لأن هناك بعض الناس نسيت ما كنا نعيشه من كوارث وأزمات وتحديات وتهديدات قبل عشر سنوات، كانت بالفعل تحديات وجودية نكون أو لا نكون نبقى أو نسقط، وأيضاً لأنه فى البعض منا لم يستطع فهم واستيعاب ما يواجه الدولة المصرية فى الوقت الحالى من تحديات وتهديدات ومخاطر وتداعيات قاسية فرضت علينا بسبب ما يموج به العالم والمنطقة من صراعات ونزاعات وتوترات، ومتغيرات جيوسياسية بطبيعة الحال لها آثارها وظلالها الطاحنة على كافة الدول والشعوب ومنها مصر كجزء يؤثر ويتأثر فى المجتمع الدولي، بل إن مصر تواجه الأصعب والأشد قسوة فكل دولة فى العالم محاطة بحرائق مشتعلة وصراعات ونزاعات طاحنة، ودول سقطت، وحدود ملتهبة وغير آمنة من الجانب الآخر، وعدوان يأكل ويقضى على الحجر والبشر فى قطاع غزة، وتهديدات لمواردنا الوجودية بفعل المؤامرة والابتزاز وفرض الأمر الواقع، واضطرابات فى البحر الأحمر لها تأثيراتها على قناة السويس من حيث العوائد والموارد الدولارية وتحديات داخلية سواء فى ارتفاع الأسعار كنتاج طبيعى للأزمة الاقتصادية، وارتفاع مؤشرات التضخم، وصعوبات الحياة، وأيضاً وجود أكثر من ٩ ملايين لاجئ، يشاركون المصريين مواردهم المحدودة، ، لكنها فى النهاية هى مصر الكبيرة التى تفتح أبوابها للباحثين عن الأمن والأمان والاستقرار، بالإضافة إلى النمو السكانى الذى يؤثر على الموارد، ويضعف تأثير الاحساس بعوائد التنمية ناهيك عن غياب الوعى لدى البعض بالإضافة إلى حملات مسعورة لا تتوقف عن ترويج الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه، أضف إلى ذلك مخطط ومؤامرة تسعى قوى الشر لتنفيذها فى المنطقة، وتقف مصر صخرة وشوكة فى حلق هذا المخطط، وحصار اقتصادي، وابتزاز ومحاولات لضرب منظومة الموارد المصرية بهدف الابتزاز، وممارسة الضغوط حتى توافق على حد عقولهم المريضة على تمرير هذا المخطط الذى يخدم مصالح وأوهام قوى النفوذ والهيمنة، والمشروع الصهيو ــ أمريكي.
قبل عشر سنوات، وحتى الآن مصر تتصدى لحجم غير مسبوق من التحديات والأزمات، والتهديدات، والمؤامرات منها ما جاء بسبب تراكم المشاكل والمعاناة العميقة للمصريين خلال 50 عاماً ماضية غابت فيها الرؤية وإرادة الإصلاح والبناء والتصدى بشجاعة لأزمات مزمنة ومتراكمة، فمع محدودية الموارد التى لم تتغير على مدار هذه العقود.. فى ظل جمود الفكر وضعف الإرادة مع استمرار معدلات مرعبة للنمو السكانى بل وتآكل الموارد المصرية.
لا نريد أن ننسى هذه العقود والسنوات التى سبقت الـ عشر سنوات الماضية فنحن فى حاجة إلى استدعائها لندرك أننا نجحنا فى انتشال وطن كاد يضيع رغم الإقرار والاعتراف أننا نمر بضائقة اقتصادية شديدة الوطأة لها أسبابها أبرزها عواصف وتداعيات الأزمات والصراعات والاضطرابات الإقليمية والدولية، فى عالم يتطاحن ويتصارع ويعيش معركة حامية بين نظامين أحدهما نظام عالمى قائم وقديم يسعى بكل ما يملك من قوة وشرور للحفاظ على نفوذه وهيمنته واستمراره رغم أنه السبب الرئيسى فى تعاسة هذا العالم وما يجرى فيه ظلم، ومؤامرات ومخططات وأطماع وسقوط أخلاقى وإنسانى ذريع، ونظام عالمى جديد يتطلع للظهور والاستقرار ينشد العدل والبناء، والتنمية، وأحادية المعايير، وانقاذ هذا العالم من مصير حالك الظلام، هذا الصراع القائم بطبيعة الحال له تداعياته القاسية خاصة على الصعيد الاقتصادى وانعكاساته على معاناة الشعوب.
الحقيقة أن التذكير بأحوالنا قبل عشر سنوات، وما حققناه من نجاح غير مسبوق لا ينفى على الاطلاق أننا نواجه تحديات وجودية، أرى أن نجاحات وصعود مصر جعلتها مستهدفة من قوى الشر فى النظام العالمى القديم، وذلك أحد أهم أسباب الضائقة التى تمر بها مصر لكنها فى كل الأحوال سوف تنفرج وهى أمور أراها مؤقتة وعارضة، لكنها فى ذات الوقت لا تنفى أننا حققنا أهدافاً ونجاحات وإنجازات وجودية أيضاً أبرزها انقاذ هذا الوطن من شرور الفتن، والإسقاط وأننا وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح، وباتت لدينا فرص ثمينة لم تكن موجودة من قبل نستطيع من خلالها الانطلاق بعد 10 سنوات من العمل والإصلاح والبناء والتنمية، مع انتهاء هذه الصراعات الإقليمية والدولية، لذلك لابد أن نطرح مجموعة من الحقائق مع اقتراب احتفالنا بذكرى ثورة 30 يونيو العظيمة فى سلسلة من المقالات لكن من المهم أن نضع سياقاً لأهم التحديات والتهديدات الوجودية قبل وخلال الـ 10 سنوات الماضية.
أولاً: شهدت مصر قبل يناير 2011 أحوالاً وظروفاً ومعاناة غاية فى الصعوبة تراكمت المشاكل والأزمات، وتفاقمت التحديات مع الإصرار على غياب رؤى الإصلاح وإرادة البناء، ومعالجة والتصدى للمشاكل مع استمرار ارتفاع النمو السكاني، وتنامى واتساع العشوائيات وتدنى الخدمات الصحية، وتراجع التعليم وتهالك البنية التحتية، فى ظل عجز الدولة عن الوفاء بميزانيات الانفاق على هذه المجالات، وتفرغت الدولة لمجرد رشوة وإرضاء المواطن على حساب الإصلاح وبناء الدولة، شعارات الحفاظ على الاستقرار الهش وخشية رد الفعل الشعبي، ورغبة فى عدم التصادم وهو ما أفضى فى النهاية إلى أزمات عنيفة، أدت بالإضافة إلى وجود مخطط خارجي، وغياب للوعى وبالتالى توفرت كافة عناصر نجاح المخطط والمؤامرة فى دولة أو نظام تجاهل الحديث مع الناس أو بناء وعيهم أو اطلاعهم على التحديات التى تواجه الدولة، لذلك وصلت سرديات قوى الشر والظلام ونفذت إلى عقول الناس خاصة الشباب والبسطاء فى ظل وجود عناصر محلية موالية لقوى الشر، تساندها جماعات متطرفة بقيادة جماعة الإخوان الإرهابية، وذلك لسبب غياب الرؤية الشاملة للدولة فى التعامل مع تحديات المواطن أو التعامل مع الناس، وانتشار الفساد وتعانق المصالح، واختلاط العام بالخاص، والسلطة والثروة، وهو الأمر الذى هيأ الأرض، والمناخ الملائم لفوضى يناير 2011، والتى كادت تتسبب فى ضياع وإسقاط البلاد وخسرت مصر وهو ما حمل ميزانية الدولة فوق طاقتها وقدراتها ومواردها، ثم حالة التدمير والاستهداف لمنشآت الدولة، بالإضافة إلى الإرهاب والفوضى التى كلفت مصر ثمناً باهظاً على صعيد الأرواح من الشهداء، وأيضاً المصابين والجرحي، بالإضافة إلى المليارات.
للحديث بقية
تحيا مصر