بعد أيام قليلة من صدور قرار محكمة الدولية بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة واتخاذ التدابير اللازمة من أجل تمكين القائمين على تقديم المساعدات للغزيين الذين اجبروا على ترك منازلهم هربا من القصف الإسرائيلى بالأسلحة الامريكية والغربية جاء قرار أمريكا بوقف الدعم لوكالة الاونروا لغوث اللاجئين والمقدر وفق للامم المتحدة 130 مليون دولار وتعد امريكا أكبر المانحين يليها الاتحاد الاوروبى ليشكلا 45٪ من اجمالى التمويل وسار فى ركبهم هذا ١١ دولة اخرى معروفة بمساندة دولة الاحتلال.
قرارت وقف تمويل وكالة الاونروا بادعاء الاحتلال قيام بعض موظفيها بالمشاركة فى عملية طوفان الاقصى والانتماء لحركة حماس ما هو الا بمثابة عصيان علنى لقرار محكمة العدل الدولية وعقاب لان تقاريرها كانت ضمن المستندات التى اعتمدت عليها محكمة العدل الدولية فى قرارها كما جاء على لسان المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الانسان بالأراضى الفلسطينية المحتلة «فرانشيسكا اليانيز» وان قرار وقف التمويل يعنى معاقبة جماعية لملايين الفلسطينيين وانتهاكا للالتزامات بموجب اتفاقية منع الابادة الجماعية والذى دعت محكمة العدل الدولية فى قرارها الى منع ارتكاب أى عمل يحتمل ان يرق للإبادة الجماعية فى قطاع غزة واتخاذ اجراءات فورية لتوفير المساعدات الانسانية.
استهداف وكالة الاونروا ليس جديدا وانما بدا فى عهد الرئيس الأمريكى السابق ترامب حين هدد عام 2018 بتقليص أمريكا تمويلها إلى النصف وتهديده بقطع المعونات عن الفلسطينيين ما لم يعودوا للتفاوض مع إسرائيل وذلك بعد اعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال وصدور قانون يهودية الدولة.
لذلك ياتى قرار بعض الدول وقف تمويلها من منطلق سياسى مساند للصهيونية لان هذه الدول مناصرة للكيان فى حربه للإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى ويؤكد ذلك استمرار غض الطرف عن ما يحدث من مداهمات وقتل واعتقالات لسكان المخيمات فى الضفة الغربية بهدف تصفية القضية الفلسطينية واجبار الفلسطينيين على ترك أرضهم وافراغ أكبر قدر ممكن من الأراضى الفلسطينية من سكانها اما بالقتل او الاجبار على التهجير وفق لتصريحات صادرة عن خارجية دولة الاحتلال فانهم يعملون على الا تكون الاونروا جزء من اليوم التاليل لحرب ووقف انشاطها فى غزة.
تاريخ نشأة وكالة الاونروا يجعلها العنوان لمشكلة اللاجئين واستمرارها حية لانها ولدت بعد نكبة 1948 بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 فى 1949 لتنفيذ برامج اغاثة للاجيء فلسطين وبدأت عملها الاغاثى عام 1950 وتخدم 5.6 مليون لاجيء مسجلين لديها يقيمون فى الاردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة وهؤلاء من فروا من منازلهم وقراهم بعد تقدم القوات الصهيونية وقامت بتهجيرهم وطردهم بالقوة والاستيلاء على قراهم ومنازلهم.
الاونروا لديها 58 مخيما للاجئين منهم 19 فى الضفة الغربية والاراضى المحتلة وتقدم المساعدات على مدار سبعة عقود ونصف العقد.
وبعد طوفان الاقصى بلغ عدد النازحين من مدن القطاع الشمالية إلى 1.7 مليون نازح يقدم لهم 13 ألف من العاملين فى وكالة غوث اللاجئين الخدمات موزعة على 300 منشأة.
ورغم الحماية الدولية للاونروا الا انها لم تسلم من الاعتداءات الصهيونية على القطاع واستشهاد المئات من العاملين بمقارها.
بهذا استهداف وكالة غوث اللاجئين مضمونة محاولة تصفية قضية اللاجئين لانه لن يكون هناك حل عادل للقضية الفلسطينية دون حل عادل لقضية اللاجئين التى تحافظ مساعدات الوكالة على استمرار قضيتهم وفلسطين الشتات من خلال تطبيق قرار الجمعية العامة 194 المتعلق بحق العودة وتعويض الفلسطينيين.
اذا تم مد الخط على استقامته رغم التناقضات فى الاقوال الامريكية والبريطانية والالمانية ومعظم الدول الاوروبية من ضرورة حماية المدنيين إلا ان كافة الافعال تستقيم مع اهداف دولة الاحتلال وستنهى بما قالة جييورا ايلاند والتؤمان سموتريش وبن جفير بجعل غزة لا تصلح للحياة واجبار سكانها على الهجرة الطوعية واعادة الاستيطان واحتلال القطاع من جديد كما جاء فى المؤتمر الجماهيرى لحزب عظمة يهودية والاستيلاء على بحر غزة بما فيه من ثروات واستكمال الطريق البرى من نيودلهى إلى حيفا.
ما يحدث يحتاج الى جهود العالم الإسلامى والعربى والدول الداعمة للقضية العربية لان ما يخطط الآن لا يخص الشعب الفلسطينى وانما سيطال الجميع ووفقا لحتمية التاريخ هل يمكن ان يتكرر فى القرن 21 ما فعلته أمريكا وكندا وبريطانيا مع السكان الاصليين؟ أم سيظل نموذج دولة جنوب أفريقيا ملهما للشعب الفلسطينى وكل الشعوب التواقة للتحرر من المستعمر؟!