احتفالات المصريين بثورة 30 يونيو هذا العام تأتى فى ظل ظروف مغايرة عما سبقها . ظروف عالمية تتصاعد فيها وتيرة الصراع بين القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى من جانب، وروسيا والصين من جانب آخر.. وظروف إقليمية بسبب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وما خلفه من دمار هائل ومجازر وإبادة جماعية تسببت فى سقوط آلاف القتلى والمصابين من الفلسطينيين، وتصاعد التوتر فى البحر الأحمر بسبب هجوم الحوثيين على السفن التجارية، والحرب بين الاشقاء فى السودان وتعرض أبناء الشعب السودانى لأسوأ كارثة انسانية على مدار عقود.
الصراعات والنزاعات الدولية والإقليمية خلقت حالة من الاضطرابات والأزمات الاقتصادية فى العالم كله، وأثرت تأثيرا سلبيا على الأحوال المعيشية للمواطنين فى كل الدول، خاصة فى تلك القريبة من مناطق الصراع ناهيك عن الدول المجاورة لها.
ومصر لم تكن بمنأى عما يحدث فى العالم، ولا عما يحدث على حدودنا الجنوبية والشرقية فى السودان وغزة، وكل هذه الأحداث كان لها تأثير كبير على الاقتصاد المصرى وعلى خطط التنمية ومشوار التقدم الذى بدأناه فى 30 يونيو 2014، وسببت تحديات كبيرة للحكومة، وأزمات حاولت الدولة جاهدة أن تعبرها وتجد الحلول اللازمة لها . لكن ليس من الإنصاف أن تكون التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى حاليا، سببا لإنكار هذا الكم الهائل من الإنجازات التى تمت خلال السنوات العشر الماضية، وليس من العدل أن يكون ارتفاع الأسعار مبررا لغض الطرف عن كل هذا الجهد الذى بذل، وهذا العدد الضخم من المشروعات التى تم تنفيذها خلال تلك الفترة، وليس من الحكمة أن تدفعنا حالة الأمن والأمان التى ننعم بها رغم الأحداث الساخنة التى تمر بها المنطقة العربية حاليا، إلى نسيان حالة الرعب التى عشناها عقب احداث يناير 2011 والوضع الذى كان من الممكن أن نكون فيه إذا استمر حكم الجماعة الارهابية ولم ينزل الشعب فى 30 يونيو ليستعيد الوطن ممن اختطفوه فى غفلة من الزمن.
حين تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية فى 2014، وأخذ على عاتقه بناء دولة مدنية قوية وحديثة، كان صريحا وواضحا، فلم يعد المصريين بالراحة والنعيم، ولم يرسم لهم طريقا سهلا ممهدا مفروشا بالورود، بل عاهدهم على الصبر والتعب والسهر وبذل الجهد والتحمل والجلد، وطالبهم بالثقة فى قيادتهم وإعانتها على تخطى الصعاب وتجاوز المحن، وبان يكون الجميع صفا واحدا خلف هذه القيادة .
ومنذ 2014 وحتى الأن، وعلى مدار 10 سنوات، يتغير وجه الحياة على أرض مصر، وتخرج مشروعات ومدن جديدة للنور، وتبنى المصانع وتتحول آلاف الأفدنة إلى اللون الأخضر لتعطى الخير للمصريين.
وكما أوفى الرئيس بعهده، واستطاع فى سنوات محدودة أن يحقق كل هذه الإنجازات، فإن المصريين مازالوا وسيظلون على العهد، متمسكين بقائدهم وثقتهم فى قدرته على قيادة سفينة الوطن الى بر الأمان حتى فى أحلك الظروف وفى أشد الأزمات.