يبدو أن نتنياهو ومعه سموتريتش وبن غفير باتوا خارج سيطرة بايدن والبيت الأبيض، الذى يرسل الوسطاء إلى المنطقة فى محاولة السيطرة على الاوضاع ومنع تفجر حرب اقليمية كبري، ويشكلون عقبة فى طريقه نحو فترة رئاسية جديدة، لأنهم يريدون للحرب أن تستمر فى غزة ضد المقاومة الفلسطينية والقضاء عليها نهائيا حتى لا تعاود ما فعلته فى السابع من أكتوبر، وضد حزب الله الذى يمطر شمال الكيان الاسرائيلى يوميا بعشرات القذائف والصواريخ والمُسَيًّرات الانقضاضية التى تؤرق الحكومة الاسرائيلية حينما تتسبب فى قتل وإصابة المستوطنين وتحرق أراضيهم وبيوتهم.
نتنياهو فى حواره الأخيرة مع إحدى القنوات العبرية كشف وجهه القبيح وأنه يريد صفقة جزئية يستعيد بها بعض الأسرى ليبيض وجهه أمام المجتمع الإسرائيلى ثم يستأنف الحرب مرة أخرى ليقتلع حركة حماس غير مبالٍ بعشرات الآلاف من القتلى المدنيين فى قطاع غزة، والبدء فى حرب أخرى ضد حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله الذى يتحدى أن المعركة القادمة مع إسرائيل ستكون بلا ضوابط ولا قواعد.
فى الضفة الغربية أعدًّ تابعه سموتريتش خطة لتفكيك السلطة الفلسطينية التى باتت على وشك الانهيار بفعل ما يقوم به الإحتلال يومياً من اقتحامات واغتيال الناشطين والمقاومين فى المناطق التى تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بما يشكل لها حرجاً كبيراً أمام الشعب الفلسطيني، ثم فرضْ السيطرة المدنية على الضفة الغربية ومنعها من أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية بما ينهى أى محاولة من جانب الشعب الفلسطينى للعيش بحرية فى دولة مستقلة، ولكنه لا يعلم أن الوضع فى الضفة يشكل خطرًا كبيراً بعد انضمام المئات من الشباب الفلسطينى بينهم عناصر تنتمى لحركة فتح إلى تشكيلات وكتائب المقاومة فى الضفة وينفذون عمليات مؤلمة لجيش الإحتلال ومستوطنيه، وأصبح لديهم التدريب الكافى لتصنيع العبوات المتفجرة محليا وربما يصنعون قذائف الياسين قريبا.
فى وسط هذا الزخم الملتهب تزداد الأوضاع سوءا داخل الكيان الإسرائيلى فالخناق يضيق حول رقبة نتنياهو والهوة تتسع بينه وبين اليسار الإسرائيلى وتظاهرات أهالى الأسرى الإسرائيليين مستمرة والجيش الإسرائيلى يتكبد يوميا خسائر كبيرة داخل غزة وعلى الحدود الشمالية مع لبنان.
المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس والجهاد أعادت تنظيم صفوفها داخل قطاع غزة وكونت مجموعات عنكبوتية صغيرة تخرج من الأنفاق ومن بين ركام المبانى التى تم قصفها وتدميرها، لقنص الجنود الإسرائيليين وقصف الآليات العسكرية بقذائف الياسين دونما مواجهات مباشرة، ومؤخراً أًدخلت صاروخاً موجهاً جديداً للمرة الأولى للمعارك الدائرة فى رفح يستطيع تحقيق إصابات مباشرة وقوية ضد الآليات الإسرائيلية.
أعتقد أنه ليس أمام نتنياهو وفريقه إلا خياران، إما وقف العدوان على غزة، والانخراط فى صفقة تبادل الأسرى مع حركة المقاومة حماس وعودة الهدوء إلى المنطقة قبل امتداد النيران لأفق لن يستطيع أحد إطفاءها وهذا هو ما تسعى إليه وتريده واشنطن وهى ترى صورة إسرائيل تنهار وتتداعى فى المنطقة وجيشها يتعثر أمام حماس وحزب الله.