يبدو أن الوضع فى الشرق الأوسط مرشح لمزيد الاضطرابات والتصعيد الخطير والنزيف المستمر للدماء، فالكيان الاسرائيلى الذى يمارس عدوانا وحشيا ضد قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى لا يريد أن يوقف هذا الاندفاع والتهور باتجاه فتح جبهة جديدة فى الشمال ضد حزب الله على الحدود مع لبنان. . حزب الله الذى يؤرق ليل الكيان الإسرائيلى ونهاره، منذ إعلانه عدم ترك قطاع غزة يواجه العدوان الإسرائيلى وحده، وفتح جبهة اسناد حربى من الشمال فى حدود قواعد الاشتباك المقبولة دوليا، ولكن الكيان الاسرائيلى المتغطرس والذى يهدد يوميا باجتياح لبنان وإعادته إلى القرون الوسطى يخرج على قواعد الاشتباك باستهداف قيادات الصف الأول لحزب الله وهو ما أخرج الحزب عن صمته، ووجه رسائل تحذيرية شديدة إلى الكيان بعد استهداف القيادى ابو طالب.
بدأها الحزب بإرسال أكثر من مائة مسيرة بالتوازى مع قصف بمئات الصواريخ التى انهالت على شمال الكيان وقتلت وأصابت العشرات من العسكريين والمدنيين الاسرائيلية كما أحرقت مساحات ومناطق عديدة من المستوطنات.. تلاها الفيديو الذى نشره الحزب والذى يظهر تمكن مسيرة تابعة للحزب من اختراق الحدود وتصوير وتحديد احداثيات دقيقة للمنشآت العسكرية والاقتصادية والبشرية وصولا لمدينة حيفا التى يعتبرها الكيان منطقة آمنة خضراء له.
آخرها الخطاب الذى تحدث فيه الامين العام للحزب الأربعاء الماضى عن القدرات العسكرية المتقدمة والقدرات البشرية المتحمسة والراغبة فى العبور تجاه أرض فلسطين المحتلة، وتحدث فيه عن أن حزب الله لن يتوقف عن الدعم والإسناد الذى يقدمه لقطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، طالما استمر العدوان ولم يرضخ لشروط المقاومة والدخول فى صفقة شاملة لوقف الحرب المستمرة من تسعة أشهر نهائيا وتبادل الاسرى بين الجانبين هذه المعطيات بلا شك ليست غائبة عن المجتمع الدولى وعن صانع القرار الامريكى والذى يحاول الضغط على الرئاسة اللبنانية لفصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة، ولكنه فى الوقت نفسه يرتجف لأن مآلات توسع الحرب فى الشمال سوف يكون كارثيا على الكيان الإسرائيلى والمصالح الغربية لأنه يعلم تماما أن حزب الله الذى استفاد خلال عشر سنوات من الحرب فى سوريا بتطوير وتحديث قدراته العسكرية، التى يملك فيها مئات الآلاف من الصواريخ الموجهة والآلاف من المسيرات القتالية، وعشرات الآلاف من الشباب المتشوق والمتحفز للثأر من الكيان الاسرائيلي.
العالم كله يدرك أن الأزمة الآن تكمن فى نتنياهو ومجلسه المتطرف الذى لا يريد الاعتراف بهزيمته أمام المقاومة الفلسطينية التى نفذت واحدة من أجرأ العمليات العسكرية ضد إسرائيل من حرب السادس من أكتوبر التى نفذها الجيش المصري، ولا يريد الرضوخ لمطالب وشروط المقاومة التى تحتفظ فى أنفاق غزة الطويلة أكثر من مائة وخمسين إسرائيليا ويتخبط بشدة ويريد اللعب بالنار مع حزب الله الذى يملك أرضا أوسع وقدرات أكبر وداعمين دوليين وخطوط إمداد لن تتوقف لو استمرت الحرب عشرات السنين.