فى خضم الأزمات الاقليمية التى تحاصر الشرق الأوسط، أضافت الحرب فى السودان حالة جديدة من عدم الاستقرار التى أصابت عدداً من دول المنطقة، بعد اضطرابات وصراعات وحروب أحدثت كوارث انسانية كبيرة.
تعد الأزمة السودانية واحدة من هذه الكوارث، فمنذ اندلاع الحرب الأهلية العام الماضى فى البلد المجاور بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أصيب وقُتل عشرات الآلاف من السودانيين، فضلاً عن تدمير الحياة الاقتصادية فى البلاد.
وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، أنه بعد أربعة عشر شهرا من الصراع، دمرت المعارك بين الجانبين البنية التحتية للبلاد إلى حد كبير، حيث بات السكان مهددين بالمجاعة فى ظل استمرار العنف والمعاناة.
وبحسب اتهامات نسبتها منظمة أطباء بلا حدود إلى الدعم السريع، تم ارتكاب العديد من أعمال التطهير العرقى فى المناطق التى تسيطر عليها قوات الدعم السريع بأنحاء البلاد، حيث قالت المنظمة إن أكثر من 1,300 شخص أصيب بجراح خلال هجوم قوات الدعم السريع مؤخراً على الفاشر، فيما نزح ما لا يقل عن 130,000 شخص معظمهم جنوبا إلى أجزاء أخرى من دارفور وغربا إلى تشاد.
وكان قد عقد مجلس الأمن جلسة الشهر الماضى جلسة بحث خلالها الوضع فى السودان واستمع إلى إحاطتين من مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للأمم لشؤون أفريقيا مارثا بوبي، ومديرة العمليات والمناصرة فى مكتب تنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) إيديم وسورنو.
وشددت المسئولتان الأمميتان خلال الجلسة على أن الوقت قد حان للأطراف المتحاربة لتجنيب الشعب السودانى المزيد من المعاناة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات، مشددتان على ضرورة اتخاذ خطوات نح وأفق السلام.
واعتمد مجلس الأمن بتأييد 14 عضوا وامتناع روسيا عن التصويت، قرارا يطالب بأن توقف قوات الدعم السريع حصارها للفاشر- عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان- ويدع وإلى وقف فورى للقتال وخفض التصعيد فى الفاشر ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين.
وفى ظل هذه الحرب الدامية، يدفع السودانيون ثمن هذا القتال بعد نقص الغذاء وانعدام أنشطة الحياة تقريباً فى بلد يعانى بالأساس من أزمة اقتصادية طاحنة قبل هذا الصراع.
ومع اشتداد القتال فى الفترة الأخيرة، ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 136 ألف شخص فروا من ولاية سنار، جنوبى شرق السودان التى تأوى بالفعل أكثر من 285 ألف شخص، وذلك بعد أن بدأت الدعم السريع فى 26 يونيو والماضى حملة عسكرية للاستيلاء عليها، مما أدى إلى نزوح جماعى من المدن الثلاث، خاصة إلى ولايتى القضارف والنيل الأزرق المجاورتين.
وبحسب صحيفة سودان تريبيون هناك أكثر من ألف مدنى قُتل وفُقد، خلال اجتياح قوات الدعم السريع لمناطق ولاية سنار الواقعة وسط السودان وعدد من المدن الأخرى منها سنجة، والدندر وكركوج.
وذكرت الصحيفة أن عدد المفقودين من اجتياح المليشيا لمحلية سنجة بلغ 850 مفقودا، لم يجتمع شملهم بأهاليهم بسبب صعوبة الاتصالات وانقطاع الكهرباء.
كما أشارت إلى أن 297 مدنيًا قُتلوا منذ دخول الدعم السريع جبل موية فى ولاية سنار، متوقعًا أن يكون عدد الضحايا أعلى من ذلك لتعذر التحقق من أعداد القتلي.
وتعيش مدن سنار وسنجة والدندر والسوكى وكركوج، منذ الأسبوع الماضي، انقطاعا تاما فى الاتصالات والكهرباء، حيث يوجد صعوبات فى الحصول على الغذاء فى الدندر والسوكي، كما أُغلقت الأسواق فى مدينة سنار.
وقال المتحدث باسم حكومة ولاية سنار أن قوات الجيش نجحت فى التصدى لمحاولات قوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة سنجة عاصمة الولاية، مشيراً إلى استيلاء الدعم السريع على نحو30٪ من سنجة بينها أحياء الشمال والشرق وجزء من الحى الجنوبي.
حتى الآن وفقاً لتقديرات منظمة الأمم المتحدة، نزح حوالى عشرة ملايين شخص داخل البلاد وخارجه منذ اندلاع المعارك، وتتحمل مصر الجزء الأكبر من موجات النزوح نظراً لقربها من السودان وللعلاقة الوطيدة بين الشعب المصرى والسوداني.
الجدير فمنذ أبريل 2023، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فى مصر خمسة أضعاف ليصل إلى أكثر من 400 ألف شخص، فيما ينتظر 250 ألف سودانى آخرين التسجيل لدى المفوضية فى مصر وفقاً للمنظمة الأممية، حيث من المتوقع أن يزداد الطلب على التسجيل بشكل مستمر خلال الفترة المقبلة بسبب الوضع المضطرب فى السودان، مع عدم وجود آفاق فورية لسلام مستدام فى الأفق.