تعد ثورة 30 يونيو العظيمة، تجسيداً حقيقياً، لعظمة المصريين، فى عمق ارتباطهم بوطنهم، وانتفاضتهم عند استشعار الخطر عليه، وهى اللحظة الفارقة الحاسمة التى تدفع هذا الشعب أن يتحول إلى مارد لا تستطيع أى قوة إيقافه، رغم أنه عرف عنه الصبر، والتسامح إلا فيما يتعلق بالأرض والوطن والكرامة، لذلك فإن ثورة 30 يونيو هى أعظم ثورة إصلاحية، وهى الحد الفاصل بين الانهيار والدمار، والبناء، بين الخوف والفوضي، وبين الأمن والأمان والاستقرار فعندما أيقن المصريون أن جماعة الإخوان الإرهابية، تعمل على تدمير هذا الوطن وخيانته، وإضعافه، ورهنه لأجندات خارجية ومشروعات مشبوهة وأن لها ارتباطاتها بقوى الشر، التى تريد نزع مقومات القوة والقدرة من مصر، ووضعها فى خانة الضعف والاستكانة والتقسيم والفتن، لذلك قرر على الفور التخلص وعزل هذه الجماعة الإرهابية اللقيطة التى ولدت من رحم الخيانة والعمالة.
قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى وضع مجموعة من المبادئ المهمة لبناء هذا الوطن أبرزها أن مظاهر الضعف، والأزمات، والتهديدات التى تمس الأمن القومى المصرى لن تتكرر مرة أخري، لذلك عمد إلى بناء أعلى معايير ومقومات القوة والقدرة، فى معناها الشامل والمؤثرة ومعالجة أخطاء ونقاط الضعف التى حاولت قوى الشر النفاذ منها واستغلالها، لذلك فإن رؤية السيسى العبقرية فى تأمين وتحصين الدولة المصرية وأمنها القومي، مضت ومازالت على أسس محسوبة وبدقة، وتشخيص حقيقى وضعت التهديدات والمخاطر التى تحدق بالدولة المصرية نصب عينيها فى كافة الاتجاهات الاستراتيجية، وقياس حقيقى لدرجة خطورة هذه التهديدات وبقراءة لما هو قادم فى المستقبل، بحيث تمتلك مصر القوة والقدرة على حماية جميع حدودها من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، وامتدادات أمنها القومي، براً وبحراً وجواً، وأن قوة وقدرة مصر فى كل اتجاه استراتيجي، كفيلة وقادرة على حماية الأمن القومى بالإضافة إلى امتلاك القدرة على مجابهة التحديات الداخلية واقتلاع جذور تهديدات الداخل مثل الإرهاب والنقص والعجز.
السؤال المهم، كيف نجح وتفوق السيسى فى تمكين مصر من مقومات غير مسبوقة لحماية أمنها القومي، وترسيخ أسس وركائز الأمن والأمان والاستقرار؟ هنا أرى طبقاً لقراءة شخصية فى رؤية الرئيس السيسي، مجموعة من النقاط والمحاور المهمة، كالتالي:
أولاً: قرأ الرئيس السيسى مبكراً فى استشراف عبقرى للمستقبل وخارطة التهديدات التى تحيط بمصر من كل اتجاه، وأدرك أن مصر دولة مستهدفة بعد إحباط وإجهاض المخطط الصهيو ـ أمريكى فى الربيع العربى المزعوم بالفوضى الخلاقة، لذلك كان لزاماً بناء القوة والقدرة الدفاعية الهائلة وفى ذات الوقت الرشيدة والحكيمة، التى تحمى وتصون، ولا تهاجم أو تعتدي، وتضع حماية الأمن القومى ومقدرات الوطن نصب عينيها وقدرتها على الوصول إلى التهديدات البعيدة ووأدها بشكل مبكر.. من هنا كان القرار التاريخى والاستراتيجى للرئيس السيسي، بتطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح فى كافة التخصصات والأفرع، بناء جيش وطنى عصرى قوى وقادر بما لديه من قدرات وخبرات متراكمة، وتفرد فى نوعية مقاتليه، وعقيدته، وأيضاً بما لديه من نظم تسيلح، وقدرة فائقة على استيعابها، وبات الجيش المصرى العظيم أقوى جيوش المنطقة، وأحد أقوى جيوش العالم، براً وبحراً وجواً، ولكنه جيش وطنى شريف ينتهج رؤية وسياسة دولة عظيمة تتسم بالحكمة والرشد، ويدافع عن أمن ومقدرات الوطن، وفرض السيادة وحماية الحدود، ونجح الجيش المصرى العظيم والذى هو بحق عمود الخيمة وقلب وعقل هذا الوطن فى أن تقف مصر على أرض شديدة الصلابة، مطمئنة على أمنها القومى فى مواجهة تهديدات غير مسبوقة فى منطقة تموج بالصراعات والتوترات والأطماع والإيمان بأن مصر دولة مستهدفة بالإضافة إلى كفاءة قتالية واستعداد قتالى وجاهزية، وقدرات عظيمة فى حماية المقدرات والثروات والمصالح المصرية فى البر والبحر، بل وشارك الجيش المصرى العظيم فى انتشال هذا الوطن من الانهيار، والمساهمة فى أكبر وأعظم عملية بناء وتنمية، من هنا فإن قرار الرئيس السيسى والاستراتيجى هو واحد من أعظم إنجازات دولة 30 يونيو، التى استفادت من دروس الماضي، وقرأت المستقبل، وأدركت أن مصر مستهدفة، تحاك لها المؤامرات والمخططات، وتحيطها الأطماع من كل اتجاه بدليل أنه الآن تجد أن كل محيط مصر الإقليمى مشتعل، وتحيطها الحرائق من كل اتجاه لكنها لم تمسها نار وفى أعلى درجات الأمن.
ثانياً: قرر الرئيس السيسى فى تزامن مع بناء القوة والقدرة الدفاعية لحماية مصر وأمنها القومي، واقتلاع جذور التهديدات، إطلاق أكبر عملية بناء وتنمية من أجل إنهاء عقود النقص والأزمات والمشاكل المتراكمة، والاتجاه إلى الإصلاح الشامل فى كافة القطاعات، والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين، والنهوض بمستوى معيشتهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم وتبنى أكبر عملية بناء إنسان فى تاريخ مصر، وصلت إلى كافة ربوع البلاد خاصة فى القرى والنجوع، والقضاء على المناطق العشوائية، ونشر التنمية فى جميع المحافظات الحدودية خاصة سيناء كقضية أمن قومي، وشهدت ومازالت أكبر عملية بناء وتعمير وتنمية، حيث وصلت لاستثمارات بها قرابة التريليون جنيه، وكذلك الصعيد، والقضاء على فيروس سي، والقضاء على قوائم الانتظار والتوسع فى المبادرات الرئاسية فى مجال القمة والتى كان ومازال لها أثر كبير فى حماية المصريين خاصة فى جائحة كورونا وتبنى الرئيس السيسى المشروع القومى للتأمين الصحي، وتسعى الدولة إلى تحقيق طفرات وقفزات فى مجال صناعة الدواء وإقامة مئات المستشفيات الجديدة وتطوير ورفع كفاءة القديمة، والاهتمام غير المسبوق بملف الحياة الاجتماعية، وحماية الفئات الأكثر احتياجاً، وجميعها أمور ترتبط بشكل وثيق بمفهوم الأمن القومى الشامل، وكذلك تمكين الدولة المصرية من أن يكون لها اقتصاد قوى وقادر ويمتلك الفرص الثمينة للنهوض والتقدم وجذب الاستثمارات الكبرى وتجاوز قضية محدودية الموارد من أجل انعكاس ذلك على بناء الإنسان وبالتالى دعم مقومات وركائز الأمن القومي، لأن الرضا الشعبى أحد أهم مقومات الأمن القومي.
ثالثاً: انتهاج مصر سياسة الانفتاح على جميع دول العالم وبناء علاقات تعتمد على التوازن والاحترام المتبادل، وتبادل المصالح وعدم الجنوح إلى الانحياز لمعسكر على حساب آخر أو الاستقطاب فى اتجاه قوة بعينها فمصر تبحث عن مصالحها العليا لذلك تربطها علاقات استراتيجية مع كافة القوى الكبرى أمريكا، الصين، أوروبا، روسيا، الهند، وتعتمد على الحكمة والحوار، وعدم التصادم لبناء جسور التواصل، والتعاون فى كافة دوائر السياسة المصرية، لذلك مصر تمتلك علاقات دولية مثالية، وتحظى باحترام وتقدير الجميع وهى صاحبة الدور والثقل والمكانة الإقليمية والدولية، وهى من أبرز مقومات الأمن القومى بما لدى مصر من أوراق.