوله بكميات كبيرة يوميا.. ومرت المهلة المحددة من قبل الأطباء، ولم يمت كما توقعوا.. و بعد 15 شهرا توقف عن تناول العلاج الكيماوي، واختفى الورم.
ولأسباب غير معلومة قررت إدارة السجن خفض كمية الخضراوات الطازجة التى تعطى للسجناء.. وتدهورت حالته مرة أخرى ونقل المستشفى ليكتشف الأطباء أن الخلايا السرطانية وصلت الى كبده.. وفى هذه المرة أكدوا انه لن يعيش أكثر من 6 أشهر.. ووصلت القصة الى وسائل الإعلام التى حملت إدارة السجن مسئولية تدهور حالة سكوت عندما حرمته من مكونات نظامه الغذائى الذى تحسنت حالته عليه. وكان من جراء ذلك أن تم نقله من مستشفى السجن الى الزنزانة العادية.. وهنا لجأ سكوت الى سلاحه الأخير، اخذ يمارس اليوجا وتمارين المعالجة الذهنية، كان مصرا على الانتصار، قرر أن يحارب الخلايا السرطانية بأسلوب المواجهة الذهنية.. كان يسترخى تماما ويمارس بعض تمارين اليوجا والتنفس التى تقوده الى أعلى مستويات التركيز، ثم يبدأ المعركة الذهنية.. كان يتخيل الخلايا السرطانية وحوشا صغيرة تحمل أسلحة بيضاء وتطعن كبده الذى تخيله شخصا له شارب كثيف وهيئة مضحكة.. وكان يهم لنجدة صديقه لتبدأ معركة ضارية يسقط خلالها عدد كبير من الوحوش، وكانت مهمة صديقه الذى هو كبده نقل جثث الكائنات المتوحشة الى خارج ساحة القتال.. وكانت المعركة الذهنية التخيلية تستمر حتى يشعر بالتعب فيخلد للنوم.. وشفى سكوت من سرطان الكبد وعاش بعد ذلك سنوات وسنوات.
بالنسبة للكثيرين –وأنا منهم– تبدو هذه القصة غير منطقية أو خيالية، ولكنها موثقة فى المراجع الطبية بكل تفاصيلها. وما يهمنا هنا هو أنها قصة حقيقية وأنها تؤكد أن الأمل والإرادة والإصرار والتفاؤل هى أهم أسلحتنا فى مواجهة المرض حتى ولو كان مرضا خطيرا.