أوروبا تمنعه من اختيار الموظفين الجدد.. والصين تحمى حقوق الملكية
فى نوفمبر الماضى علم المواطن الكندى جاك بيريفمنت من برنامج المساعد الآلى للخطوط الجوية (إير كندا) أنه يمكنه استرداد ثمن تذكرة الطيران إذا كان سيذهب بها إلى جنازة والدته. اشترى جاك تذكرتى ذهاب وإياب، وقدم طلبًا لاسترداد ثمنهما. رفضت الشركة لأنه قدم الطلب بعد الشراء، المساعد الآلى كان قد أخبره عكس ذلك. رفع جاك قضية على الشركة، لكنها تنصلت من خطأ مساعدها الاصطناعى الذى توفره إلى عملائها. رفض القضاء حجة الشركة، وحكم فى فبراير الماضى بأن تدفع الشركة ثمن التذكرة وأتعاب القضاء.
تنظيم الذكاء الاصطناعى ضرورة
الذكاء الاصطناعى موجود فى كثير من أعمال الإنتاج من الإبرة إلى الصاروخ، وكثير من الخدمات مثل الصحة وغزو الفضاء، هذا لا يعنى كما يظن بادى الرأى أن تحل الآلة محل الإنسان، إلا بإشراف الإنسان عليها مراعاةً لعواقبه. أدت تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعى إلى اتهام أشخاص زورًا بارتكاب جرائم. وانتشرت صورة زُيفت بالذكاء الاصطناعى لانفجار قرب مقر وزارة الدفاع الأمريكية، مما أفقد الأسهم الأمريكية بعض قيمتها بعض الوقت. وشجعت الشركات الرائدة فى الذكاء الاصطناعى مثل جوجل ومايكروسوفت و(أى بى إم) و(أوبن إيه أي) الكونجرس على ضرورة تشريع رقابة الحكومة الفيدرالية على الذكاء الاصطناعى لضمان السلامة منه. كل ذلك دفع دول العالم إلى نقاش تقنين الذكاء الاصطناعي.
الاتحاد الأوروبي
قدم البرلمان الأوروبى فى مارس الماضى قانونًا للذكاء الاصطناعى يمنع استخدامه فى تصفية طلبات التقدم إلى الوظائف لئلا يستبعد الأكفاء. كما يقيد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعى الإنشائية مثل (تشات چى بى تي) ويراقب استهلاكها للطاقة (تستهلك طاقة كثيرة كدول بكاملها).
لا يزال القانون فى انتظار موافقة دول الاتحاد عليه، وستواجه الشركات التى تنتهكه غرامة تصل إلى 35 مليون يورو أو 7٪ من مجمل إيراد الشركة، حسب حجمها وما انتهكته، إلا أنه قبيل الانتهاء من نقاش القانون تراجعت فرنسا وألمانيا ووصفتا بعض بنوده بالصرامة الضارة بالشركات الأوروبية الناشئة مثل ميسترال للذكاء الاصطناعى الفرنسية وشركة ألِف ألفا الألمانية.
الصين
صاغت حكومة الصين 24 توجيهًا دخلت حيز النفاذ فى 15 أغسطس الماضى لصيانة حقوق الملكية الفكرية من أن تستغلها خدمات الذكاء الاصطناعى التى تؤلف النصوص والصور والفيديوهات. وكانت الصين قد سنّت قواعد أخرى تحكم خوارزميات الذكاء الاصطناعى التى تستخدمها شركات التقنية فى اقتراح المحتوى كالفيديوهات فى 2022.
الولايات المتحدة
قرار الرئيس الامريكى جو بايدن يشمل معايير الأمن وحماية الخصوصية من الذكاء الاصطناعي، وقد أعلنت 12 شركة التزامها طوعًا. لكن يُعول أكثر على جهود الكونجرس الذين اهتموا بإصدار قوانين حاكمة للذكاء الاصطناعي، أملاً فى إحكام استراتيجية شاملة بها. ومن ذلك إصدار ترخيص لعمل نماذج الذكاء الاصطناعى المتطورة، وافتتاح مكتب فيدرالى مستقل للإشراف عليها ولمحاسبة الشركات على انتهاك الخصوصية والحقوق.
مثلًا يناقش الكونجرس مشروع قانون يشترط على حكومة الولايات المتحدة ألا تستخدم نظامًا آليًا لإطلاق أى سلاح نووى من دون إشراف الإنسان، ومثل مشروع قانون آخر يشترط وسم صور إعلانات السياسة المُصممة بالذكاء الاصطناعى بعلامة دالة على ذلك.
إجمالًا، بحثت أكثر من نصف ولايات أمريكا تقنين الذكاء الاصطناعي، منها 15 ولاية أصدرت قوانين أو قرارات فى 2023، حسب (المؤتمر الوطنى للمجالس التشريعية للولايات).
أهمية الجهود الامريكية
الذكاء الاصطناعى صنع على عين الولايات المتحدة؛ شركات التقنية ومصانع الرقائق الدقيقة المتخصصة الرائدة فى الذكاء الاصطناعى هى أمريكية؛ فالولايات المتحدة أكبر المسؤولين عن الإشراف على هذا المجال. هذا ما أكدته اجتماعات الكونجرس من أن الولايات المتحدة تضطلع بقيادة حوكمة الذكاء الاصطناعى فى العالم. لكن يتخوف خبراء من أن يكون لشركات التقنية تأثير كبير على القوانين بتفصيلها على مقاسها.
شركات التقنية
تعهدت شركات التقنية الرائدة مثل أمازون وسيلز فورس و(أى بى إم) بالتزامها طوعًا معايير الشفافية والأمن التى أوصت بها إدارة بايدن، مثل الامتناع عن نشر منتجات الذكاء الاصطناعى الجديدة إلا بعد اختبارها فى الشركة وخارجها. وفى سبتمبر الماضى استدعى الكونجرس كبار اقطاب التقنية مثل إيلون ماسك وبيل جيتس لتقديم المشورة بشأن جهوده لإنشاء جهاز تنظيم للذكاء الاصطناعي. لكن تحتاط الشركات من أن تشمل القواعد الأمريكية مطورى منتجات الذكاء الاصطناعى مع مستخدميها، مثلًا أكدت مايكروسوفت عجزها عن توقع كل ما سيحدثه نشر أنظمة الذكاء الاصطناعى واستخدامها.