الأمر زاد على الحد ووصل إلى مرحلة خطيرة لا يمكن السكوت عنها بأى حال من الأحوال.. كنا فيما مضى نعرف أن الدكتوراه لا يحملها إلا من اجتهد ودرس وسهر الليالى الطوال.. ولا يحصل عليها إلا بعد مجهود شاق وسنوات طوال من العمل والمثابرة والبحث فى المراجع والدراسات والأبحاث.. وكالمتبع فدرجة الدكتوراه يسبقها بالضرورة الحصول على درجة الماجستير بامتياز أو جيد جداً على الأقل.. ويسبق الماجستير الحصول على دبلومة الدراسات العليا أو دبلومتين بنفس التقدير.
كان الأمر من الصعوبة بمكان ومازال حتى الآن فى كل جامعات العالم ومنها بالطبع مصر.. هذا فيما يخص الدكتوراه الحقيقية التى نتحدث عنها والتى لا يحصل عليها إلا كل مجتهد وصاحب فكر فى مجاله وتخصصه.. أما غير ذلك مما نراه الآن من عبث على الساحة بتوزيع ألقاب الدكتوراه على كل من هب ودب ومن جهات مجهولة المصدر أو من جمعيات وصحف بير السلم.. فهو أمر مرفوض يدخل كما قلنا فى نطاق النصب والعبث المرفوض قلباً وقالباً.
أما الدكتوراه الفخرية فهى أيضاً لها قواعد وأصول لا يمكن تجاوزها ولا يمكن إنكارها أو تجاهلها.. فالجهة المانحة لابد أن تكون جهة رسمية كالجامعات والهيئات الدولية المعتمدة.. وليست جهات مجهولة الهوية كما يحدث الآن.. ويجب أيضاً أن تكون الشخصية التى يتم منحها الدكتوراه الفخرية شخصية عامة ولها إنجازاتها التى لا يمكن إنكارها فى مجالها وتخصصها كرؤساء الدول أو الأدباء وكبار الكتاب والمفكرين والعلماء.. فلا يجوز منح الدكتوراه الفخرية لكل من هب ودب أو لمن يدفع مقابل اللقب الفخرى ليحمل لقب دكتور وهو أبعد ما يكون عن هذا الشرف.
أما الآن فحدث ولا حرج عن ألقاب الدكتوراه الفخرية التى يتم منحها من جهات مجهولة الهوية لا يعرفها أحد هى فى الغالب مجرد جمعيات لا يعرفها أحد ولا يعرف لها دور ولا نشاط ملموس سوى حفل يقام لجمع الأموال وتوزيع الألقاب الفخرية على كل من دفع المقابل.. وكثيراً ما تجد أمامك الدكتور فلان فتبحث عن تاريخه أو تخصصه أو مجال عمله فلا تجد سوى الوهم.. حتى أن كثيرين ممن يحملون الألقاب الفخرية قد لا يحمل مؤهلاً عالياً أو يمكن ألا يكون حاصلاً على أى مؤهلات علمية أو دراسية بالمرة المهم أن يدفع المقابل للجهة المانحة.. والتى ينطبق عليها مقولة «منح من لا يملك من لا يستحق».
لأننا أصبحنا فى حالة من العبث واللا معقول فقد وصلنا إلى حالة المنح لألقاب عديدة لم يكن يحصل عليها إلا أشخاص قليلون فى مناصب وأماكن محدودة.. فأصبح هناك من يمنح لقب المستشار وهناك من يمنح لقب السفير.. وكلها بالطبع ألقاب فخرية لا تسمن ولا تغنى من جوع ولكنها تمنح حاملها مكانة لا يستحقها بل ويمارس بها النصب على البسطاء وغير البسطاء.. المهم أن يحصل سعادته على لقب «معالى السفير» و»سيادة المستشار» دون خجل أول وجل.