..مش عيب أننا نحلم ومع الحلم نطور ثم نطور.. لأن مشكلتنا الحقيقية هى مشكلة الانتاج وهذه القضية موجودة منذ عقود طويلة خاصة بعد نجاح ثورة عام 1952 أو انتقال حكم مصر لإدارة مصرية وطنية كان على رأسها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. ومنذ ذلك التاريخ بدأت مرحلة اختيار نموذج مصرى اقتصادى يتواكب مع طموحات الرئيس عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة فكان الاتجاه إلى اختيار النموذج الروسى «الاشتراكي».. خاصة بعد رحيل الاستعمار الإنجليزى عن مصر والذى استمر أكثر من 81 عاماً.. فكان كل راوفد الاقتصاد فى يد الدولة لإدارته.. ولأن التجربة كانت جديدة على مصر ولم يستخدم فيها الاقتصاد التخطيطى الذى يعتمد على خطط تنموية متوسطة المدى وبعيدة المدى ووضع سيناريوهات أقتصادية منها الزيادات السكانية المحتملة.. كانت بداية تطبيق النظرية الاشتراكية ناجحة وحققت نسبة نمو معقولة بعيداً ايضا عن النظرية الاقتصادية الرأسمالية التى رفضتها الادارة الجديدة لمصر وتفاقمت الكراهية للنظم الرأسمالية الغربية بعد قرارات الرئيس عبدالناصر بتأميم قناة السويس ثم العدوان الثلاثى على مصر.. ودخول مصر مرحلة الشراكة الكاملة مع الاتحاد السوفيتى السابق القوة العظمى الثانية فى العالم.
..ولكن كان من تداعيات الفكر الاقتصادى الاشتراكى «ظهور حكومات التوظيف وليس الانتاج» والتعيينات بالحكومة دون دراسات لاحتياجات السوق وتعليم ثقافة الانتاج والتكدس الوظيفى فى المكاتب الحكومية.. وشهوة البحث عن العلاوات والترقيات والمناصب بغض النظر عن المردود الاقتصادى للأموال التى تنفقها الحكومات من الموازنة العامة دون ايضا وجود دراسات تسويقية جادة للمردود الاقتصادى بمعنى إذا ضخت الحكومة فى الماضى مثلاً مليون جنيه فى منشأة اقتصادية لتطويرها ليس العائد خدمياً فقط بل يتحول المليون جنيه إلى أربع دورات مالية فى العام ذات أهداف ربحية مع الخدمية وينعكس ذلك على الاقتصاد المصرى بقيمة مضافة وانتاج للاستهلاك المحلى أو التصدير.
<< والسؤال هنا لماذا نستدعى الماضى ونحن فى الجمهورية الجديدة ؟!.. هذا السؤال مهم جداً فعلى الرغم من أن مصر فى الجمهورية الجديدة تطبق الآن الفكر الاقتصادى التخطيطى والتنمية المستدامة حتى عام 2030 وبرنامج إصلاح اقتصادى هيكلى ومالى ضخم ورهيب وكان يمكن تطبيقه منذ أكثر من 50 عاماً بتكلفة أقل وتداعيات أقل إلا أن فكرة الانتاج لا تزال تخضع لنظرية الاقتصاد الاشتراكى والعلاوات والترقيات والاجازات بدون حساب طول العام وعدم ربط دخل الموظف أو العامل المصرى بالانتاج والمستهدف المحدد له تحقيقه وساعات العمل وجودة الانتاج والخدمات التى يقدمها لأنه فى الفكر الرأسمالى المواطن يطلب من الدولة كافة حقوقه وهذا حقه كمواطن ولكن حق الدولة عليه أن يقدم لها كافة الواجبات المكلف بها.. ونستكمل الحوار عن الجمهورية الجديدة فى المقال القادم بإذن الله تعالي.