كان الله فى عون الدكتور مصطفى مدبولى المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، لأن خطاب التكليف الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى تضمن عدة محاور مهمة جداً، أبرزها على الإطلاق مراعاة اختيار الوزراء الجدد طبقاً لخطاب التكليف الذى يهتم بمحددات الأمن القومى المصري، وتطوير الخطاب الدينى المعتدل، وأهم من هذا هو بناء الإنسان المصرى الذى يتطلب تغييراً شاملاً فى الثقافة والتعليم. كل هذه القضايا الواردة فى خطاب التكليف تستدعى مشقة بالغة من «مدبولي» من أجل حسن الاختيار، والدقة المتناهية لمن يستطيع أن يتولى الحقائب الوزارية المختلفة.
هذا بالتبعية يقودنا إلى الحديث عن ضرورة اختيار وزراء أو حتى محافظين سياسيين، فالوزير السياسى أو المحافظ السياسى هو من يقدر على هذه المهمة الشاقة جداً. وأعتقد أن الوزير السياسى هو الوحيد القادر على تنفيذ ما ورد فى خطاب التكليف، وبالتالى فإن الدكتور مدبولى لم يعد أمامه خيار فى هذا الشأن سوى اختيار الوزير أو المحافظ السياسي، لتنفيذ متطلبات الحكومة الجديدة كما يراها الرئيس السيسي، وهذا لا يمنع أبداً أن يكون نواب أو مساعدو الوزير من التكنوقراط لتنفيذ ما يطلب منهم.
ولذلك لا أرى غضاضة فى تأنى الدكتور مدبولى فى عملية الاختيار، والحمد لله مصر بها قامات سياسية ولديها أفكار عظيمة تلبى هذه المتطلبات الواردة فى خطاب التكليف. ولذلك فإن السرعة فى الاختيار مرفوضة فى ظل قيام الحكومة السابقة بتسيير الأعمال المطلوبة. والسرعة فى هذا الشأن ضررها بالغ بالدرجة الأولى على الدكتور مدبولى وعلى الوطن والمواطن. كما أن الولاءات فى هذا الشأن مرفوضة جملة وتفصيلاً، لأن القضايا الواردة فى خطاب التكليف تستوجب حسن الاختيار، وبما يليق بالمرحلة الجديدة من عمر البلاد فى ظل بنية أساسية وضعتها مصر، وتتطلب نوعاً معيناً من الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات الكبرى بالبلاد.
أتمنى على الله أن يعين الدكتور مدبولى فى عملية الاختيار لتنفيذ ما ورد فى خطاب التكليف الذى يهدف فى نهاية الأمر إلى بناء الإنسان المصرى ومحددات الأمن القومى الذى يواجه تحديات بشعة تجعل عيون الدولة ساهرة على هذا الأمر الخطير، وأعتقد للمرة المليون أن اختيار الوزير أو المحافظ السياسى هو ضرورة حتمية أمام مدبولي.
الوزير أو المحافظ السياسي، هو القادر الوحيد على تنفيذ رؤية مصر من خلال الحكومة الجديدة فى الفترة المقبلة. وهناك مقترحات مهمة فى عملية اختيار التشكيل الوزاري، ويأتى على رأسها ضرورة تأنى الدكتور مدبولى فى عملية الاختيار وأن معيار الاختيار يجب أن يكون متوافقاً مع المرحلة الجديدة من عمر البلاد،لأن الأمور الآن تختلف عما سبق، فمصر حققت إنجازات رائعة خلال السنوات الماضية فى كافة المجالات خاصة البنية التحتية، والقادم يحتاج إلى ضرورة ضخ الاستثمارات الضخمة فى البلاد..
خطاب التكليف تحدث عن بناء الإنسان المصرى من خلال أمرين مهمين هما الصحة والتعليم، وهذان الملفان يحتاجان مجهوداً شاقاً خاصة ملف الصحة لاستكمال ما تم إنجازه فى هذا الملف. كما أن ملف التعليم يحتاج إلى مواجهة حاسمة وتحدٍ كبير فى ظل خراب العملية التعليمية، ولذلك فإن خطاب التكليف كان من محدداته الحديث عن تطوير التعليم، وكلنا يعلم أن هناك ملفات كان مسكوتاً عنها على مدار عقود من الزمن، حتى جاءت ثورة 30 يونيو، لتفتح هذه الملفات بشجاعة كبيرة تحسب للقيادة السياسية، وملف التعليم مازال يحتاج إلى مجهود شاق.
ولا يجب التفريط فى أن يكون داخل الحكومة بعض التكنوقراط من خلال الوزير السياسى حتى تكون الحكومة جاهزة تماماً لتفعيل الرؤية الواردة فى خطاب التكليف، وأتفق مع هذا الرأى أيضاً فى ضرورة وجود الفنيين المتخصصين بكل وزارة مع الوزير السياسى الذى يضع الرؤية الثاقبة للحكومة الجديدة، وهذا كما قلت من قبل يتطلب من الدكتور مدبولى أن يختار بمعيار مختلف عما اختار به حكومته المستقيلة.