فى أوقات المحن والأزمات يشتد الضباب فيحكم اللا يقين وتظهر الطبقات الطفيلية لتتسلل عبر أنفاق غير مرئية متوهمة أنها قادرة على الصعود على أكتاف الرجال وتشيع الفتن ويكثر اللغط ويتحول المتحولون ويثبت القليلون، وعندما أقف على ناصية الحكمة والروية والتجرد وأستغرق متأملاً فيما يجرى ويدور حولى واستمع الى همسات بعضهم وهم يغمزون ويلمزون على أصحاب الفضل عليهم ويصفونهم بأقذع الصفات ويهاجمون فعالهم رغم أن بعض هذه الفعال هى من جاءت بهم إلى أماكنهم التى قطعا ويقينا لا يستحقونها، وعندما أرى عديمى الشرف يقفون على قارعة الطريق يحاولون سرقة واستلاب شرف الشرفاء ليكونوا أمثالهم، وعندما أرى الغانيات ترتدين ثياب القديسات ويتحدثن فقط عما يفتقدنه من شرف وكرامة ووطنية، وعندما تجد هؤلاء الذين يكذبون بصدق ويخونون بمهارة وجسارة، عندما يحدث كل هذا أمام عينك لا تبتئس بل كن على يقين أنك منتصر لا محالة رغم كل هذا العبث وكل هذه الحماقة، ثم آه من الحماقة لو امتزجت بالكبر وألف آه لو تعانق الغباء معها ستجد تفسيرا مجازيا لقوله تعالى «ويخلق ما لا تعلمون» وستقول بأعلى صوتك ولله فى خلقه شئون، قابلت فى حياتى الكثير من هؤلاء وتعلمت منهم ألا أكون منهم أو معهم مهما كانت الظروف، فى مدرستى وجامعتى قابلتهم وفى قريتى ومدينتى شاهدتهم والآن ومع اشتعال الرأس شيبا وظهور بعض من بوادر الحكمة والتى تكونت من مجالسة الكبار والعقلاء والحكماء والبسطاء وكذلك مما رأيته من سلوك الحمقى والاغبياء أقابل أحد هؤلاء الحمقى والتوافه والاغبياء فأنظر اليهم بعين الشفقة لا بعين الكراهية، أدعو لهم بالهداية وصلاح الحال وعودة الضمير الغائب والتوقف عن عبادة الذات والسجود للهوى والتسبيح للشيطان، أدعو لهم صادقا مخلصا لكننى أحتقر فعالهم وخصالهم وما تخفى صدورهم، من هنا دعوت وادعو الى صلاح القلوب الخربة بنظرة تأملية الى من سبقونا ورحلوا عن دنيانا، فمنهم من رحل ولا أثر له ولا ذكر إلا مطاردة اللعنات لاسمه ورسمه عندما يذكر عرضا، وهناك من يستمر عطر السيرة والمسيرة، فعلينا أن نختار بين هؤلاء وهؤلاء، فاللهم إنى أسألك أن تطهر قلوبنا وتحسن خاتمتنا.