تحديد مصير.. هكذا يعرف طلاب الثانوية العامة طبيعة هذا العام الدراسى وهكذا تعرفه الأهالى لهم أو يستقر وصفا بالأذهان، ومع التسليم بأهمية الدراسة الجامعية فى رسم خطوط المستقبل للفرد إلا أنها لا تحدده بشكل قاطع فدخول أى كلية من الكليات المعتاد وصفها بالقمة لا تعنى مطلقا النجاح التام فى الحياة، ودخول أى كلية من الكليات التى توصف بالكليات العامة لا تعنى الفشل أو نهاية المصير.
المصير، والحديث إلى طلابنا وأسرهم، إنما يتحدد بمقدار استطاعة الفرد على أن ينجح فيحقق ذاته ثم سرعة تحقيقه لهذا النجاح والأهم هو مدى نفع هذا النجاح لوطننا، العملية هنا هى السهل الممتنع فما أكثر المجالات التى تحقق لك هذا والمطلوب فقط من حسن الاختيار، وتمتنع السهولة بالعوامل الاجتماعية والنفسية فليس من السهل على الطالب أن يختار خلاف المنتظر والمطلوب منه أو بغير معايير الوجاهة والضمان الشكلى للمستقبل.
يرجعنا هذا للسؤال الأساسي، لماذا تريد اختيار كلية بعينها أو تسعى لها طالبا كنت أم ولى أمر؟ أمن أجل الوجاهة الاجتماعية؟ أم لإرضاء الضمير بتحقيق الأصعب؟ أو فى سبيل محاكاة تجربة فلان؟ أم تختار بالفعل لتحقق النجاح لنفسك ولمن حولك أسرة ومجتمعا؟ هل تريد أن تحقق إضافة وتكون صاحب بصمة فى حياتك؟ بالتأكيد كل هذا الاجتهاد يجعلك تجيب بنعم وتسأل كيف؟!
إن سر النجاح فى أى عمل، وضمان الصواب لاختيار مسار حياتك أن تفهم ما المطلوب، ودائما المطلوب كثير، وتعرف نفسك وإمكاناتها وقدراتها، ثم تختار فى إطار الموازنة بين هذا وذاك.. إن علمت بتشبع سوق العمل من خريجى كليات التربية والآداب على سبيل المثال لا الحصر، فمن العبث أن تسعى للتخرج منها وهناك عشرات المجالات مما تحتاج لمن يعمل بها، إن علمت بتشبع سوق الهندسة المعمارية وعرفت بوجود الاحتياج الشديد لدارسى الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى فلا يعقل أن تذهب لدراسة المعمار على حساب الرقمنة.
ولعلى فى ذلك لم أذكر تأثيرات الذكاء الاصطناعى على الكثير من المهن والوظائف ولم أسرد لك تفصيلا اختلاف المرتبات فى وظائف عن أخرى ولن أطيل الكتابة فيما يتعلق بحاجة الدولة فى إطار المنافسة العالمية، لاترك لك المجال فى البحث عن ذلك عزيزى الطالب المجتهد وولى الأمر الحريص على مستقبل ابنائك ..كلى ثقة أنك ستختار ما سيجعله متميزاً ومطلوباً فى سوق العمل.. وللحديث بقية.