رحبت بضيوفها، وعاشوا فيها تماماً كأهلها، وحملوا لها أجمل الذكريات عند مغادرتها، لم تنس عابرى السبيل، وخصصت لهم حجرة يقضون بها ساعات الليل، يأكلون من طعام أهل الدار بملاعقها وأطباقها.
جاءوا من الشمال والجنوب، ومن الشرق والغرب، بعد أن ملكت منهم العقل والقلب، منهم سالم الفلسطيني، جاء مع أسرته سنة 1948 بعد النكبة.. بنى بيتًا على مساحة كبيرة أمامه، عاش على خيراتها.. وكانت زوجته «منصورة»، تساعده فى رى المزرعة بالشادوف، وهى ترتدى الملابس الشعبية الفلسطينية، عاش فى القرية أكثر من 20 عاماً، سافربعدها للعمل فى ليبيا.
ومحمدين الصعيدي، فتح محلاً لبيع الفول والطعمية، على كوبرى البحر بين مدرستين، وكان صديقاً للصغار والكبار.
.. وأسرة كادحة من سوهاج، تعمل فى بيع الفخار، أقامت منزلاً بالقرية.
مجموعة من الإخوة والأخوات.. معظم الأسماء مشتقة من الصدق، والأخير رمضان «مدرس».. عاشوا جميعًا معززين مكرمين بين أهلها.
والقبيصى الذى جاء يستطلع الأحوال.. ثم جاء بأسرته من الصعيد، وأنشأ مقهى على البحر، وكان أهل القرية.
هذه نماذج على سبيل المثال لا الحصر.. جاءوا من بعيد، ومن قريب اختاروها للإقامة بها دون غيرها.
.. والمهندس الزراعى عبد المنعم عسل.. ناظر الزراعة.. أقام فيها مع أسرته، وكان يعيش فى بيت من أيام مصلحة الأملاك.. عاش فيها أكثر من ربع قرن قبل أن يعود إلى محافظة القليوبية.. والأستاذ صمويل، وكيل مكتب البريد، الذى استأجر منزلاً عاش فيه مع أسرته.. وبعد حرب 1967 جاء إليها عدد كبير من أسر بورسعيد، أقاموا بمدرسة المجمع واستمر الحال على هذا المنوال، يرحبون بالأسر الوافدة، يمدون إليها يد العون والمساعدة.
فتح رجل طيب اسمه عبد الرحمن القرينى «الكبير»، حجرة فى داره الواقع على البحر، أمام الجامع القديم، وأغلقها من الداخل، وجهزها لاستقبال عابرى السبيل يقضون ليلهم فيها.. وفى المأتم ذهبت صوانى الطعام إلى السرادق الذى يقام بجوار الجامع الجديد، ثم دار الضيافة، وتبدأ المعارك بين أهل القرية على الضيوف.
سأل أحد القادمين من المدينة الكبرى عن سبب هذا النزاع ؟!.. وقالوا له على الضيوف. وتعجب الرجل من هذا النزاع الجميل. فهذا جانب من تراث القرية، أقدمه للأجيال الجديدة، ليعرفوا أحوال بلدهم فى عصر آبائهم وأجدادهم.. للمحافظة على عزهم ومجدهم. والحفاظ على هذا التراث فى زمانهم وأيامهم.