فى كلمته التى تضمت أكثر من 60 رسالة لأوروبا وواشنطن والعالم، قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمس إن الخطر على أوروبا لا يأتى من روسيا، وإنما التهديد الرئيسى للأوروبيين يكمن فى الاعتماد شبه الكامل، على الولايات المتحدة فى المجالات العسكرية والسياسية والتكنولوجية والأيديولوجية والمعلوماتية.
ووصف الرئيس الروسى خلال مؤتمر صحفى فى مقر وزارة الخارجية الروسية على هامش لقائه مع كوادر الخارجية الروسية بحضور الوزير سيرجى لافروف التقارير التى تفيد بأن روسيا تريد مهاجمة أوروبا بأنها محض هراء لتبرير سباق التسلح. مشيرا إلى أن علاقات روسيا مع عدد من الدول الأوروبية تدهورت الآن، ولكن ليس بسبب خطأ روسيا.
وأكد بوتين على أنه يمكن لأوروبا أن تحافظ على نفسها كأحد مراكز التنمية إذا حافظت على علاقات جيدة مع روسيا. ونوه إلى أن هناك محاولات أمريكية مستمرة لتمرير النهج الإمبريالى والهيمنة من أجل استنزاف القارة الأوروبية، واصفا ذلك بأنه طريق مسدود بلا أفق.
وأكد بوتين أن العالم يتغير بسرعة كبيرة، وأنه لن يعود كما كان من قبل لا فى السياسة ولا فى الاقتصاد. واعتبر بوتين أن أسس النظام العالمى متعدد الأقطاب تتشكل على أساس الواقع الجديد، لافتا إلى أن إرساء مبادئ التعددية القطبية فى الشئون الدولية يسمح للجميع بحل المشاكل الأكثر تعقيدا .
وفى هذا الصدد قال الرئيس الروسى إن هناك المزيد من الدول تسعى لتعزيز السيادة والاكتفاء الذاتى والهوية الوطنية والثقافية، وفى مقدمتها بلدان الجنوب والشرق فى العالم، مؤكداً أن دور أفريقيا وأمريكا اللاتينية آخذ فى الازدياد.
وأشار بوتين إلى أنه كان هناك فرصة للمجتمع الدولى فى نهاية القرن الماضي، قائلا «كان المطلوب فقط سماع بعضنا البعض، لكن كانت هناك هيمنة أخري، لا سيما من جانب الولايات المتحدة التى اعتقدت أنها انتصرت فى الحرب الباردة، وبدأت فى التوسع شرقا بلا حدود».
وقال إن دبلوماسية الناتو التى يطبقها الغرب، تنهض على إلقاء اللوم على الدول التى يخطط لتقييد تطورها وزيادة الضغط عليها، بما فيها روسيا، متهماً أنانية الدول الغربية وغطرستها بالوصول إلى الوضع الحالي. وأشار بوتين إلى أنه تم استخدامها أيضا فى العراق وسوريا وأفغانستان، ولم تأت بأى نتائج عدا أنها فاقمت المشكلات الموجودة وكانت سببا فى تشريد الشعوب وهدم الدول وزيادة الكوارث الإنسانية.
وبشأن مصادر الأموال الروسية، قال بوتين إنه بسرقة الأصول والأموال الروسية يخطو الغرب والأمريكيون خطوة أخرى نحو تدمير النظام الذى أنشأوه بأنفسهم، مؤكداً أنها لن تمر من دون عقاب. وأوضح أن انعدام الثقة فى العملات الغربية آخذ فى الازدياد، مشيراً إلى أنه آن الأوان لرسم وتطوير العلاقات والإجراءات المشتركة عبر توسيع التعامل بالعملات الوطنية.
وأضاف بوتين أنّ «العالم يقترب من نقطة اللاعودة، بسبب تصرفات ودعوات الغرب، لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا المسلحة نووياً».
وقال إن روسيا تقدم اليوم اقتراحاً للتسوية الحقيقية وإنهاء الصراع مع أوكرانيا، مؤكداً أن الغرب سيكون مسئولاً عن إراقة الدماء فى حال تم رفض اقتراح التسوية الذى اقترحته موسكو، خاصة أنه سبق ورفضت أوكرانيا طريق السلام بأوامر من الغرب، قائلاً إن «النخب الغربية» هم الأسياد الحقيقيون لأوكرانيا وليس الشعب.
وأكد بوتين فى ختام كلمته أن بلاده مستعدة لحوار جدى وحقيقى مع جميع الدول حول كافة القضايا المتعلقة بالأمن الدولي.