لابد ان نعجب من الذين لا ينظرون إلى ما حدث من خراب وتدمير فى غزة.. ويقولون ان نتنياهو لم ينجح فى تحقيق اى هدف من أهدافه.. وعلى رأسها القضاء على حماس.. ولكن هؤلاء ينسون ان نتنياهو حقق معظم أهدافه غير المعلنة.. وكان اول هذه الاهداف من اللحظة الاولى لعدوانه على غزة هو تدمير غزة على اهلها.. وقتل اكبر عدد من اهلها.. ومحاولة دفع الباقين إلى سيناء.. وقد حقق الدمار الشامل لقطاع غزة .. حقق ما لا تحققه القنبلة الذرية التى كان احد وزارئه يدعوه إلى القائها على غزة .. حقق اكبر عدد من القتلى والتشويه للآلاف من اهلنا فى غزة.. وانتقاما لعدة مئات من قتلاه.. قتل حتى الآن اكثر من 38 ألف فلسطيني.. وأصاب وأعاق أكثر من 85 الف فلسطيني..
نتنياهو دمر البنية الاساسية والتحتية والفوقية.. والمستشفيات والمدارس والجامعات ودور العبادة للمسلمين والمسيحيين.. ودمر المعالم الاثرية والتاريخية.. وقام بحرث الشوارع.. لم يعد هناك شارع واحد مرصوف.. ودمر مواسير المياه والصرف الصحي.. ودمر محطات الكهرباء.. ومحطات تحلية المياه .. ومحطات الصرف الصحي.. قضى نتنياهو على كل فرص الحياة فى غزة بعد ان يتركها.. ان تركها.. واضاف إلى كل جرائم القتل بالنار قتلا بالحصار والتجويع.
نتنياهو استولى على معبر رفح الفلسطينى وممر فلادلفيا ليحكم سيطرته على غزة بعد الحرب.. ان تركها.. ويقضى على المنفذ الوحيد الذى كان يربط غزة بالعالم.. والهدف الوحيد غير المعلن.. والمعلن كذلك الذى لم ينجح فيه حتى الآن هو التهجير القسرى لأبناء غزة إلى سيناء.. ولم يكن هذا تقصيرا منه انما كان فشله بسبب الموقف الحازم التى اتخذته مصر منذ اللحظة الاولى للعدوان والذى اعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد ان اتضحت نوايا العدوان.. والصمود البطولى لأهالى غزة رغم كل ماحدث ويحدث لهم من قتل يومي.. وتدمير وخراب لم يحدث عبر التاريخ فى اى مكان بالعالم.. حتى معارك الحرب العالمية الثانية..
هل بعد هذا نقيس نجاحه أو فشله لمجرد انه لم يقض على حماس؟.. وهل ستجد حماس ان بقيت تعمل فى غزة اى مجال لعملها سواء بقيت أو قضى عليها.. او قضت الاتفاقات القادمة بما يمنع من تواجدها؟..
لقد اعترف جيش الاحتلال بأن القضاء على حماس غير ممكن لأنها فكرة.. ولكن حماس بعد ان تهدأ المدافع سيبدأ الناس فى الحساب.. سينظرون حولهم فى ألم هم يعيشونه كل لحظة.. ولكنهم سينظرون إلى ما حولهم.. ويتساءلون لماذا كان كل هذا.. ثم يكون هناك السؤال الأكبر عن كيفية الحياة فى القطاع إذا كان نقل الأنقاض فقط يتطلب فى أقل تقدير 14 عاما.. وذك بفرض استخدام مائة شاحنة يوميا لنقل 39 مليون طن بمتوسط 107 كيلو جرامات لكل متر مربع من القطاع.. فكيف بالتعمير.. وكيف سيعيش الفلسطينيون بعد ذلك دون ماء.. دون كهرباء.. دون صرف صحي.. دمر نتنياهو كل شيء.. وكان هذا هو هدفه الاكبر.. وحققه هذا فعلا.
ولكنه مع كل هذا فشل فى تحقيق اهم اهدافه غير المعلنة منه والمعلنة من غيره.. وهو دفع أبناء غزة.. ومن ثم الضفة إلى الهجرة خارج الوطن.. موقف مصر الصلب الذى اعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ البداية برفض التهجير إلى سيناء والذى عرفه العالم كله.. واقره العالم كله عليه.. هو الذى اوقف جنوح نتنياهو فى ان يخلى غزة من سكانها لتصبح أرضا خالية بلا شعب.. يتصرف فيها كما شاء.
كما ان صمود ابناء غزة وقبولهم التضحيات الجسيمة وتمسكهم بأرضهم مهما كانت التضحيات.. افسد المخطط الصهيونى الذى نجح فى عام 1948 حينما نفذت عصابات الصهيونية المذابح فجعلت الفلسطنيين يفرون على أمل انهم سيعودون بعد اسابيع أو شهور.. و لكن للاسف لم يحدث.. وابتلعت إسرائيل الأرض.. وعى الفلسطينيون الدرس وتحملوا المذابح والمجازر وتمسكوا بالأرض.
وستبقى فلسطين.. وستعود يوما ما.. اما نتنياهو فهو إلى مزبلة التاريخ.. لا شك فى هذا..
رحيل رائد آخر
يوما بعد يوم تفقد صناعة السياحة المصرية بعضا من قممها ورموزها.. الذين اسهموا بجهدهم وحماسهم فى وضع الكثير من لبنات بناء صناعة السياحة المصرية الحديثة.. فقد فقدنا منذ شهور المحمدى حويدق.. وهو رائد من رواد السياحة العظام الذين صنعوا علامات فارقة فى تاريخ السياحة المصرية الحديثة.. ومنذ ايام فقدنا عنان الجلالي.. وهو فندقى كبير.. صنع قصة نجاح ملهمة لملايين الشباب الذين يبدأون حياتهم من الصفر.. ويصعدون السلم ليس من أوله.. وانما من اسفله ايضا «أى بداية من البدروم»..
عنان الجلالى كان صاحب السلسلة الفندقية التى اصبحت سلسلة عالمية تنتشر فى دول اسكندنافيا.. و فى المغرب.. ومصر.. وهى سلسلة هلنان العالمية.. وقد ابتكر عنان هذا الاسم من اسم حى مصر الجديدة.. أو هليوبوليس الذى ولد وعاش به.. فأخذ أول حرفين من هليوبوليس.. واكملهما بثلاثة حروف من اسمه وهم نان.. فأصبح هلنان..
عنان لم يأنف ان يبدأ بالبداية المعروفة لكثير من الشباب وهى غسل الاطباق فى أحد فنادق العاصمة الدنماركية كوبنهاجن.. ثم اتى عليه الوقت الذى اشترى الفندق الذى بدأ فيه حياته.. وتوسع فاشترى عدة فنادق أخري.. وادار غيرها.. وكان اول خروج له بادراته الفندقية إلى مصر ليبدأ بإدارة فندق فى القاهرة ثم يتوسع إلى الإسكندرية وبورسعيد والفيوم..