فى مثل هذه الايام وقبل تسعة أعوام وتحديدا فى يوم 29 يونيو 2015 استشهد أحد أبرز رجالات القضاء المصرى على أيدى الارهاب المسلح الملتحف زيفا برداء الدين ..فى ذلك اليوم استشهد بطل قومى مصرى تصدى للارهاب المسلح بعلمه ومواقفه وبنصرته للقانون ووقوفه بصلابة ضد السياسات الاخوانية والداعشية فى مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 إنه النائب العام المستشار الشهيد هشام م بركات (21 نوفمبر 1950 – 29 يونيو 2015) النائب العام المصرى منذ 10 يوليو 2013 حتى استشهاده فى 29 يونيو 2015، والذى تسلم الامانة من المستشار الجليل الدكتور عبدالمجيد محمود والذى كان بمواقفه الصلبة ضد الارهاب الاخوانى مثالا للصلابة فى المبدأ وفى الدفاع عن استقلالية القضاء والذى قدم برفضه لقرار حكم الجماعة الارهابية بعزله من منصبه مثالا للقضاء الوطنى الشامخ والصامد فى وجه ظلم وغطرسة الارهاب ..تسلم (هشام بركات) الامانة منه وصار على دربها الصعب وسط الاشواك والمعارك التى كانت تغلى بها مصر وقتذاك ولم يخضع لعنف الاخوان والجماعات المسلحة .. فما كان من هذا الارهاب المجرم الا إبعاده (جسديا ) واغتياله بغدر وخسة مشهود لهم به منذ استشهاد المستشار أحمد الخازندار يوم 22/3/1948 وحتى اليوم (2024) لكنه بقى ( روحا ومعني) عبر التاريخ وسيظل !..ترى ماهى حكاية هذا المستشار البطل وماهى أبرز الدروس المستفادة من سيرته العطرة والتى نتذكرها يوم استشهاده العظيم ؟
>>>
– ولد هشام بركات فى 21 نوفمبر من عام 1950 أولا:
– حصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيد جدا عام 1973، وفى نفس العام بدأ العمل فى النيابة العامة معاونا للنيابة .
– تدرج فى العمل بالعديد من النيابات على مستوى الجمهورية والتحق بالعمل فى المحاكم الابتدائية ثم الاستئناف والدوائر الجنائية ، حتى تولى مسئولية المكتب الفنى لمحكمة استئناف الإسماعيلية لمدة عامين خلال رئاسة المستشارين ايميل حبشى ونبيل صليب لها .
– وقد نظر قضية محاكمة المتهمين فى قضية أحداث ستاد بورسعيد. كما تولى أيضاً قضية هروب المساجين من سجن وادى النطرون، والذين كان من بينهم الرئيس الاخوانى المعزول محمد مرسي. ثم تم انتدابه رئيساً للمكتب الفنى بمحكمة استئناف القاهرة وقام مجلس القضاء الأعلى المصري، فى يوم 10 يوليو 2013، بالموافقة على ترشيحه وتعيينه رسمياً فى منصب (النائب العام ) وهو–وقتها– من القضاة المدافعين على استقلال القضاء المصري، ثم قام بأداء اليمين الدستورية أمام الرئيس المستشار عدلى منصور. وفى أول تصريحاته الصحفية، أكد أنه سيسعى لإجراء تحقيقات موسعة بمعاونة أعضاء النيابة العامة، من أجل الانتهاء من جميع القضايا المفتوحة، وأضاف أنه يسأل الله أن يكون معه فى تحمل المسئولية… وكما هو معروف جاء قرار تعيينه نائبا عاما فى أوقات صعبة كانت تمر بها البلاد وقتها ليكون معبرا عن مرحلة جديدة تعيشها مصر بعد ثورة 30 يونيو.
لم يمر عامان على تعيينه حتى قامت الجماعات المسلحة وبرعاية إخوانية – داعشية ..باغتياله !
تقول وقائع هذا اليوم الحزين فى تاريخ القضاء المصرى …يوم استشهاد المستشار هشام بركات انه فى 29 يونيو 2015 وبخسة معلومة عن جماعات الاسلام السياسى المسلح بقيادة الاخوان والدواعش الجدد تربصت مجموعة مجرمة من هؤلاء القتلة بموكب هشام بركات الذى كان فى طريقه الى عمله وقاموا بزرع (سيارة مفخخة) استهدفت موكبه خلال تحركه من منزله بمنطقة مصر الجديدة إلى مقر عمله بدار القضاء العالى فى وسط القاهرة، أصيب النائب العام على إثر التفجير بنزيف داخلى وشظايا وأجريت له عملية جراحية دقيقة فارق فى أعقابها الحياة فى مستشفى النزهة الدولي. جاء الاغتيال بعد قرابة الشهر من دعوة الجماعة الارهابية المعروفة باسم «ولاية سيناء» وهى ذراع تنظيم داعش فى مصر والذى كان على تنسيق دائم مع جماعة الاخوان منذ ثورة يناير 2011 أتباعها إلى مهاجمة القضاة. إثر تنفيذ حكم الإعدام فى ستة أفراد من عناصرها وقد قام الاتباع وبمعونا جماعة الاخوان بتنفيذ المطلوب منهم كما أكدت التحقيقات ذلك فيما بعد ! ففى مايو 2016 نشرت صحف مصرية تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى قضية اغتيال المستشار هشام بركات نصاً وبالصوت والصورة مع المتهمين وكان بعضها فى مسرح الجريمة، والتى كشفت أن مرتكبى الجريمة هم من عناصر المجموعات المسلحة المتقدمة بجماعة الإخوان الارهابية بالتعاون مع الدواعش خارج مصر ! ..
واستمرت التحقيقات مع المتهمين المجرمين قرابة الاربع سنوات (وهذا تأكيد للنزاهة وللحيادية المطلقة للقضاء المصرى رغم عظم الجرم المرتكب وفداحته على المستوى القومي) وفى 22 يوليو 2017 قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن فريد بإعدام 28 متهمًا، لإدانتهم باغتيال المستشار هشام بركات، وعاقبت 15 متهمًا بالسجن المؤبد، و8 متهمين بالسجن المشدد 15 سنة، و15 متهمًا بالسجن المشدد 10 سنوات، وانقضاء الدعوى الجنائية لمتهم واحد توفى قبل الفصل فى الدعوي. فى 25 نوفمبر 2018 أيدت محكمة النقض حكم الإعدام على 9 متهمين فى قضية اغتيال المستشار هشام بركات، كما قضت بتخفيف حكم الإعدام على 6 متهمين آخرين إلى السجن المؤبد.
وفى 20 فبراير 2019 نَفذ الحكم القضائى بالإعدام شنقاً بحق 9 مدانين باغتيال المستشار هشام بركات.
خلاصة الامر وفى ذكرى الاستشهاد العظيم لنائب عام ومحامى الشعب المستشار هشام بركات ..أنه قدم نموذجا وطنيا فذا لمواجهة الارهاب الاخوانى – الداعشى مضحيا بنفسه فى سبيل الوطن وفى سبيل مبادئ وقيم العدل ومدافعا عن محراب القضاء المصرى النزيه فى مواجهة تتار هذا الزمان : الاخوان والدواعش ….فسلام عليه يوم أستشهد وسلام عليه يوم يبعث حيا !فلقد كان فى مواجهة الارهاب المسلح –نزيها شريفا شجاعا !.