مازلنا مع معجزة ثورة 30 يونيو التى بدأنا الحديث عنها الأسبوع الماضي، هذه المعجزة التى شارك فيها الشعب والجيش والشرطة ونجم عنها دحر الإرهاب وإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية والبدء فى تنفيذ مشروعنا التنموى العملاق، والأهم أننا موجودون الآن نتمتع بالحرية والأمن والاستقرار بفضل التضحيات الكبيرة التى قدمها أبطال مصر وشهداؤها فى ثورة 30 يونيو والذين هم – وبجميع المقاييس- امتداد لأبطالنا فى كل الثورات والحروب التى اشتعلت وخاضتها مصر وتجذرت بسببها فى أعماق التاريخ مشيدة اكبر وأعظم الحضارات.
ولكن لماذا هذه الخصوصية التى تميزت بها ثورة 30 يوينو وهذا الإعجاز الذى اتسمت به رغم أنها «أى الثورة» تشكل حلقة من حلقات نضال وكفاح المصريين الممتد عبر زمن طويل ضد الاستعمار القديم والجديد، والإجابة نجدها فى عبارة شهيرة لفتاة مصرية ممن شاركن أو عايشن الثورة والأيام الصعبة التى سبقتها، العبارة تقول «لولا أنتم ما كنا هنا»، فى إشارة إلى شهداء الثورة وشهداء مصر والذين ضحوا بأنفسهم وبدمائهم لكى تبقى مصر حرة أبية ولكى نبقى جميعا فى أماكننا نستمتع بالأمن والأمان والاستقرار.
عبقرية العبارة «لولا أنتم ما كنا هنا» ظهرت بوضوح وسط الجماهير فى استاد القاهرة قبل سنوات، فقد كتبتها الفتاة على لافتة كبيرة مرسوم عليها بعض من جنودنا البواسل وشهدائنا الأبرار، وذهبت بها إلى الاستاد فى احتفال سابق بذكرى ثورة 30 يونيو وكانت المفاجأة فى التفاعل الكبير من قبل الجماهير مع اللافتة ومع العبارة أو الشعار المكتوب عليها، لتتحول بعد ذلك إلى «أيقونة» مصرية خالصة، تناقلتها وسائل الاعلام والقنوات الفضائية وتصدرت الصفحات الأولى بالصحف المحلية والدولية، مؤكدة أن مصر ومنذ الثورة أصبحت نموذجا فى الأمن والأمان وأنها تشق طريقها بثقة واقتدار نحو بناء الدولة العصرية الحديثة.
كان للعبارة «الأيقونة» – لولا انتم ما كنا هنا – مفعول السحر فى استعادة ذكريات مرحلة ما قبل ثورة 30 يونيو وشعور المواطنين بالخوف والرعب على بلادهم، خاصة بعد وصول جماعة الإخوان إلى السلطة، واختطاف أعضائها للدولة المصرية ومحاولاتهم المستمرة لسرقة هويتها وتقسيم شعبها وفقا لأفكار متشددة ومتطرفة كادت تؤدى إلى «فوضي» ونشوب حرب أهلية.
فهذه المخاوف أسفرت عن حراك شعبى منقطع النظير لم تتوقعه الجماعة ولا الجهات الاجنبية الداعمة لها، فيما دفع المصريون ثمنا باهظا لهذا الحراك، وسقط منهم الشهداء بالمئات أمام قصر الاتحادية وأمام المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الاعلامى وفى سيناء خلال مواجهة قواتنا المسلحة للتنظيمات الإرهابية الموالية للإخوان، وفى القاهرة ومحافظات أخرى أصر رجالها وشبابها على التصدى لإرهاب الجماعة و»خسة» عناصرها وخيانتهم لبلادهم.
لقد عاش المصريون أوقاتا عصيبة قبل ثورة 30 يونيو أخشى أن تغيب عن الذاكرة مع إنشغال المواطنين بدنياهم وأمور حياتهم، لذا فإن أهم ما نتمنى مشاهدته فى احتفالات ذكرى الثورة هذا العام عرض المشاهد الرائعة لصاحبة عبارة «لولا أنتم ما كنا هنا» والأجواء الصاخبة المصاحبة لها فى استاد القاهرة، كذلك كل المشاهد والوثائق التى تكشف إلى أى مدى يرتبط وجودنا على أرضنا الغالية بتضحيات من سبقونا، وأن الأجيال الحالية تتحمل مسئولية الحفاظ على الوطن ومقدساته أمام الأجيال القادمة.
وأخيراً علينا الاعتراف بأن مصر تواجه حاليا تحديات كبيرة لا تقل خطورة عن تحديات العقد الماضى مما يتطلب منا أن نكون «يداً واحدة» وعلى قلب رجل واحد، وأن نحافظ على كل المكتسبات التى حققها من ضحوا من أجلنا والذين «لولاهم ما كنا هنا».