ثلاث ملاحظات أساسية ننطلق منها ونحن نحتفى بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو والتى تتواكب هذا العام مع تغيير وزارى شامل يجسد إحدى المراحل المهمة و» الحاسمة» فى دولة 30 يونيو وفى ظل المسئولية الكبيرة التى تتحملها الحكومة فى الوقت الراهن بما يشهده من أزمات دولية وإقليمية، الملاحظة الأولى فى هذا السياق هى زيادة الأمور تعقيدا على المستوى الدولى بسبب استمرار الحرب الروسية– الأوكرانية ومرورها بمنعطف جديد وخطير يلوح بامكانية نشوب حرب نووية بين روسيا وحلف الناتو، الأمر الذى جعل الرئيس الصربى يوصف هذه التوقعات بأنها قريبة وأن «حربا نووية قد تشتعل خلال ثلاثة أو أربعة شهور»، فى إشارة إلى أن السلام العالمى بات على حافة الهاوية ويبحث عمن ينقذه ويعود به إلى ما قبل24 فبراير 2022 وهو موعد اشتعال الحرب فى أوكرانيا.
الملاحظة الثانية وتتعلق بصعود اليمين المتطرف فى أوروبا خلال الانتخابات البرلمانية الاخيرة – وهى حسب صحف غربية– نتيجة طبيعية للحرب الروسية – الأوكرانية والاستياء من العولمة والسياسات الاقتصادية الليبرالية التى تسببت فى تراجع اقتصاد أوروبا وجعلها تعيش فى واقع معيشى صعب لايقارن بما كان عليه الحال عام 2008 واقترابه من نفس المرتبة التى كان عليها الاقتصاد الأمريكى بينما الأخير يتفوق على نظيره الأوروبى حاليا بنحو عشرة تريليون دولار، فهذه المقارنة ستفرض سياسات اقتصادية جديدة فى أوروبا ستتأثر بها الدول الفقيرة بالتحديد ، كما ستقود إلى الدعوة لتفكيك الاتحاد الأوروبى والخروج من منطقة «اليورو»، وهى خطوة فى حال تنفيذها ستؤثر بالسلب على الاقتصاد العالمي.
الملاحظة الثالثة : وهى خاصة بالوضع الإقليمى المتأزم فى الشرق الأوسط بسبب العدوان الإسرائيلى على غزة والمستمر منذ نحو تسعة شهور ومحاولة الاحتلال تصفية» القضية الفلسسطينية وتفريغها من محتواها، بل وتهديد الكيان الصهيونى بمد الحرب إلى لبنان فى عربدة حقيقية بالمنطقة ، هذا إلى جانب تعقد الأزمة فى السودان الشقيق ، والتى لا يبدو أنها ستنتهى على الأقل فى المدى القريب، بما يعنى أن مصر سوف تعانى على مدى الشهور القادمة من أزمات شقيقاتها وهى أزمات من العيار الثقيل، لها تكلفتها العالية ولها تداعياتها الخطيرة والمؤثرة بالمنطقة.
هذه القراءة السريعة لابد أن نتوقف عندها ونحن نحتفى هذا العام بثورة 30 يونيو ومنجزاتها التى لولاها لكنا نعانى الآن على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، فليس هناك ثمة شك أن الثورة التى أجهزت على نظام جماعة الإخوان عام 2013 وانهت مخطط تقسيم مصر والمنطقة ، نجحت هذه الثورة فى الحفاظ على مؤسسات الدولة ومحاربة الإرهاب، وتطوير القوات المسلحة إلى جانب تنفيذ مشروع تنموى عملاق فى كافة الاتجاهات، والأمر المؤكد انه لولا هذه المنجزات ما كانت مصر قادرة على مواجهة التعقيدات الدولية والإقليمية المتلاحقة، ولا توفير الأمن والأمان وكل ما نتمتع به من استقرارالآن، وهى المنجزات التى تحاول بعض الجهات المعادية التشكيك فيها والنيل من مصر وشعبها.
الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إحدى المناسبات الوطنية السابقة قال: « إنه بالإرادة الوطنية للمصريين يمكن أن ننجح فى التغلب على كافة المشاكل التى طرأت فى الفترة الأخيرة، وأن الشعوب تستطيع فعل المستحيل من أجل بلادها والدليل على ذلك تجربتى اليابان وألمانيا اللتين حطمتهما الحروب وحولتهما إلى دمار، وبإرادة شعبيهما ووعيهما وإدراكهما بحجم التحديات والعمل أدى إلى نهوضهما سريعا وتربعهما على عرش العالم، ومن هذا المنطلق فإن رهاننا على المصريين رهان مماثل وأن الشعب المصرى سيواجه التحديات التى تمر بها بلاده بالمنطق والعقل والحوار دون أن ينخدع بالمشاعر ويستطيع كل مواطن عبر هذا الإدراك أن يفهم طبيعة المرحلة، التى تمر بها بلاده وأن يكون قادرا على المشاركة وفق هذا الفهم».
ما ذكره الرئيس السيسى لا يحتاج إلى توضيح. ولكن ما يحتاج إلى تأكيد هو إدراكنا لما هو قادم من تحديات، فهى لا تقل خطورة عن تحديات ما قبل 30 يونيو 2013 وربما تزيد.. فلننتبه.