لم تنتصر مصر فى حروبها مع قوى الشر وأعدائها لأنها الأقوى أو لأنها الأكثر تفوقاً.. بل انتصرت وتفوقت بفضل اصطفافها وتماسك شعبها وجبهتها الداخلية.. وان المصريين كانوا على قلب رجل واحد.. هذا ما يكرره ويؤكده دائما الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قوله: «أى تهديد خارجى نحن قادرون عليه.. المهم ان نكون على قلب رجل واحد» مشيراً بقبضة يده تجسيداً لقوة الاتحاد والاصطفاف.
وفى احدى زياراتى للصعيد ركبت القطار وشاءت الصدفة ان يجاور مقعدى رجل تبدو عليه ملامح الوقار وهو رجل وطنى قارئ جيداً للتاريخ المصري.. شديد الثقافة تبادلنا الحوار حول ما يدور ويحدث فى المنطقة.. وكانت المعركة ضد الإرهاب وقتها محتدمة.. لكنه بادرنى بمجموعة من الأسئلة عندما شرحت له حجم التحديات والتهديدات التى تواجه الدولة المصرية فى كل اتجاه وأيضاً تحديات الداخل من تطرف وتشدد وإرهاب وحروب الأكاذيب والشائعات.. سأل: هل انتصرنا على التتار إمبراطورية التوحش والرعب والإجرام لأننا الأقوى منهم؟ ثم طرح سؤالاً آخر.. هل انتصرنا على الصهاينة فى أكتوبر 1973 وما لديهم من دعم أمريكى وغربى مطلق لأننا الأقوى فى السلاح؟.. هل كان هناك عقل يتصور أو يتخيل أو يتوقع ان الإخوان سوف يرحلون عن حكم مصر قبل أن يكملوا عامهم الأول وهم أيضا المدعومون من أمريكا والغرب والصهيونية العالمية؟.. وهم أداة المؤامرة على مصر ودول المنطقة.. وهل كان يتوقع مخلوق ان مصر ستقوم لها قائمة بعد ما حدث فى يناير 2011 ثم وصول الإخوان المجرمين إلى حكم مصر؟.. قلت له لم نكن بالفعل الأقوى منهم بل كانت قدراتهم وامكانياتهم أو عدتهم وعتادهم تبدو للجميع أقوى من قدراتنا.. طرح سؤاله الأخير.. لماذا انتصرنا وتفوقنا عليهم؟.. بل حققنا الأمجاد والانتصارات والمعجزات وأنقذنا العالم والمنطقة وانتشلنا مصر من السقوط؟.. أجاب هو ان قوة إرادة المصريين فى أمرين.. الأول: ان يعرف ويعلم ويحاط بالخطر الذى يهدد وطنه وتفاصيل التحديات والأزمات والمشاكل التى تواجه هذا الوطن والأمر الثاني: الناتج عن الأول هو الاصطفاف والالتفاف والاحتشاد خلف الوطن.. وهذا يأتى بسبب الوعى والفهم.. واستشعار الخطر على الوطن.. ساعتها يتحول المواطن المصرى إلى مارد.. قادر على تحمل كافة التحديات والأزمات.. وجاهز للتضحيات والبذل والعطاء.. ومن يقرأ تاريخ مصر يجد ان المصريين انتصروا بالقليل بفضل إرادتهم وصلابتهم وتماسكهم واصطفافهم.. إلى هنا انتهى الحوار مع هذا الرجل الوقور البسيط الوطنى المثقف.. وما أشبه الليلة بالبارحة.. المؤامرة على مصر مستمرة لم ولن تتوقف لأن هناك أهدافاً خبيثة وشيطانية ومخططات تحاك لها وانها مطلوبة ومستهدفة لتنفيذ سيناريوهات وإعادة رسم المنطقة طبقا لأهداف قوى الشر.. ومصر تقف شوكة فى حلق هذه المؤامرات والمخططات.. لذلك يحاصرونها بالصراعات والأزمات والتوترات والحرائق من كل الحدود والاتجاهات الإستراتيجية ويمارسون عليها أشد أنواع الحصار ويستهدفون عقول شعبها بالأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه ومن هنا تستطيع أن تكتشف أسباب استمرار هذه الحملات التى تستهدف عقول ووعى المصريين لأن كلمة السر ومصدر القوة لدى هذا الوطن فى قوة وعى واصطفاف شعبه.. هى القوة الجبارة والباترة التى تهزم قوى الشر وتسقط مخططاتهم وتجهض محاولات الابتزاز والتركيع وفرض الأمر الواقع ومحاولات كسر الإرادة التى تحطمت على صخرة الشرف والقوة والتحدى المصري.
لك ان تتخيل ما يحاك لمصر وما يحيطها من كل اتجاه وما يستهدفها من قوى الشر البعيدة والقريبة.. فإذا نظرت على الخريطة وقرأت الواقع تجد مصر محاطة بحرائق وصراعات من الجنوب والغرب والشرق والشمال.. تواجه تهديدات وجودية فى محاولات العبث بمواردها الإستراتيجية أو عزلها عن محيطها الإقليمى وتهديد أمنها القومى وتجميد مصادر مواردها بفعل فاعل.. وتصدير الأزمات فما يجرى جنوباً بشقيه سواء فى داخل السودان الشقيق أو فيما يتعلق بتهديد الموارد الوجودية المصرية وشرقا فى استمرار العدوان الهمجى الإسرائيلى على قطاع غزة فى شهره التاسع ليس هدفه كما يروج الصهاينة تدمير حماس والمقاومة أو اطلاق سراح الرهائن والأسرى الإسرائيليين الذين لا تبالى بهم ولا تبدى اهتماماً بهم دولة الاحتلال ولكن الهدف الحقيقى التوراتى كما بدا فى تصريحات أئمة التطرف والبربرية والحقد فى إسرائيل أو على أكتاف جنود جيش الاحتلال الذين يحملون خريطة مزعومة لإسرائيل الكبرى من النيل للفرات وهنا يبقى الهدف الحقيقى هو مصر.. وتحديداً سيناء من خلال تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على سكان القطاع واجبارهم على التهجير والنزوح وتدمير كافة مقومات الحياة فى غزة وهذا العدوان الذى لم يتوقف على مدار تسعة أشهر على غير عادة إسرائيل التى لا تفضل إطالة زمن حروبها حوَّل البحر الأحمر إلى منطقة اضطرابات وتوترات انعكست على العمل والموارد ومعدلات المرور بقناة السويس.. وها هى نذر الحرب الشاملة على الجبهة اللبنانية بين حزب الله وجيش الاحتلال ولتوسع الحرب إلى البحر المتوسط وانتقال قوى دولية للساحة الجديدة وبالتالى نحن أمام تداعيات جديدة على مصر.. من هنا وفى ظل هذا الواقع الصعب تبرز أهمية وحتمية ووجودية بناء الوعى المصرى الحقيقى والاطمئنان على صلابة الجبهة الداخلية وقوة التماسك والاصطفاف وهى سر الأسرار فى العبور فى أتون التحديات والتهديدات.. وهنا أقول حتى تواجه وتعبر وتهزم التحديات والتهديدات الخارجية وانطلاقا من رؤية الرئيس السيسى لابد من تنمية وترسيخ مبادئ مهمة لدى المصريين.
أولاً: العمل قدر الاستطاعة وبإرادة قوية على حل الأزمات الداخلية وهى جاءت من تداعيات وظروف خارجية.. لكن من المهم تحدى أنفسنا فى حل مشكلة ارتفاع الأسعار وضمان تحسين مستوى المعيشة للمواطنين وإنهاء الأزمات ولعل ما وجَّه إليه الرئيس السيسى فى حل أزمة الكهرباء فى وقت محدد وخروج الدكتور مصطفى مدبولى فى مؤتمر صحفى للحديث للناس هو عين العقل والرؤية ليضع النقاط على الحروف وفق جدول زمنى محدد.. وأيضاً وضع جداول لتخفيف الأحمال وأهم تحد يواجه المواطن هى قضية الأسعار ولا توجد غيرها.
ثانياً: الحديث إلى الناس باستمرار بأسلوب سهل ومبسط وبلغة واضحة عن أهم التحديات والتهديدات التى تواجه مصر وطبيعة هذه التهديدات والمؤامرات والمخططات وحقيقة وفهم ما يجرى فى المنطقة وموقع مصر منها وبالتالى تبرز أهمية وجود مضمون محتوى نخاطب به الناس وتحدد مجموعة من النقاط والأهداف والرسائل التى نريد توعية الناس بها وترسيخها فى عقولهم من أجل بناء الوعي.
ثالثاً: الإصرار على مواصلة الشفافية والمصارحة والتشاركية فى الحفاظ على الوطن وعبوره بين المواطن والحكومة وأيضاً الحفاظ على مبدأ تحقيق العدالة والموضوعية فى كل شيء.
وللحديث بقية
تحيا مصر