الدور الكبير الذى تقوم به مصر لوقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة، لا ينكره إلا كل جاحد شرير ضد البلاد، فما زالت مصر حتى كتابة هذه السطور تقوم بمباحثات شاقة ومضنية من أجل وقف الحرب وحقن دماء الشعب الفلسطيني، وضمان نفاذ وصول المساعدات إلى الأشقاء فى غزة، فقد احتضنت القاهرة منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى وحتى كتابة هذه السطور العديد من اللقاءات والاجتماعات من أجل وقف الحرب، وآخر هذه الأدوار المبادرة المصرية البالغة الأهمية، من أجل وقف الحرب ومنع تصفية القضية الفلسطينية وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
المبادرة المصرية قائمة على ثلاث مراحل متصلة ومترابطة، الأولى وقف العمليات العسكرية واطلاق سراح المحتجزين والأسرى وعودة النازحين إلى مساكنهم، وقيام الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة والمنظمات الدولية بأعمالها فى تقديم الخدمات الإنسانية فى تقديم الخدمات الإنسانية لقطاع غزة، والبدء فى إعادة تأهيل البنية التحتية فى جميع مناطق القطاع، تمهيداً لبدء الترتيبات فى إعادة الإعمار الشامل. أما المرحلة الثانية فهى الإعلان عن عودة الهدوء المستدام لوقف العمليات العسكرية والعدائية. أما المرحلة الثالثة فهى تبادل الجثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم ثم إنهاء الحصار الكامل عن غزة. والضامنون لهذا الاتفاق مصر وقطر والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
أؤكد أن المبادرة المصرية هى واقعية جدًا وقريبة من مبادرة بايدن وتضمن لكل الأطراف الأمن والاستقرار، تمهيدًا لتنفيذ اتفاق حل الدولتين لأنه الوحيد الذى يضمن استقرار المنطقة بأكملها ولا يصيب مصالح العالم كله بأضرار، ووجهة النظر المصرية ليست جديدة وإنما أعلنتها الدولة المصرية مراراً وتكراراً، ونادت بها القيادة السياسية المصرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الغاشمة وهى تضمن عدم تصفية القضية الفلسطينية وتمنع التهجير القسرى للفلسطينيين، وتحقق الأمن للجميع. وهنا يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تضغط على إسرائيل للتنفيذ، بدلاً من تقديم كل الدعم العسكرى العلنى لها فى هذه الحرب الشعواء. والحقيقة أن أمريكا بالورقة المصرية تحقق مصالحها دون إصابتها بأى ضرر، لأن الخاسر فى هذه المعركة بالدرجة الأولى واشنطن وتل أبيب. ويكفى سوء السمعة الذى تعرضت له أمريكا طوال هذه الحرب، ويكفى أن شعوب العالم أجمع بمن فيهم الشعب الأمريكى فقد ثقته الكاملة فى الإدارة الأمريكية التى تساعد تل أبيب على كل هذه الجرائم البشعة فى حق الإنسانية جمعاء.
الورقة المصرية هى طوق نجاة لكل الأطراف وعلى الجميع الامتثال لها، وتعبر تعبيرًا حقيقياً عن حكمة ورشادة الدولة المصرية، وكعادة مصر التى تحمل على عاتقها هموم الأمة العربية خاصة الأمة الفلسطينية منذ تشكيل العصابات الصهيونية ومرورًا بوعد بلفور المشئوم عام 1917 وانتهاء بإعلان كيان الدولة العبرية والحرب الأخيرة على غزة.. وبالتالى فإن المقترحات المصرية هى الحل الوحيد لوقف اشتعال المنطقة بهذا الشكل، تمهيدًا لإجراء مفاوضات مباشرة وتنفيذ الشرعية الدولية بتطبيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
تحية للدولة المصرية والقيادة السياسية على هذه الحكمة والكياسة والفطنة فى التعامل مع كارثة تتعرض لها المنطقة.
الدور المصرى لم ينته أو يضعف تجاه الأشقاء العرب جميعاً وعلى رأسهم الفلسطينيون، فمصر لديها إصرار شديد على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تفعيلاً لحل الدولتين وتنفيذاًً للشرعية والمواثيق الدولية، وهذا الموقف المصرى لم ولن يتغير أبداً، فهذه عقيدة مصر، ولا يمكن أبداً أن تتخلى عن القضية الفلسطينية كما يشيع أهل الشر وعلى رأسهم الاحتلال الصهيونى الذى ينسج الشائعات والأكاذيب فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. والمعروف أن أكثر من تسعين فى المائة من المساعدات الإنسانية مصدرها مصر، والباقى من كل دول العالم، وبالتالى تكون مصر عند موقفها الداعم لفلسطين وليس كما يروج أهل الشر والاحتلال الصهيوني.
كل التصريحات الصادرة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة المصرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية وحتى الآن تؤكد حتمية وقف اطلاق النار فى غزة وإنهاء إسرائيل لأعمالها العدائية، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية، وضمان عدم تعرض الاحتلال الصهيونى لها أو استخدامها فى ارتكاب مجازر ضد الجوعي. وما زالت مصر تحذر شديد التحذير من شن أى عملية عسكرية فى رفح الفلسطينية، لأن هذا يشعل المنطقة ويؤثر تأثيراً سلبياً ليس فقط على دول المنطقة وإنما على الإقليم بأسره ودول العالم أجمع. ولذلك فإن الموقف المصرى ثابت ولا يمكن أن يتغير، وهو ما أعلنته مصر بالتحذير من أى عمليات عسكرية فى رفح الفلسطينية ورفض كل إجراءات تصفية القضية.