أدهشنى كثيرًا تعليمات أصحاب محلات الخضر والفاكهة بأسواق الجملة بعدم جنى الخضروات والفاكهة إلا بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى المبارك والتى تستغرق ثمانية أيام، ونسى هؤلاء أن نضوج الثمار لا ينتظر أحداً ولا يتوقف على عطلة أو مناسبة، عند النُضج الكامل نختار بين أمرين القطف فى الحال أو التلف والخسارة مثل الطماطم والتين وغيرهما من الخضر والفاكهة التى تُجنى يوم بعد يوم، واندهاشى هنا من اللامبالاة التى يعيشها هؤلاء التجار وتعليماتهم غير المسئولة بالمرة، لا يفكرون إلا فى مصلحتهم فقط، بصرف النظر عن الخسائر التى تلحق بالطرف الأساسى فى تداول السلع وهو المزارع الذى يمثل أهم طرف فى مرحلة توفير السلعة.
ماسبق نموذج فاضح لسياسة الجزر المنعزلة التى يعيشها مجتمع الاستثمار الاغلبية منه لا يفكر إلا فى مصلحته الشخصية ليس فقط بل يسعى البعض لشغل الأخر بنشر الفتن والأكاذيب والشائعات للنيل من نجاحه ويصبح هو وحده على الساحة معتقدًا فى ذلك الاستحواذ على السوق.
ياسادة لابد أن نفهم أن النجاح فى الاجتهاد والتكتل وإذا تطلب الأمر الدمج، فقد اختلفت معايير الاقتصاد العالمى وأصبح العمل الفردى أو القيام بكل الأدوار غير مفيد دون تنسيق أو تكامل، نحن نعيش الآن عالماً مختلفاً يبحث عن التكتل الاقتصادى الذى يستهدف خفض التكلفة قدر الإمكان من أجل زيادة القدرات التنافسية من ناحية والاحتكاك بالتكنولوجيا العالمية واكتساب الخبرات المتعددة من ناحية اخري، نحن نعيش الآن زمن الكيانات الكبيرة التى لديها القدرة على دخول مشروع متكامل مرتبط بدولة بأكملها أو إقليم واسع النطاق أو حتى قارة مترامية الأطراف.
حقًا انتهى زمن الشركات العائلية التى تعانى من الإدارة العقيمة وصراع السيطرة والاستحواذ بين الأجداد والآباء والأحفاد حتى نصل إلى التفتت ثم الذوبان والاندثار وتصير العائلة بعد العراقة والشموخ الى الفقر والاحتياج ،لابد ان ننهض ونتعاون ونتطور ونبث داخل العائلة أن النجاح فى التكتل والتضامن وأن فصل الملكية عن الإدارة هو الضامن الوحيد للتنمية المستدامة واستمرار المشروع إلى ما شاء الله، لابد أن نعرف أنه لا ينجح أحد بمفرده، وقد أثبتت التجارب ذلك بامتياز.
حقًا إن الأمر اختلف تمامًا.. لابد أن نعرف طريقاً واحداً لا غيره هو التكامل والتنسيق مع المنافس خاصة فى المعارض الخارجية وتوقيع الصفقات التصديرية، وجدت هذه الروح فى أجنحة دول متقدمة كثيرة فى المعارض الخارجية حيث يسعى أصحاب المصانع فى القطاع الواحد إلى استكمال الصفقة عندما تفوق كمياتها امكانياتهم ويحاولون تدبير باقى الطلبية من المنافسين فى الدولة، هؤلاء لهم رؤية أكبر وأشمل هى الأمن القومى للبلاد التى تعتبر عندهم فوق كل اعتبار لانهم يؤمنون أن التعاون والتكاتف فى الصفقات يفيد البلد على كافة المسارات.
يجب أن نفهم أن محاصيلنا من الخضر والفاكهة ثروة قومية لابد أن نحافظ عليها من التلف وأن يكون هناك طوارئ على مدار 24 ساعة فى العطلات الطويلة على غرار المستشفيات والمخابز وغيرها من الخدمات الحيوية الأخري.
وأقترح هنا تخصيص جناح على مدار الساعة فى كل سوق جملة لاستقبال المحاصيل سريعة التلف مثل الطماطم وأخواتها والعمل على تداولها فى أسواق التجزئة والتخلص منها قبل تلفها وتحقيق خسائر هائلة لأصحاب الحقول والمزارع.