قلنا فى المقال السابق ان الرئيس عبدالفتاح السيسى ورث تحديات وازمات ومعاناة عميقة جاءت نتاج تراكم خمسة عقود وسنوات الفوضى ولذلك، حرص الرئيس السيسى الذى طلبه شعبه ليتولى المسئولية الوطنية فى قيادة الدولة المصرية فى توقيت بالغ الدقة ان يصارح شعبه بكل التحديات والعقبات والصعاب أصر ان يبدأ طريقه ومشوار البناء بشفافية غير مسبوقة لم يحمل ولم يطلقه العنان لوعود غير قابلة للتنفيذ ولم يبع الوهم للمصريين بل عرضه بكل أمانة وصدق ودقة، كافة تفاصيل المشهد الصعب وما به من صعاب وعقبات وازمات وأوضاع صعبة سواء تتعلق بوضع الدولة وحجم التحديات والتهديدات وفى ذات الوقت رهن النجاح والانقاذ باصطفاف المصريين والتأكيد على العمل والصبر والتضحية وبالتالى القدرة على العبور وتجاوز الصعاب والوصول إلى الضوء الكبير فى نهاية النفق.
ومع اقتراب الاحتفال بالذكرى الحادية عشرة لاعظم ثورة فى التاريخ المصرى ثورة 30 يونيو نستعرض التحديات والاوضاع والازمات والمشاكل والتهديدات التى واجهت دولة 30 يونيو وصولاً إلى بناء الجمهورية الجديدة بقيادة رئيس استثنائى اتخذ من الرؤية والفكر الخلاق والصدق والاخلاص والارادة منهجاً لتحقيق أهداف المصريين.
لا شك ان الوضع قبل الرئيس السيسى كان كارثياً بكل ما تحمله الكلمة، دولة تواجه شبح الانهيار الاقتصادى والأمنى ورثت تركة ثقيلة من الهموم والمشاكل والازمات المؤجلة، تفاقمت بسبب احداث يناير 2011 وحكم الإخوان المجرمين الفاشل فالاقتصاد وصل إلى حافة الهاوية والأمن والامان والاستقرار غائب والإرهاب يضرب بقوة وظواهر سلبية كثيرة ابرزها انتشار غريب للعشوائيات، يعيش فيها مواطنون مصريون، هى اشبه بقنابل موقوتة ومناطق لتفريخ المجرمين والإرهابيين والساقطين، كما ان مصر كانت الأولى عالمياً فى نسبة الإصابة بفيروس سي، وهناك ضعف فى الرعاية الصحية، ونمو سكانى مرعب ومناطق كانت على مدار عقود طويلة من التجاهل والنسيان والتهميش وعلى رأسها سيناء ومحافظات الصعيد ومحافظات حدودية وقرى الريف المصرى بشكل عام وموارد محدودة وعدم استثمار للموقع الجغرافى الاستراتيجى لمصر وعدم استغلال لتعظيم الاستفادة من الموانئ المصرية وغياب الافكار الخلاقة فى مجال الطاقة وتهالك البنية التحتية وسوء حالة الطرق ونمو سكانى غير طبيعى وبمعدلات خطيرة مع عدم التوسع العمرانى أو تنمة الموارد أو حل المشاكل أو الازمات وتقلص وتراجع الرقعة الزراعية من خلال التعديات على أجود الأراضى ودولة منهكة مدمرة بسبب غياب الإصلاح على مدار 50 عاماً ثم الفوضى والإرهاب وحالة الانفلات المجتمعى خلال وبعد أحداث يناير حتى نهاية حكم الإخوان المجرمين واستمرار محاولات الوقيعة بين المصريين خاصة مؤامرة بث الفتنة بين شركاء الوطن المسلمين والمسيحيين وتدمير عشرات الكنائس ودور العبادة المسيحية على يد جماعة الإخوان الإرهابية، لذلك أقول ان الاوضاع والتحديات التى كانت تواجه مصر قبل الرئيس السيسى وانتهاء هذه الازمات وتحولها إلى انجازات واضحة هو سر عظمة تجربة مصر السيسى على مدار 10 سنوات والتى لا يجب ان تغيب عنا ابداً ولا يجب ان ننسى ما كنا نعيشه من أوضاع وتحديات وازمات كارثية قبل الرئيس السيسى لكن بطبيعة الحال هناك اسباب لما تمر به مصر من ضائقة اقتصادية، وصعوبات معيشية تظل هى الوحيدة التى تؤرق المصريين لكنها كما يقولون سحابة صيف وأمور عارضة تنتهى بانتهاء اسبابها وهى الازمات والصراعات العالمية والاقليمية ولا يمكن ان نقيم ما تحقق من منظور الازمة العالمية، ولا نحكم على تجربتنا بمعاييرها على الاطلاق فما تحقق يفوق أى توقع وهو أقرب للمعجزة، خاصة وان مصر كانت فى وضعية غاية الصعوبة فما بين ايدينا الآن دولة قوية عظيمة تمتلك ادواتها، واسباب تقدمها وفرصها الثمينة، وأيضاً تمتلك اقتصاداً قادراً على تجاوز الازمات، فيكفى ان أقول ان الناتج القومى لم يكن يزيد فى 2010 على 218 مليار دولار اقترب الآن إلى ما يقرب من 500 مليار دولار ومعدلات التصدير تتزايد فى كافة المجالات سواء الزراعية أو الصناعة أو السلعية ولدينا أهداف تمضى فى مسارها بنجاح مثل توطين الصناعة وجذب الاستثمارات الكبرى والتوسع الزراعى الذى سوف يزيد بــ ٤ ملايين فدان بنهاية العام القادم ومع وصول الصادرات الزراعية إلى ٩ مليارات دولار فإن القادم بنهاية 2025 سيكون أفضل وأعلي، كانت مصر قبل الازمات العالمية المتلاحقة خاصة منذ جائحة «كورونا» التى اصابت العالم بالشلل والعزلة فى كافة القطاعات خاصة اضطرابات سلاسل الامداد وارتفاع اسعار الطاقة وكافة السلع تمضى بمعدلات نمو تجاوزت الــ 6٪ وكان المتوقع ان يتجاوز الــ 7٪ بسبب حالة البناء غير المسبوق وقفزات فى التنمية ثم جاءت الحرب الروسية – الاوكرانية لتفاقم الازمة الاقتصادية العالمية تجعلها أكثر قسوة، حتى هذه اللحظة منذ 2022، وهو ما يجسد عمق وشراسة الصراع القاثم بين نظامين عالميين، قديم قائم وآخر يتطلع للظهور وبطبيعة الحال فان له اعراضه وتداعياته المؤلمة على كافة دول العالم ومنها مصر، خاصة التداعيات الاقتصادية ورغم ذلك مصر من الدول المحدودة عالمياً التى حققت معدلات نمو اقتصادى فى ذروة جائحة كورونا ما بين 2.8٪ إلى 3.6٪، ثم جاء العدوان الصهيونى على قطاع غزة ليزيد الطين بلة ويفاقم الاوضاع فى ظل اضطرابات جيوسياسية تسببت فى التأثير على عوائد وموارد قناة السويس بسبب احداث البحر الأحمر، وأيضاً السياحة فى بعض المناطق واحدثت قلقاً وتوتراً اقتصادياً.. وللحديث بقية.