بين كل مدارس العالم تتمتع مدرسة الكبد المصرية بمكانة خاصة.. بصماتها واضحة، سواء على مستوى العلاج أو جراحات الكبد الأطباء المصريون لهم سمعتهم العالمية، جراحاتهم يتم نقلها لتعليم شباب الأطباء فى الكثير من الدول، وبسبب هذا التميز كان النجاح فى ظهور مراكز علاج الكبد فى المنوفية والمنصورة والقاهرة، ولا يقتصر دورها على علاج المصريين بل يأتى اليها مرضى من دول عديدة بحثاً عن التميز الطبى المصرى فى هذا المجال والذى كان ايضا بمثابة كلمة السر فى نجاح المبادرة الرئاسية لمكافحة فيروس »سى« التى أنقذت ملايين المصريين من هذا الوباء الذى كان ينهش اجسادهم، بل وانتقل صدى النجاح خارج مصر لتكون الدولة الأولى التى تحصل على الشهادة الذهبية بسبب هذه الحملة القومية ونقل تجربتها إلى دول القارة السمراء.
فى هذا العدد نحاور اثنين من الاسماء اللامعة فى مدرسة الكبد المصرية يتحدثان عن اسباب التميز المصرى، وكيف نجحت المبادرة الرئاسية فى انقاذ المصريين.
د. أسامة حجازى فى أول حوار له.. بعد اختياره عميداً لمعهد الكبد.. بالمنوفية:
القضاء على فيروس «C».. أزاح الغمة عن المصريين
رصيدنا السنوى 1500 «جراحة» و20 ألف «منظار» و 30 «زراعة»
أجرى الحوار: ماهر عباس
شرارة البداية انطلقت فى جامعة المنوفية.. وكأن «عبقرية المكان» وسط الدلتا وتحديداً على مقربة من بحر شبين، جاءت لتدق ناقوس الخطر لحماية أهل الريف من «البلهارسيا» التى تهدد كبد المصريين.. وكان تحقيق الحلم ببناء هذا الصرح العملاق، الذى يمر 37 عاماً على إنشائه للتصدى لخطر أمراض الكبد، وذلك قبل التوسع فى اكتشاف الفيروسات الكبدية A وB وC.
طوال الـ 37 عاماً، تولى قيادة المعهد علماء أفاضل، طوروا فكرة العالم د.ياسين عبدالغفار بإقامة أول مركز عربى ومعهد علمى لأمراض الكبد فى مصر والشرق الأوسط، بجامعة المنوفية شبين الكوم، وقد أصبح الآن أكاديمية فريدة علمياً وبحثياً وعلاجياً.
وعلى مدى كل هذه السنوات، يواصل المعهد والمركز خدماته الجليلة فى علاج مرضى الكبد، ويقوم بعمليات زراعة الكبد المتقدمة.
«الجمهورية» قضت 4 ساعات داخل هذا الصرح الطبى الكبير، زارت مبانيه وأقسامه القديمة والحديثة، والتقت علماءه الأجلاء الذين يقدمون خدماتهم الإنسانية لآلاف المترددين على المعهد يومياً، وقد أجمعوا على أن تجربة مصر فى القضاء على فيروس «سى» إنجاز عظيم على المستوى العالمى، وقد وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مبادرة رئاسية رائعة، أزاحت الغمة عن ملايين المصريين، وقد نجحت التجربة فى القضاء على الفيروس الذى نهش أكباد المصريين، وكان يطلق صرخة ألم فى كل بيت مصرى.
داخل هذا الصرح الفريد، «الجمهورية» التقت د.أسامة حجازى العميد رقم «12» للمعهد والمركز، الذى صدر قرار توليه مسئولية المركز قبل شهر، ليواصل قيادة العمل فى أهم مركز طبى مصرى وعربى، وأجرينا معه هذا الحوار المطول:
> توليت مهمة المركز والمعهد قبل شهر.. ما أولوياتك؟
>> طموحاتى تصب فى كيف يستمر هذا الصرح بتفرده فى تقديم خدماته للمصريين والعرب وأفريقيا والحفاظ على مكانته العالمية التى يعرفها كل علماء الكبد فى العالم.
أبنى على فكرة العبقرى الذى ساهم فى تأسيسه د.ياسين عبدالغفار، الذى اختار مكانه وسط الدلتا كخيار عبقرى فى منطقة كانت أمراض الكبد تنتشر فيها، وأستطيع القول إن المعهد والمركز يقدمان خدماتهما العلاجية والبحثية بشكل مميز وأصبح مركزاً طبياً للدراسات العليا لنيل الماجستير والدكتوراه فى مصر والشرق الأوسط ولديه تعاون مع كبرى المراكز العالمية المتخصصة فى بريطانيا واليابان وأمريكا وفرنسا وألمانيا.
> هل لديكم باحثون من الخارج يدرسون فى معهد كبد المنوفية؟
>> بالطبع لدينا من معظم الدول العربية وأفريقيا طلاب يدرسون الماجستير والدكتوراه وهو فى الشق التعليمى لدينا علماء على أرفع مستوى علمى مصريين تلقوا علومهم فى كبريات مراكز الأبحاث عالمياً.
> ما الأولويات التى وضعتها عندما بدأت العمل؟
>> سرت فى البداية على عدة محاور، فى مقدمتها الارتقاء بالخدمة المقدمة للمريض ورعايته وتشخيصه والوصول بالمعهد إلى اعتماد الجودة تمهيداً لتجربتنا الرائدة فى مصر التأمين الصحى الشامل التى وجه بها الرئيس السيسى وبدأ تنفيذها فى عدد من المحافظات، ونعمل على الوصول بالجودة الشاملة طبقا للمعايير العالمية فى هذا الخصوص وتطبيق أرفع المعايير فى مجال الجودة.
> ماذا عن الدارسين والباحثين لديكم فى مجالى الماجستير والدكتوراه؟
>> أعداد الدارسين بالمعهد فى زيادة، نظراً للمكانة التى وصل إليها وما يضمه من كوادر بشرية من علماء كان لهم الريادة فى لفت الانتباه للباحثين والدارسين للالتحاق بالمعهد من مصر والخارج فى الشرق الأوسط، ونجحنا فى تطبيق سياسة «ادرس فى مصر» بتقديم خدمات جيدة للدارسين والباحثين من خلال معهد لا مثيل له فى المنطقة.
> هل لديكم جسور تعاون مع المراكز المماثلة؟
>> على مدى السنوات السابقة، تم بناء جسور تعاون علمى وأكاديمى وتدريبى مع الكثير من المراكز المتخصصة فى العالم، سواء التعاون العلمى وجديد الأبحاث، أو العملى فى مجال المناظير وزراعة الكبد بمختلف أنواعه للكبار والأطفال.
> ما الذى تنفردون به فى مجال التدريب؟
>> لدينا تجارب مميزة فى مجال جراحة المناظير ومن هنا نستقبل المتدربين على العمل فى مجال المناظير بأنواعها المختلفة للكبار والأطفال.
> ماذا عن فريق الزراعة لديكم؟
>> بالمعهد فريق متميز على أعلى مستوى أكاديمى وجراحى، نالوا جميعاً تدريباً على أعلى مستوى ما بين مصر والخارج، خاصة بعد بروتوكول الجامعة مع جامعة اليابان، التى تضم عدداً من المتخصصين الذين يعتبرون رواداً فى هذا المجال ومنهم كيوتش كاناكا أحد أكبر جراحى الكبد فى العالم، حيث قام بأكثر من 3 آلاف عملية زراعة حتى الآن.
أنشأنا 5 مراكز فى مصر
> هل ساهم معهد المنوفية فى توسيع تجربة مراكز الكبد المتخصصة فى مصر؟
>> استطعنا خلال السنوات الأخيرة إنشاء 5 مراكز كبد فى القاهرة «مركزين» وفى الاسكندرية ودمنهور.
> ماذا عن خريطة مرضاكم؟
>> يحضر إلينا مرضى من جميع مصر، خاصة منطقة الدلتا، والجميع يعرف ما نقدمه لمرضانا عن طريق الإعلام بكل وسائله، ولدينا كوادر بشرية تم تدريبها على أعلى مستوى مع أحدث الأجهزة.
قبل مبادرة الرئيس
> القدر وضع مصر فى صورة صعبة بانتشار مرض البلهارسيا، ماذا عن تجربتكم مع فيروس «C»؟
>> كما قلت القدر وضع الدولة فى امتحان صعب مع البلهارسيا فى القرن الماضى وقبل أن ندخل العقد الأخير من القرن، تم اكتشاف فيروس «C» وكان فى السابق الحديث منصباً على A وB، ولم يكن قد أطلق صراحة الاسم على الفيروس «C» ومع بداية الاكتشاف تحرك المعهد، لكن ظل الأمر يراوح مكانه حتى أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن مبادرته المهمة للقضاء على الفيروس وتوفير العلاج المجانى، وكان له النتائج المهمة التى أزاحت الغمة والمأساة التى كانت تسبب المعاناة للملايين من المرضى، وها هو اليوم بشهادة الأمم المتحدة قضينا على المرض.
هذا كان إنجاز يصل إلى حد الإعجاز، لم يكن أحد يتخيل أو يعتقد أنه يمكن القضاء على « فيروس سى» ، الذى كان سبباً فى وفاة عشرات الآلاف لكن بحمد الله وبالمبادرة الرئاسية نجحنا فى أن نحقق المعجزة ويقف العالم لنا احتراماً .
نحن نتحدث عن حمسة ملايين مواطن على الأقل تم فحضهم وعلاج أكثر من مليونى مواطن منهم هذا رقم ضخم لم يكن ليتحقق لولا الإرادة السياسية.
> ما الموقف الآن بعد مبادرة الرئيس «100 مليون صحة» والقضاء على فيروس «C»؟
>> كما قلت، المصريون عانوا سنوات طوالاً جداً من أمراض الكبد، وفى نظرى أحد أهم الانجازات التى حققت وعالجت آلام المصريين ومواجهتهم لهذا المرض كانت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى وفرت العلاج وأنهت أيضا لدينا فى 3 مراكز قوائم الانتظار، ساهمت فى القضاء بشكل كبير على أورام الكبد التى هى فى الأساس نتيجة لأمراض فيروسية.
الزراعة بالمجان
> ماذا عن المترددين على المعهد سنوياً؟
>> نحو 130 ألف مريض، ونقوم سنوياً بإجراء 20 ألف منظار، فيما يستقبل قسم الطوارئ 15 ألفاً سنوياً، كما يتم إجراء 1500 عملية جراحية فى العام الواحد، أما عمليات الزراعة فتتراوح بين 25 و30 عملية سنوية، فيما يتردد من الأطفال على عيادات الأطفال أكثر من 2500 سنوياً من كل المحافظات.
> مرحلة زراعة الكبد، ماذا عنها لديكم؟
>>أولاً الزراعة فى المعهد بالمجان، وهى تتكلف أموالاً كثيرة وكانت حكراً على القادرين وغير ميسرة للمواطن العادى.. أما اليوم فتتم بالمجان وهذا دعم كبير من الدولة والوزارة وجامعة المنوفية التى نلقى منها كل تعاون واهتمام.
> ماذا عن البنية التحتية فى المعهد؟
>> لدينا مبنيان.. الأول بسعة 120 سريراً منذ أيام د.ياسين «رحمه الله»، والجديد الحديث 350 سريراً، وتم تزويد المعهد بأحدث الأجهزة العلمية لعمليات المناظير والأشعة التداخلية والأجهزة الحديثة عالية التقنية لاستئصال الأورام والزراعة، إضافة إلى أجهزة تشريح الكبد بالموجات فوق الصوتية.
> ما جديد أجهزة المعهد؟
>> جهاز التردد الحرارى فى قسم الأشعة التداخلية وأجهزة الحقن الشريانى لمرضى الأورام الكبدية، وقد دخلنا قبل أيام وحدة خدمة الغسيل الكلوى لمرضى الكبد، وهى أجهزة تقوم بغسيل كلوى مع أجهزة عمليات فصل البلازما للأطفال الذين يحتاجون فصل البلازما.. ولدينا أجهزة متقدمة فى التخدير وأجهزة لكشف عوامل التجلط فى الدم أثناء العمليات الجراحية، إضافة إلى أجهزة مناظير القنوات المرارية وتفتيت الحصوات واستخراجها، مهما كان حجمها.
> يظل الجانب التوعوى مهماً بجانب الجانب العلاجى.. ماذا عنها لديكم؟
>> لدينا قوافل تقوم بها الجامعة وتتعاون فى إقامة ندوات توعوية لتوعية المواطنين داخل المعهد أو خارجه، والأسلوب الأمثل لمواجهة المرض والنظام الغذائى السليم وكيف يتجنب المريض مضاعفات المرض وكيف يحمى المواطن نفسه من الإصابة بالمرض.. كل هذه بروتوكولات نطبقها على أرض الواقع.. وتوعية المواطنين الذين أصيبوا بأمراض مناعية وغيرها وما الغذاء الصحى السليم وعدم الإسراف فى تناول الأدوية.
> من خلال موقعك وتخصصك، كيف تنظر إلى فيروس «B» فى مصر؟
>> مصر واجهت فيروس B بالتطعيم والرعاية للمرضى والتوعية ووصلنا إلى نسبة أقل من النسبة العالمية وهذا دليل الوعى الصحى لدى المواطن والبعد تماماً عن مسببات المرض سواء فى استخدام أدواته الخاصة بالحلاقة والتعامل الخارجى فى حالة إصابته بجرح ما.
د.محمد عبدالوهاب.. بعد تكريمه فى روسيا.. لـ”الجمهورية”
مصر رائدة زراعة الكبد.. فى أفريقيا والشرق الأوسط
أجرى الحوار: إيهاب نظيم
تتمتع المراكز الطبية بجامعة المنصورة بسمعة طيبة، حتى أصبحت من أشهر الواجهات الطبية، التى يرتادها عشرات الآلاف من المرضى سنوياً، طلباً للعلاج أو زراعة الأعضاء.
يعتبر مركز جراحات الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة منارة علمية فى مجال زراعة الأعضاء، حيث تجاوز عدد العمليات الجراحية الناجحة التى أجريت به 1100 حالة زراعة كبد، بأعلى جودة وأقل تكلفة.
«الجمهورية» كانت هناك.. التقت د.محمد عبدالوهاب رائد زراعة الكبد فى مصر، رئيس الجمعية الدولية لجراحة الجهاز الهضمى عقب تكريمه من الجمعية الروسية لاخصائيى زراعة الأعضاء ومعهد سكليفو سوفسكى ونظام موسكو للرعاية الصحية، لنتعرف عن قرب على ملحمة التطوير التى شهدها مركز جراحات الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة.. ومعه كان هذا الحوار:
> كم عدد الحالات التى اجريت لها عمليات زراعة كبد فى مركز الجهاز الهضمى بالمنصورة؟
>> مركز الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة نجح فى زراعة 1100 حالة زراعة كبد حتى الآن وهذا رقم غير مسبوق لم يحدث من قبل، وهذا يؤكد القدرة الطبية الفائقة التى يتميز بها المركز، خاصة أنه يضم نخبة متميزة جدا من العلماء المتخصصين وأصبح قبلة لمرضى الكبد من جميع أنحاء العالم سواء للفحص أو العلاج أو إجراء العمليات الجراحية، واصبح الآن من أكبر المنشأت الطبية على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط، وأهم ما يميز العمليات الجراحية بالمركز أنه تتم زراعة الكبد من متبرع حى إلى مريض حى وهى عملية دقيقة ولا يوجد على مستوى العالم سوى عدة مراكز محدودة تقوم بإجراء تلك العمليات الصعبة جدا ولم نصل إلى هذا العدد من العمليات من فراغ، لكن بعد جهد علمى شاق جدا ولم يصل لهذا الرقم من العمليات على مستوى العالم سوى 3 مراكز فقط ووصلوا بعد 30 عاماً، أما مركز جامعة المنصورة وصل لهذا العدد بعد 20 عاما فقط، رغم الإمكانات المحدودة جدا، وهذا يعتبر معجزة طبية عالمية، خاصة لو عرفنا أن عدد الأسرة فى الدور السابع بمركز الجهاز الهضمى والمخصص لإجراء العلميات الجراحية لا يتجاوز 15 سريراً فقط وهذه الأسرة غادرها 1100 حالة طبية ناجحة وهذه رسالة واضحة للعالم كله ان المصرى يقدر ويستطيع ان يفعل كل شيء طالما توافرت لديه الأدوات والإمكانات والبيئة المناسبة، وهنا لابد أن أؤكد أن «عقدة الخواجة» لابد ان تنتهى من قاموس الطب فى مصر.
> لماذا لا تتحول المنصورة لعاصمة طبية عالمية، خاصة أن بها مراكز دولية فى زراعة الأعضاء؟
>> المراكز الطبية بجامعة المنصورة أصبحت من أشهر الواجهات الطبية العالمية ويرتادها عشرات الآلاف من المرضى سنويا سواء من الدول العربية أو الأجنبية واحتلت مكانة دولية على خريطة زراعة الأعضاء على مستوى العالم أجمع، هذا إلى جانب ما تقدمه المراكز والمستشفيات التابعة للجامعة لعلاج المرضى سواء من خلال العيادات الخارجية أو العمليات او الأقسام الداخلية، لكن أهم ما يميز الجامعة المراكز المتخصصة، التى بدأت من أوائل الثمانينيات، مثل زراعة الكبد والكلى والمسالك، ثم توالى إنشاء المراكز والمستشفيات بعد ذلك حتى أصبحت المنصورة بحق عاصمة مصر الطبية وتتمتع بسمعة طبية عالمية ليس فقط فى مجال العلاج ولكن التدريب والبحث العلمى أيضا ويجرى فيها حاليا أهم واكبر الجراحات وعمليات زرع الأعضاء وبنسبة نجاح عالية.
> لماذا لا يقام مركز متكامل لزراعة الكبد بدلا من أن يكون قسماً تابعاً للجهاز الهضمي؟
>> يجرى حاليا تنفيذ مركز متكامل لزراعة الكبد داخل جامعة المنصورة وبدأ تنفيذ الفكرة منذ 4 سنوات حينما عرض أحد رجال الأعمال الوطنيين إقامة مركز متخصص على نفقته الخاصة، خاصة أن المركز الحالى بإمكاناته المحدودة لا يجرى سوى عمليتين فى الأسبوع الواحد، وبالتالى توجد قوائم انتظار، لذا كان حتمياً إقامة مركز يستوعب كل المرضى وبدأنا اقامة مبنى مكون من 9 طوابق ويعتبر اول مركز فى الشرق الأوسط تحت مسمى «مركز زراعة الكبد»، فجميع عمليات زراعة الكبد تجرى حاليا فى المستشفيات العامة، ولكن هذا المركز الاول من نوعه فى تخصصه يتكون من طابق للعيادات الخارجية وآخر للعمليات وطابق العناية المركزة وطابق تعليمى و3 طوابق لاقامة المرضي، وطابق للمناظير والبحث العلمى، بالاضافة إلى الطابق الارضي، الذى يحتوى على الميكنة والغازات والمستلزمات الطبية والمبنى تم بناء الهيكل الخارجى الخرسانى فى 8 أشهر فقط وتوقف العمل بالمشروع نتيجة لنقص التمويل لكن بمجرد عرض المشكلة على الرئيس عبدالفتاح السيسى تدخل فوراً وأصدر قراراً بالانتهاء من إنشاء المبنى على نفقة الدولة وذلك لإيمانه بأهمية المشروع فى القضاء على قوائم الانتظار وفى نفس الوقت يصدر قراراً بأن يتم علاج جميع مرضى زراعة الكبد فى المستشفيات الحكومية أو الجامعية مجانا بالكامل على نفقة الدولة حتى لا يتحمل المواطن البسيط أى أعباء مالية، خاصة أن تكلفة زراعة الكبد حاليا تتجاوز 400 ألف جنيه وقد قررت جامعة المنصورة معاملة أبناء الدول العربية التى تعانى مشاكل سياسية معاملة المصريين مثل اليمن وليبيا وسوريا وفلسطين وقد تم اجراء عمليات زراعة لـ 85 مريضاً عربياً وسنغالياً، إضافة الى 40 طفلاً عربياً وننتظر فى نهاية الشهر افتتاح مبنى زراعة الكبد، الذى سيغير شكل ومضمون عمليات زراعة الكبد وانهاء قوائم الانتظار ويعتبر حدثاً كبيراً لابد ان يحظى باهتمام الجميع لانه سيحقق نتائج جديدة وعالية فى القطاع الطبى.
واهتمام الرئيس بمكافحـة الامراض الكبدية ظهرت ليس فقط فى دعم مراكز جرحات الكبد ، وانما فى الحملة القومية لمكافحة «فيروس سى» غير المسبوقة التى انقذت ملايين المصريين من هذا الخطر وهذا انجاز مصرى ضخم يلقى احترام وتقدير العالم كله ويحسب للرئيس السيسى،
> ما نسب نجاح عمليات زراعة الكبد فى مصر؟
>> نسبة نجاح العمليات الجراحية تتراوح ما بين ٪82 و92 ٪ وهى نسبة عالية جدا مقارنة بالنسب العالمية والمركز ملتزم بتطبيق كل المعايير الأخلاقية فى زراعة الكبد وفى مقدمتها أن يكون المتبرع من عائلة المريض لنبعد تماما عن تجارة الاعضاء، هذا إلى جانب أن جميع أعضاء فريق زراعة الكبد من خريجى كلية الطب بجامعة المنصورة وجميعهم يقومون بالعمل داخل المركز فقط وليس فى مستشفيات خارجية أو خاصة، وذلك لضمان متابعة المريض مدى الحياة داخل المركز مجاناً.. مثلاً لو مريض من كفر الشيخ ارتفعت درجة حرارته بعد العملية، يكون اليوم التالى فى سرير داخل المركز كأنه فى منزله، كما يوجد لدينا فريق للتخدير وفريق للباطنة وفريق الاشعة والجميع ملتزم بنظام العمليات، بالإضافة إلى العديد من المقومات الاخرى التى تجعل برنامج زراعة الكبد داخل مستشفى جامعى حكومى منضبطاً وناجحاً.
التبرعات.. سر النجاح
> هل هناك تعاوناً مع الجهات التنفيذية والعلمية فى تحقيق أهداف المركز الطبية؟
>> لولا تكاتف الجميع سواء من الأجهزة التنفيذية أو الشعبية وبالطبع القيادات الجامعية وفى مقدمتها رئيس الجامعة ونوابه وعميد كلية الطب، لم يكن يتحقق أى نجاح.. خاصة أنهم يقدمون كل سبل الدعم الفنى والمالى لإنجاح المنظومة الطبية بالجامعة وتذليل كل العقبات التى قد تواجه عمل المركز، وهنا لابد من توجيه الشكر لرجال الأعمال الوطنيين والمصريين البسطاء على حرصهم بالتبرع بجزء من مدخراتهم لتوفير كل احتياجات المركز الطبية.
> إلى أى مدى وصلت نتائج الأبحاث العلمية فى مجال زراعة الكبد؟
>> لدينا العديد من الأبحاث الجديدة فى مجال الكبد والبنكرياس والقنوات المرارية والجهاز الهضمى وتم نشرها، ومن الأبحاث الجديدة التى تم تطويرها التعامل مع حالات انسداد الوريد البابى والتعامل مع الكبد المزروع وتوصيل اكثر من وريد بالمريض، وذلك رغم وجود بنك للأعضاء، وفى الخارج تكون أسهل لحصولهم على أوردة من بنوك الاعضاء، ولكن هنا يتم استخدم مكونات صناعية وتكون صعبة جدا.
> ما أسباب حصولك على وسام «ديمخوف» الروسى؟
>> الوسام جاء نتيجة لجهد وخبرات علمية متراكمة.. حيث قدمت للمكتبة العلمية أكثر من 250 بحثاً علمياً فى هذا المجال، علاوة على المشاركة فى أكثر من 52 مؤتمراً دولياً وإلقاء المحاضرات، بالإضافة إلى اننى شرفت بأن أكون رئيساً للجلسات العلمية بالعديد من المؤتمرات الدولية ورئيساً لورش العمل فى هذا المجال أيضاً، بالإضافة إلى قيامى بالتحكيم الدولى فى أكثر من 50 بحثاً آخر ومشرف على برنامج زراعة الكبد فى مركز الجهاز الهضمى فى المنصورة.