كتبت فى هذا المكان منذ فترة ليست بالقصيرة مقالا بعنوان «الحدود الملتهبة» فى اشارة إلى موقع مصر الجغرافى المتميز الذى يجعلها فى قلب العالم ومقصده، ولكنه فى الوقت نفسة يسبب لها العديد والعديد من المشاكل والازمات ويضعها دائما فى بؤرة اهتمام الطامعين والمستعمرين قديما وحديثا!!.
تذكرت ذلك المقال وانا أتابع ما يدور حولنا من أحداث وصراعات اقليمية ودولية وتداعيات ذلك على مصر سياسيا واقتصاديا، بل وعسكريا أيضا، خاصة فى ظل احاطتها بحدود اقل ما توصف بأنها «ملتهبة» كما ذكرت فى البداية، ولنا فيما يحدث فى السودان الشقيق حيث حدودنا الجنوبية من معارك وصراعات بين أبنائه ونزوح الآلاف ولن ابالغ إذا قلت الملايين منهم إلى مصر وغيرها من بلدان العالم خير دليل على سخونة حدودنا، والأمر لا يختلف كثيرا فى حدودنا الغربية حيث الصراع والتناحر بين أبناء الشعب الليبى الشقيق، وكذلك الحال بالنسبة لحدودنا الشمالية التى باتت أكثر سخونة، خاصة بعد الاكتشافات البترولية والغازية لاسيما فى منطقة شرق البحر المتوسط، التى كان لمصر نصيب وافر منها ما جعلها بمثابة مركز للطاقة واسالة وتصدير الغاز فى الشرق الأوسط، وهو ما أثار حفيظة الكثير من دول العالم لا سيما المحيطة بنا.
وإذا كان ذلك الحال بالنسبة لحدودنا الشمالية والجنوبية والغربية، فإن الأمر أشد وطأة وسخونة فى حدودنا الشرقية التى كانت على مر الزمان ولاتزال الأكثر سخونة واشتعالا، خاصة فى ظل الصراع بين الشعب الفلسطينى الشقيق والمحتل الإسرائيلى ودور مصر التاريخى الداعم للقضية الفلسطينية ومساندة شعبها ضد الكيان الصهيونى على مدى 75 عاما وحتى كتابة هذه السطور، لاسيما فيما يتعلق باحداث غزة الأخيرة وتحديدا منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية فى السابع من اكتوبر الماضى ضد المحتل الإسرائيلى وما تبع ذلك من حرب الإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطينى الأعزل مما أودى بحياة أكثر من 40 ألف شهيد وإصابة وفقد قرابة مائة ألف آخرين، وكانت مصر فى مقدمة الدول المساندة والداعمة للشعب الفلسطينى رافضة هذا العدوان الإسرائيلى الغاشم واتخذت موقفا صلبا وحاسما خاصة فيما يتعلق بافشال المخطط الصهيونى لتهجير أبناء غزة واجبارهم على النزوح قسريا من أرضهم سواء الى مصر والاردن أو غيرهما من بلدان العالم، وذلك حفاظا على حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 عاصمتها القدس الشرقية، وحتى لا تتم تصفية القضية الفلسطينية.
واليوم وفى ظل الأحداث المتزايدة حولنا اقولها بصراحة أن مصر كما كانت على مدار تاريخها محط أنظار العالم وللأسف مطمعه أيضا ليس فقط لموقعها الجغرافى المتميز الذى حباها الله إياه، ولكن لمواقفها السياسية الداعمة للقضايا العربية، بل والإفريقية ضد اطماع المستعمرين والمحتلين وحفاظها على قرارها المستقل وعدم التبعية لأى جانب أو حلف متخذة مبدأ عدم التدخل فى شئون الآخرين ورفضها لتدخل أى كائن من كان فى شئونها دستورا ومنهاجا، لاسيما منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم، ومن منا ينسى عبارته الشهيرة التى رددها أكثر من مرة وسمعناها ومعنا العالم اجمع «ان مصر تتعامل بشرف فى وقت عز فيه الشرف» وهذه حقيقة نلمسها جميعا فى تعامل الدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة فى شتى المجالات وعلى مختلف الجبهات.
كل ذلك وغيره الكثير والكثير من المواقف المصرية المشرفة، أثار حفيظة العديد من دول العالم لاسيما القوى المسماة بالكبرى ضدها كما ذكرت فى البداية وبدأوا فى عمل حصار اقتصادى وسياسى حولها أو كماشة « إن صح التعبير من أجل اثنائها عن مواقفها، مستغلين بعض الظروف الاقتصادية السيئة التى ألمت بمعظم بلدان العالم مؤخرا المتقدم منها قبل النامي، وفى القلب منها مصر بكل تأكيد وللأسف هناك بعض الابواق المصرية فى الداخل والخارج انساقت وراء تلك المخططات والشائعات التى تستهدف زعزعة استقرار الدولة المصرية ومحاولة الوقيعة بين أبنائها، وهو ما يجب أن نفطن إليه جميعا لا سيما المخلصون من أبناء هذا الوطن وعلينا استعادة واستلهام روح ثورة الثلاثين من يونيو العظيمة التى نحتفل بذكراها الحادية عشرة هذه الأيام ونكون على قلب رجل واحد حتى نفوت الفرصة على المتربصين والمغرضين فى الداخل قبل الخارج !!.