حضرت إلى مكتبى برسائل القراء سيدة جميلة الوجه ولكن يبدو على ملامحها الأسى والشقاء، حاملة على أكتافها جبالاً من الهموم وفى يديها مجموعة من الأوراق.. دخلت المكتب بابتسامة يشوبها الحزن.. رحبت بها وتذكرت مقولة إذا جاءك المهموم أنصت، فجعلت أذنى صاغية إليها.. فبدأت تصف ما تعانيه من مر الحياة.
وبنبرات هادئة يغلب عليها الحزن سردت حكايتها.. تزوجت منذ 38 عامًا، وشاء قدر الله ان يتوفى زوجها من 8 سنوات، تركهم ميسورين الحال وترك لها 4 بنات وولدا، قامت بتجهيز بنتين منهن للزواج، وحاليًا يعيش معها الباقى جميعهم متخرجون، ابنها الوحيد هو سندها فى الحياة، يدير ما تركه والده من إرث «ورشة شكمانات» وأخرى لتركيب «اكسسوارات التكاتك والموتوسيكلات».. كانت أمورهم تسير بشكل ميسر حتى جاء اليوم المشئوم.
بدأ الدمع يتساقط على وجنتيها كقطرة على خد الزهور عندما أوضحت انها تفاجأت ان ابنها مدمن منذ عامين فبدأت حياتهم تنقلب رأسًا على عقب، فهى لن تظن ان هذا اليوم سيأتى لأنها قدمت كل ما فى وسعها تجاة أبنائها لتكون لهم قارب النجاة وتعبر بهم بر الأمان.
أصبحت تعيش حياة ضنك بعد ان دمر الادمان حياتهم.. قام ابنها ببيع المعدات الموجودة فى الورش من أجل شراء المخدرات، رغم انه يقوم بتأجير الورش والمعدات من زمن والده بثمن زهيد، وبعد ان علم المالك بما يحدث فى ملكه قام بسحب الورشة من تحت يده فلجأت إلى قرض لتوفير جزء من المعدات الذى قام نجلها ببيعها، ثم تعثرت فى السداد فقامت بعمل قرض آخر بفائدة أكبر لتسديد القرض الأول، ولأماناتها كانت تجمع جمعية من جيرانها، تعثرت فى توفير قوت يومها فصرفت من مبلغ الجمعية المؤتمنة عليها وابنها كان لديه رغبة فى العلاج فقامت بصرف باقى مبلغ الجمعية من اجل علاج ابنها الوحيد والوقوف على «رجليه» ليستكمل معاها رحلة الحياة وللأسف تعذرت عن السداد، تحصلت على قرض آخر لتسديد المطلوب منها من القرض الأول والتانى والآن الجميع يطالبها بالسداد أو الحبس، وأصحاب السوء رجعوا ابنها مرة أخرى للادمان.
الست نادية صاحبة 56 سنة مستعدة للعمل وتبحث فى كل مكان هى وبناتها عن فرصة عمل لتوفير لقمة عيش بالحلال وتسديد ديونهم ولكن «الديانة» تقف على باب مسكنها وهى لا حول لها ولا قوة.
طوال فترة حديثها دموعها لا تجف وقدمت أوراقها الدالة على كلامها.. تقف نادية على أعتاب اليأس، وتناشد أصحاب القلوب الرحيمة لمساعدتها فى تسديد ديونها قبل أن تقع من الغارمات.. هذه القصة مثال مؤثر على مخاطر الإدمان وتأثيره المدمر على العائلات.