«آخر أيام الجماعة»، اسم الفيلم الذى رأيته مساء الاحد الماضى عن ثورة الثلاثين من يونيو عام 3102، وهى الثورة التى رأى وعرف فيها العالم الخروج الأكبر لشعب طلبا لحريته ورفضا لحكم ظالم، الفيلم من انتاج القناة الوثائقية الجديدة ،والتى انطلقت فى بداية العام الماضى فقط بعد غياب طويل ،لتكون الواجهة والمكان المؤكد لتقديم كل ما يخص تاريخ مصر الطويل وأحداثه الهامة ،وتاريخ العالم أيضا ، وبالتالى كان توثيقها لأحداث الثــورة المصـرية الأخيرة منذ يناير 1102 إلى يونيو ويوليو 3102 و»الخروج الكبير» للشعب المصرى وقتها من أهم ما استطاعت إنجازه عبر أكثر من فيلم ،فغير هذا الفيلم «آخر ايام الجماعة»، أنجزت الجماعة فيلم ثان شديد الاهمية هو «ثورة 03» يونيو ثورة أنقاذ مصر» ، إلى جانب تقديم الجزء الثالث «القرار» من مسلسل «الاختيار» وإضافة الكثير من المشاهد والمواقف التى تروى للمرة الاولى والتى حولته الى عمل وثائقى مستقل عن احداث مصر فى عام صعب ولعل هذه الاعمال ـ الوثائق التى رأيناها فى ذكرى الثورة تؤكد وتضيف إلى أهمية التعامل مع الفن بكل نوعياته، فبدون الافلام التسجيلية والوثائقية ما كنا نستعيد أهم وأفضل أيامنا كشعب، وكيف صنعنا لبلدنا ولأنفسنا الكثير امام العالم ايام حرب السويس والاستنزاف ،ثم حرب اكتوبر المجيدة، وايضا ما قدمته السينما المصرية التسجيلية عن بناء السد العالى ،وعن حروب التنمية فى كل محافظات مصر من خلال ثروة من الافلام شارك التليفزيون فى انتاجها مع السينما وساهم فيها أغلب مخرجينا الكبار منذ الخمسينيات وحتى اليوم ،ومن هنا كانت هذه المفاجأة الرائعة فى الاحتفال بذكرى ثورة يونيو فى محلها تماما بالنسبة لجمهور كبير استعاد اياما نزل فيها الى ميدان التحرير، ثم إلى كل ميادين محافظات مصر واشتبك فيها مع ميلشيا الاخوان الإرهابية التى حاولت الاستيلاء على مصر، واستمالت البعض من المصريين، وحكمت ليرى الكل وجهها الحقيقى فى عام اقنع الاغلبية بضرورة خلعها وهو ما دفع كل هذه الملايين للنزول فى الشوارع فى يوم مجيد «3يوليو 3102» ليعرف العالم كله الحقيقة.
مرسى «الخطاب الطويل»
يطرح «آخر ايام الجماعة» تلك الأيام التى شعرت فيها قياداتها بالهزيمة ورفض الشعب لسلوكيات مكتب الإرشاد والذى كان الرئيس الإخوانى الأسبق محمد مرسى يترجم رغباته وهو ما دفعه لإلقاء خطاب يوم 02 يونيو استمر لمدة طويلة جدا، اتهم فيه جهات كثيرة بمحاولة أفشال حكمه، ولكن المظاهرات استمرت، وكبرت وتضخمت حتى يوم 03 يونيو ليطالب المتظاهرون برحيل الاخوان، وفى اليوم التالي، الاول من يوليو، أعلن الجيش مهلة 84 ساعة لتحقيق مطالب الشعب، وبعدها خرج مرسى مجددا بخطاب مطول لم يضف شيئا فى محاولة للتمسك بكرسى الرئاسة وفقا لأوامر الجماعة، بينما الملايين غاضبين ورافضين فى الشوارع، وبعدها، يوم 3 يوليو ،أعلن الفريق السيسى القرار الحاسم للجيش بحضور ممثلى الشعب من كل الفئات والذى اقر تعطيل العمل بالدستور مؤقتا وتوكيل رئيس المحكمة الدستورية العليا لإدارة شئون الدولة لحين اختيار رئيس جديد، لتنهار الجماعة ورجالها ويحاول أغلبهم الهروب، الفيلم اعده احمد محمد وأخرجه مراد السيد وشارك فيه عدد كبير من العاملين بفروع الفن السينمائي.
حصار وتهديد على الهواء
يبدأ فيلم «ثورة 03 يونيو.. ثورة إنقاذ مصر» بالخطوات الثلاث الاولى التى انتهى بها الفيلم السابق، والتى طالب بها الجيش، وبحشود تتجاوز مئات الألوف رافعة الأعلام فى ميدان التحرير وميادين المحافظات، ولقطات لمصريين من كل الاعمار تهتف وتطالب برحيل الاخوان، وصور لمحمد مرسى وسط أنصاره ليبدأ الفيلم بالقصة على النحو التالى «فى 42 يوليو 2012 وصلت جماعة الإخوان لأول مرة إلى حكم مصر، لكن وجهها الحقيقى بدأ فور إمساكها بالسلطة. الخ» ويستكمل ضيوف الفيلم الحكاية من الكتاب والصحفيين ورجال القضاء، ويقدمون صوراً من الإرهاب الاخوانى لأهل مصر فى عام حكمهم مثل حصار المحكمة الدستورية العليا، ومنع قضاتها من الدخول لممارسة مهامهم، وحصار دار القضاء العالي، ومكتب النائب العام، وحصار مدينة الانتاج الإعلامى ومنع الدخول اليها للعاملين بالبرامج التليفزيونية، والعاملين فى الافلام والمسلسلات، وإرهاب الصحافة والصحفيين، «هدد مرسى نقيب الصحفيين وقتها مكرم محمد أحمد على الهواء مباشرة لرفضه هذا الارهاب وقال ساخرا عن النقيب: هو كان من الثوار»، ويظهر الفيلم أيضا كيف أحضر الإخوان أتباعهم من المحافظات المصرية ليقوموا بحصار كل هذه المواقع، ومنها الاعتداء على المواطنين فى احداث الاتحادية امام القصر الجمهورى والتى قتل فيها الصحفى «الحسينى أبوضيف» مع كثيرون غيره ، وتضيف شهادات ضيوف الفيلم المزيد وتوثقه عن سلوكيات الرئيس الاخوانى مرسى الذى رفض حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا وهو ما رفضه المشير طنطاوى «لأن هذا القسم يحمى نظام الحكم» وأيضا أفراجه عن عناصر إرهابية خطرة أصبحوا قيادات للمعارك الارهابية بعدها ضد الدولة فى سيناء، ومحاولاته للإطاحة بقيادات الجيش ، وتعيين النائب العام الإخوانى بقرار من الرئيس، وبالتالى نصب مرسى نفسه مصدر للتشريع واعلن إعلانا دستوريا بهدف إقامة دولة بديلة، أصبح محافظوها وحكامها من الجماعة، وهو ما أشعل غضب المصريين حين تمت إقالة كل من ليس إخوانيا من منصبه ليحتله إخوانى وهو ما أدّى لفضيحة الأقصر التى قام أنصار الإخوان بمذبحة فيها عام 7991، ومن هنا رفض المواطنون من أهالى المحافظة المحافظ الاخوانى ،بل رفضوا دخوله المدينة ردا على ما لحق بهم من خراب بعد المذبحة، وهو ما رواه ضيوف كثيرون من الكتاب والصحفيين وقيادات حركة تمرد ،وأعضاء مجلس النواب عن هذا العام الاسود، والذى استعدناه بكل تفاصيله من خلال الصور والمناظرات والأحداث، والمظاهرات وحتى هذا الاحتفال المسيء لحرب اكتوبر والذى اقامه مرسي، وجاء رجال الاخوان ليحتلوا أستاد القاهرة وبينهم من ساند الارهاب فى سيناء، فيلم مهم ويوجع القلوب برغم كل شىء.
القرار
أما الفيلم الثالث «القرار» المأخوذ من الجزء الثالث لمسلسل «الاختيار» ، فاهم ما فيه هو تقديمه لإرهاب الإخوان للمصريين، داخل القاهرة، وفى مواقع عمل عديدة، وموقفهم من الأزهر والكنيسة، «وحرق الكنائس قبل عام الحكم» وسخريتهم من فئات عديدة ومنهم الفنانين والعاملين بالفن ،وهو ما اشعل الغضب الشعبى تجاههم ،ودفع الفنانين والكتاب والمثقفين الى حصار وزارة الثقافة بعد تعيين وزير اخوانى ،ورفع شعار «الاوبرا مش تكية، ولا عزبة إخوانية بعد أن أقال الوزير رئيسة الاوبرا وشدد الحصار عليها ،اما المواطنون فقد سارعوا الى الانضمام الى حركة «تمرد» التى ولدت فى 62 أبريل 3102، ووقع الناس أول استماراتها. بعد ايام فى الاول من مايو، وذهب اليها الملايين بعد ان كسرت حاجز الرهبة لديهم من مواجهة حكم يواجههم بالتكفير، وجماعة تحكم لرغبتها فى الحكم وليس محبتها لمصر، وهكذا أشتدت المعارك على كل الجبهات بين الجماعة وعناصرها وبين المصريين فى كل مكان من مصر لتصل الى مرحلة النهاية كما يقدم الفيلم، والى يوم الخروج العظيم واستعادة الوطن من أيدى الجماعة وهو الحل الوحيد الذى رآه الجميع فى هذه الأيام الخالدة .