تقدم القدوة الحسنة للتمثل بايجابية والاستفادة منها فى عملية التنمية والتطوير والمشاركة بفاعلية فى بناء الجمهورية الجديدة.
ونحن صغار كثيراً ما كان بعض أفراد العائلة والمدرسين يسألوننا من هو مثلك الأعلى وتحب تطلع زى مين، لتتنوع الإجابة بين هذا الفنان المحبوب أو اللاعب الشهير، وربما غيرهما من مشاهير المجتمع ونجومه، ودائماً نختار شخصيات ناجحة لنصبح مثلها وكان أبى يتمنى أن أصبح مثل أمينة السعيد لأنها المثل الأعلى عنده من النساء.
وكنت أوافقه فى الرأى وفعلاً كان أول سفر لى هى «كوبنهاجن» مع السيدة جيهان السادات وأمينة السعيد المتحدثة الرسمية باسمها.. وكنت مبهورة وقتها بإجابات أمينة السعيد للفلسطينيات اللاتى رفضن اتفاقية الرئيس السادات.. وكن يقفن خارج المؤتمر للهجوم على السيدة جيهان السادات وكانت تستمر فى كلمتها وتتركهن يفعلن ما يردن وأثبتت الأيام أن اتفاقية مصر على حق وأن فلسطين وياسر عرفات كانوا سيكسبون الكثير وقتها.
حقيقة الأمر أن الحديث عن القدوة حديث متكرر لكنه حديث مهم وغير ممل لأننا باستمرار نحتاج فى حياتنا إلى القدوة والمثل الأعلى والنموذج فى مختلف الفروع والمجالات.. والقدوة قد تكون من بين رجال الدين أو السياسيين والعسكريين أو الاقتصاديين أو رواد الأعمال والفنانين والرياضيين والأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين والإعلاميين وغيرهم.
وعندما نتحدث عن الصحفيين لا أستطيع أن أنسى فضل الراحل محسن محمد عندما كان رئيساً لصحيفة الجمهورية وله فضل كبير على مسيرتى الصحفية لأننى تعلمت منه الكثير ماذا أقرأ وماذا أكتب.. ومن التقى به وكان القدوة بالنسبة لى وخصوصاً أنى كنت لم أصل بعد إلى الثلاثين من العمر.. وكان يومياً يبعث إلى بأفكار من الصحف الأجنبية ويكتب هل ممكن أن نجعلها تتناول مشاكل مصر أو كيفية النهوض بكل مجالات الحياة.
والقدوة Rolemodel حسب علماء الاجتماع هو شخصية مرجعية للآخرين يتأثرون ويتوارثون أفكاره وينقلون أعماله كما أن الشخص القدوة هو الشخص الذى يمثل دوراً اجتماعياً لأشخاص آخرين سواء عن قصد أو عن غير قصد.. وفى قواميس اللغة فإن القدوة مصطلح يعنى المثال والنموذج.. أى من يتخذه الناس مثلاً أعلى فى حياتهم وممارستهم اليومية فنقول عن فلان أو فلانة قدوة ومثال يقتدى به الآخرون.
وعبر التاريخ كثيراً ما ظهرت شخصيات كثيرة رائدة.. ملهمة.. قدوة للآخرين على المستوى القومى والإقليمى والدولى تتزين بها صفحات الكتب والموسوعات والمقالات والدراسات والأبحاث وتكون موضوعاً لأعمال تسجيلية ودرامية حيث إن الاهتمام بالسيرة والتراجم لهؤلاء الذين صنعوا التاريخ وخلفوا آثاراً مهمة تتمثل فى مدونة التاريخ.. مكاناً مرموقاً.. لأن التاريخ هو البحث عن الحقيقة فى حياة إنسان فز والكشف عن مواهب وأسرار عبقريته من ظروف حياته التى عاشها والأحداث التى واجهها فى محيطه والأثر الذى خلفه، وهذا كان واضحاً فى كتاب حسين فوزى النجار فى كتابه «التاريخ والسيرة».
وذكر التاريخ أن الزعيم سعد زغلول فى ثورة المصريين سنة 1919 كان ملماً للزعيم المهاتما غاندى من 1819 ــ 1948 فغاندى كان يعتبر سعد زغلول أستاذه فى الوطنية وفى القرن التاسع عشر والقرن العشرين كان رفاعة الطهطاوى قدوة لآخرين فى زمانه.. وهكذا كان قدوة لآخرين فى زمانه وهكذا السيد جمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده… ومصطفى كامل وسلامة موسى وهدى شعراوى والدكتور أحمد زويل والبابا شنودة.. ومن المعاصرين دكتور مجدى يعقوب ومحمد صلاح.. والقائمة طويلة.
ويلاحظ أن بعض المدارس تحمل أسماء شخصيات رائدة وملهمة، وكذلك أسماء بعض الشوارع ومحطات المترو، وفى معرض القاهرة الدولى للكتاب يتم اختيار كل عام شخصية المعرض من بين المثقفين وشخصية أخرى من كتاب الأطفال والتليفزيون أيضاً يقدم شخصيات مشهورة ورائدة فى كل مسلسلات رمضان فنجد قاسم أمين ومصطفى مشرفة، والشيخ محمد متولى الشعراوى وأم كلثوم وعبدالحليم وصباح وأسمهان.
وقيمة القدوة الحسنة «الرمز» أنه يقدم قيماً حياتية سائدة فى المجتمع من خلال مختلف الوسائل فى مناهج التعليم ومقرراته وفى الندوات ومراكز الشباب وقدمت أيضاً خلال مناهج التعليم فتقديم القدوة الحسنة تتمثل فى ايجابياتها فى عملية التنمية الاجتماعية والتطوير والمشاركة بفاعلية فى بناء الجمهورية الجديدة.