هل صادفت فى حياتك بطولها وعرضها شخصا واحداً فى هذا العالم يقول لك «أنا غبي» أو «أنا أحمق» وهل قابلت أحدهم وهو يعترف لك بقوله «أنا لا أفهم الأشياء بالقدر الكافي» أو «أنا محدود الذكاء»؟ بالتأكيد لم نقابل فى حياتنا أحدا من هؤلاء رغم أنهم كثيرون ومنتشرون فى كل مكان فنحن محاطون بالأغبياء والحمقى والنرجسيين والسطحيين والرماديين معظم أوقاتنا ونرى ثمار صنيعهم من أزمات ومشاكل وحروب وصراعات أمام أعيننا لكن أحدهم لم يخرج ولو مرة واحدة ليعترف بأنه غبى أو أنه أحمق، لكن من الممكن أن يعترف احدهم بأنه أخطأ لكنه لم ولن يعترف بأنه غبى أو أحمق، سيلقى باللوم على الآخرين القريبين والبعيدين المحبين والكارهين، على الجانب الآخر ستجد الحكماء والأذكياء يتوارون بعيدا عن ساحات النزال والجدال مع أهل الحماقة احتراما لأنفسهم وابتعادا عن انتظار حكم الغوغائية اللعينة التى تقف منتصبة على غضاريف الحناجر وأطراف الألسن، الغريب أننا نعرف هذا جيدا ونردده ونكتبه ونؤمن به قولا واحداً، لكننا نخوض مع الخائضين فلا نواجه الحماقة ولا نتجرأ على أصحابها مخافة من الوقوع فى شراك الاشتباك الذى له تبعات وفواتير معنوية ومادية، على كل أتذكر حماقة من استخدم القنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكى واستحضر غباء بوش الأب والابن وتونى بلير ومن قبلهم هتلر وموسولينى وصولا إلى الضحاك ومسيلمة وابن سلول وابولؤة وقتلة عمر وعثمان وعلى والحسين وغيرهم لقد ارتكبوا حماقات تاريخيّة وكان سلاحهم الغباء المحكم، لكن السؤال هل تعلمنا من أخطاء هؤلاء؟ الإجابة سريعة التحضير هى بالتأكيد لا، لم نتعلم من اخطاء من سبقونا والقرآن العظيم ضرب أمثالا وروى قصصا وحكايات عن الأمم السابقة وما ارتكبته من اخطاء وما جنته انتقاماً، لم نتعلم بالطبع ولن نتعلم بالتأكيد فممارسة الأخطاء والغباء والحماقة لصيقة ببنى البشر، ودائما ما أقول «أنا لست غبيا حتى أتعلم من أخطائي، على ً ان أتعلم من أخطاء الآخرين» لكننى لا أتعلم بالقدر الكافى الوافي، فالتعلم من اخطاء الآخرين ضرورى وواجب فى كل الأحوال حيث إنك لن تعش ما يكفيك من العمر كى ترتكبها كلها بنفسك! ستعيد لك الحياة الصفعة مرارا ريثما تتعلم، يقول الكاتب والفيلسوف الروسى دوستوفيسكى فى رائعته الشهيرة.
«فى قبوي»: «قد تجد إنساناً يتهكم على الأغبياء الحمقى الذين لا يفهمون لا مصالحهم الحقيقية ولا القيمة الحقيقية للفضيلة، هؤلاء لا تنقضى ربع ساعة، ربع ساعة على وجه الدقة حتى نراهم يقومون بعمل سخيف أو يرتكبون حماقة جديدة دون أى سبب غير اندفاع داخلى أقوى من جميع اعتبارات المصلحة والمنفعة، يجعلهم يعملون على نقيض جميع القواعد التى ذكرها، على نقيض العقل، على نقيض مصالحه».
أما الكاتب جيمس ويلز فى كتابه – فهم الغباء- فيقول إن الغبى غير قادر على التكيف ويتصرف بطريقة تمنعه من فهم ما يدور حوله من الحقائق الجديدة، والمتغيرات الحاصلة فالغباء إذن هو سلوك يهزم صاحبه فلا يكتسب أى فائدة من خلال التصرف بطريقة غبية، والغباء أنواع فهناك الغباء التكتيكى والوقائى والفكرى والعاطفى والخلقي.