لى مطلب واحد من الحكومة الجديدة.. وهو يسير وفى متناول يدها.. وليس رابع المستحيلات ولا المطلب المعجز.. ويساهم بدرجة كبيرة فى مواجهة أزمة البطالة دون أى أعباء على الدولة.. وهو تدريب الشباب على الحرف المختلفة تدريباً عملياً يمنحه مهمة وحرفة يمكن أن يعيش منها بعيداً عن الوظيفة الميري.. وتجعله مؤهلاً لاقتحام سوق العمل الداخلى والخارجى خاصة ان الدراسة الجامعية أو المتوسطة لدينا.. فى واد.. واحتياجات سوق العمل فى واد آخر.. ففى ظل ملايين الشباب الحاصلين على مؤهلات عليا ومتوسطة.. تبحث الشركات عن سائق لودر.. أو حتى سيارة نقل.. أو فنى ميكانيكي.. أو صيانة أجهزة كهربائية.. وإذا تعطلت ثلاجة أو غسالة.. عليك أن تبحث عن شركة أو متخصص فتجد ان الصعود إلى القمر ربما يكون أيسر من حصولك على المراد.. ولنا فى تجارب العديد من الدول الناشئة التى صارت فى القمة.. المثل والنموذج.. فكيف صارت ماليزيا على سبيل المثال نمراً آسيوياً.. وعمرها التنموى لا يتجاوز ثلاثة عقود.. وماذا فعل رائد التنمية الماليزية الدكتور مهاتير محمد.. عندما تولى رئاسة الحكومة.. كانت ماليزيا فرقا وشيعا وجزرا منعزلة.. تعانى من الحياة البدائية والبطالة.. والطوائف المتقاتلة التى تدين بأكثر من عشرين ديانة ومعتقدا.. عندما جاء مهاتير محمد.. أوقف الأنشطة والمدارس ومراكز الشباب وحولها إلى معسكرات مغلقة.. وجمع الشباب من عمر 18 عاماً إلى 40 عاما.. وأدخلهم فى معسكرات للتدريب على كافة الحرف والمهن التى يحتاجها المجتمع وسوق العمل.. ولم يترك مهنة واحدة من سباكة إلى نجارة إلى مصفف شعر إلى سائق سيارة ولودر وونش ونقل إلى فنى صيانة معدات وأجهزة.. لم يترك مهنة واحدة يحتاجها العالم إلا وكان لديه الآلاف من الشباب الذين يجيدونها.. دربهم على الانضباط والالتزام والعمل فقط بعيدا عن أى انتماء دينى أو سياسي.. وبعد 6 أشهر من التدريب المتواصل والالتزام والانضباط.. منحهم إجازة لمدة أسبوع.. وحدد لهم ساعة العودة.. وكل من تأخر عن الموعد استبعده من التدريب.. ليكون الالتزام والانضباط هو الأساس لديه.. استمرت فى تدريب الشباب حتى صار لديه جيش من كافة المهن.. وبدأت المصانع التى كان قد تعاقد عليها من بريطانيا فى العمل والإنتاج وخلال فترة وجيزة.. صارت ماليزيا دولة عملية منتجة ومصدرة ونمراً آسيويا من أعلى معدلات الدخل ومستوى المعيشة فى آسيا.. ليس لديها آبار بترول.. ولا نيل.. ولا مساحات الأرض الخصبة والزراعة.. ولكن لديها شباب منتج وعقول تفكر.
.. ويوم أن بدأت لدينا مدارس التدريب المهنى فى نهاية السبعينيات.. عولنا عليها كثيرا لتكون نموذجا للخريج المهنى وبداية حقيقية للقضاء على البطالة.. لكن ظلت دراسة نظرية ولم تحقق الهدف المنشود.. وخلال الشهر الماضى طرحت وزارة القوى العاملة مبادرة تدريبية للشباب تحت عنوان «مهنى 2030».. بهدف تدريب الشباب على المهن والحرف المختلفة لمواجهة سوق العمل والمساهمة فى حل أزمة البطالة.. لكن لم تكن على شاكلة التدريب العملى الماليزي.. وظلت مجرد عمل على الورق وفى الأدراج.. ومجرد مبادرة ومؤتمر صحفى ويضاف على الورق لإنجازات الوزير والوزارة.. ولم يكون لها أى صدى أو جدوي.
>>>
أتمنى من وزارة القوى العاملة.. الإعلان فورا عن قائمة المهن والحرف التى يتم تدريب الشباب عليها.. والأماكن المخصصة لتدريب الشباب وأسلوب التحاق الشباب بالتدريب.. أما عقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل داخل الغرف المغلقة.. فلن يحقق الهدف المأمول وتضاف المبادرة إلى سابقيها وتظل أزمة البطالة المرض المزمن الذى يعانى منه شبابنا وسوق العمل لدينا.
>>>
أتمنى من الحكومة الجديدة.. التى تنتظرها ملفات عديدة.. اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية.. ان تكون مواجهة أزمة البطالة وتدريب وتشغيل الشباب من الأولويات.. فالشباب هم الطاقة التى تستمد الدولة منهم القوة نحو المستقبل.. الشباب الواعي.. العامل.. المنتج.. يدرك معنى كلمة وطن.. ومعنى الانتماء لمكان فيه يحيا ويعيش آمنا مستقراً.. اغرسوا الانتماء لدى الشباب بالعلم والعمل والأمل.. فالوطن هو الحياة.. والحياة هى الوطن.. أرجوكم معنى الوطن كبير وكبير جداً.. اجعلوه يسكن قلوب الشباب قبل عقولهم.