من المؤكد أن التحدى الاقتصادى الذى يواجه الحكومة الجديدة والذى يلقى بتبعاته على جميع فئات المجتمع لا يعود إلى التقصير من جانب الحكومة أو الفشل فى السياسات الاقتصادية التى انتهجتها والتى يحاول البعض الزج بها فى قفص الإتهام.. الحقيقة أن هناك العديد من العوامل الخارجية التى لا تقتصر فقط على السياسات وبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى كان محلاً للإشادة والإجماع من قبل المؤسسات الدولية المالية والاقتصادية والذى حقق نتائج مذهلة وفى وقت قياسى خلال أربع سنوات حيث تم انجاز 11 ألف مشروع أى بمعدل 3 مشروعات فى اليوم الواحد .. بيد أن هناك العديد من المتغيرات والعوامل التى تخرج عن نطاق السيطرة والتى تداعت على الاقتصاد المصرى.
يأتى على رأسها اندلاع الحرب فى غزة والتى أدت إلى تراجع كبير فى قطاع السياحة والصادرات من الغاز وعائدات قناة السويس ناهيك عن الأزمة فى «رفح» التى يتوقع معها أن تسوء الأمور.. تعد السياحة وقناة السويس من المصادر الرئيسية للنقد الأجنبى فقد كانت السياحة مصدراً رئيسياً للدخل القومى حيث تجاوز عدد العاملين فى صناعة السياحة فى الفترة من(2022 -2023) ثلاثة ملايين مصري.. ناهيك عن أن قطاع السياحة قبل اندلاع الحرب فى غزة كان يكافح من أجل التعافى من تداعيات أزمة كوفيد 19 إلا أن اندلاع الحرب وتفاقم الأزمة فى البحر الأحمر بفعل هجمات الحوثى أدى إلى الإضرار بالإيرادات المتوقعة وفقدان ما بين 4 -11٪ من النقد الأجنبى وتقليص الناتج المحلي.. وتراجع إيرادات السياحة التى وصلت إيرادتها فى السنة المالية (2022- 2023) 13,63 مليار دولار كما أدى استمرار الحرب إلى التأثير بقوة على إيرادات قناة السويس التى تعد أقصر طريق تجارى يربط آسيا بأوروبا.. وقد أدى ذلك إلى قيام العديد من شركات الشحن بتحويل سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح والتى بلغت إيرادتها فى (2022) 9,4 مليار دولار والتى انخفضت مع بداية 2024 بما يزيد على 50 ٪ خلال 11 يوماً الأولى من العام.. أضف إلى ذلك التداعيات التى أسفرت عن الحرب الأوكرانية والتى زادت من حدة التداعيات على الاقتصاد الكلى كارتفاع العجز فى الميزانية وارتفاع مستويات الدين العام وانخفاض الاحتياطى من النقد الأجنبي.. وقد أدى ذلك إلى اعتماد مصر على الإيرادات الأجنبية المتقلبة كالسياحة ورسوم قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج مما دفع «البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة» إلى إعداد دراسة تحليلية حول الأثر الاجتماعى والاقتصادى للحرب فى غزة.