جميعنا يترقب نتاج التغيير الوزارى بهيئته الجديدة التى تضمنت تعيين عدد كبير من الوزراء الجدد وكذلك بالنسبة للمحافظين على أمل أن يكون هناك تغيير فى فلسفة وإدارة الوزارات والمحافظات المختلفة قبل أن يكون فى أشخاص السادة الوزراء والمحافظين وذلك بعد أن تعرضت الحكومة السابقة لانتقادات شعبية غير مسبوقة نتيجة التداعيات الاقتصادية والإدارية التى تشهدها البلاد مؤخراً والتى كان المواطن المصرى يأمل فى أن تجد الحكومة السابقة سبيلاً لحلها ولكن يبدو أن الظروف المحيطة كانت أقوى من امكانيات البعض منهم وهو الأمر الذى استدعى قيام الرئيس عبدالفتاح السيسى بقبول استقالتها وتكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل حكومة جديدة بمهام محددة لعل من أهمها ضرورة مواصلة مسار الاصلاح الاقتصادى والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات بما يدعم قوة الاقتصاد المصرى فى ظل التحديات التى تشهدها البلاد والتى تمثل عبئاً كبيراً على كاهل المواطن المصرى البسيط وتشجيع نمو القطاع الخاص وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى للدولة فى جميع القطاعات.
ومن الواضح أن هذا التكليف تحديداً هو ما جعل الدكتور مدبولى يتأنى فى اختياراته التى ولا شك سوف يغلب عليها الاهتمام بالبعد الاقتصادي.. ومن هنا فإننى أرى أن طول الفترة التى استغرقها سيادته لتشكيل الحكومة الجديدة أثمرت إيجابياً وليست سلبياً. وليس كما كان يحاول البعض تصويرها لأنه سوف يكون المسئول الأول عن اختياراته وبالتالى سيكون فى مواجهة دائمة من الشعب المصرى الذى يعانى من عبء الحياة وصعوبتها للأسباب التى أشرنا إليها.
فى اعتقادى أن هناك بوادر لأسلوب جديد فى إدارة الحكومة الجديدة بدأ رئيس الوزراء المكلف فى تطبيقه بالفعل ألا وهو «الوضوح والشفافية» حيث رأيناه يخرج على الشعب المصرى فى قضيتين عشناهما معاً خلال الأيام القليلة الماضية.. الأولى هى ما تعرض له الحجاج المصريون فى موسم الحج هذا العام وذلك عندما تعرض عدد كبير منهم لوعود كاذبة وممارسات غير سليمة من بعض شركات السياحة ومن ثم للإهمال والتهلكة بل والموت.. حيث رأينا صورة محزنة لكل من طالع المشهد ورأى بعض تفاصيله واستمع لمفرداته حيث لا اجراءات وقائية ولا حفاظ على أرواحهم أو تقديم الإعانة والمعونة لهم حال الاحتياج إليها وهو ما يتنافى مع أى معيار من معايير الانسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وعلى الرغم من عدم شرعية سفرهم إلا أن رئيس الوزراء ترأس خلية إدارة أزمة على أعلى المستويات واتخذ العديد من الاجراءات الرادعة وسحب تصاريح ما يقارب من 16 شركة سياحة وهو الأمر الذى أدى إلى تهدئة الرأى العام فى تلك القضية.. والقضية الثانية هى انقطاع التيار الكهربائى عن منازلنا وأعمالنا وحياتنا فى إطار ما يسمى بتخفيف الأحمال وذلك لوجود أزمة فى قطاع الكهرباء وفى نقص الوقود حيث حرص سيادته على تقديم الاعتذار للشعب المصرى وشرح أبعاد الأزمة بوضوح وشفافية وهو الأمر الذى طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولين فى الحكومة مراراً وتكراراً.. حيث أوضح رئيس الوزراء أن هناك خطة عاجلة لمواجهة تلك الأزمة وخطة أخرى طويلة المدى لعدم تكرارها.. وعلى الرغم من حساسية التوقيت الذى حدثت فيه تلك الأزمة سواء من حيث الحرارة العالية أو التزامن مع امتحانات الثانوية العامة إلا أنه أسهم بشكل كبير فى تخفيف حالة الاحتقان ووضع الشعب بشكل أكبر أمام دوره فى تشارك المسئولية وتحمل واجبه تجاه تلك الأزمة.
ومن هنا فإننى أطالب الحكومة الجديدة باتباع مبدأ الشفافية فى عرض المشكلات التى تواجههم على الشعب سواء كان ذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو من خلال مجلس النواب ولجانه المختصة وبالنزول إلى الشارع والتعامل مع قضايا المواطنين بشكل مباشر وطرح الخطط التى يعملون عليها ومواعيد تنفيذها مع وجوب تقدير كافة الشكاوى والطلبات الواردة من المواطنين وتنشيط كافة مستويات التعامل مع الجماهير خاصة من السادة المحافظيين الجدد.. والمشاركة فى لجان وجلسات الحوار الوطنى وتحقيق ما اتفق عليه من توصيات صادرة عنه سواء كانت من المؤيدين أو المعارضين لأن معظمهم اجتمع على مائدة الحوار الوطنى بصياغة توصيات مقبولة من الطرفين تحمل طموحات وآمال المواطنين.
نحن إذن فى انتظار تغيير حقيقى فى الأداء الحكومى وهو أمل يعقد المواطن المصرى طموحه عليه وهنا أؤكد أن هذا المواطن المصرى كيس – فطن يعلم ما تتعرض له البلاد من أزمات وعلى استعداد أن يتحمل معها نتائجها وتبعاتها بشرط أن نحترم عقليته وتفكيره ونبتعد عن الوعود البراقة التى لن يستطيع أى مسئول تحقيقها بسهولة أو بدون مساندة الشعب حيث سوف يكتشف ذلك ولو بعد حين.
فلتكن الشفافية الايجابية هى شعار الحكومة القادمة ولنتابع معاً ونترقب بوادر الأداء للوزارة الجديدة خلال الأسابيع القادمة ولعلها تكون بداية موفقة بإذن الله.