لم تشهد البشرية على مدار تاريخها هذه الوحشية والبربرية والتى فاقت حياة الغاب تلك التى يمارسها جيش الاحتلال الصهيوني، وصفها الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنها حرب انتقامية تدميرية ضد غزة وأبنائها وبنيتها التحتية، ومنظومتها الصحية حرب إبادة بالمعنى الحقيقى للكلمة، يقتل فيها البشر والشجر والحجر، ويستخدم فيها سلاح التجويع والحصار لتدمير أى مقومات للحياة فى القطاع لتحقيق أهداف شيطانية لتهجير سكان غزة قسرياً من أراضيهم دون أدنى اكتراث أو احترام للمواثيق الدولية أو الأممية أو المعايير الإنسانية الأخلاقية، ودون اعتبار يذكر لانفجار الرأى العام، أو المؤسسات الدولية والأممية، أو حتى استجابة لضمير إنسانى بات مخجلاً ومخزياً يشير إلى سقوط النظام العالمى القائم الذى يعنى استمراره نشوب حرب عالمية ثالثة، تأكل الأخضر واليابس فى هذه المعمورة، بسبب الإجرام الصهيونى ورعاته وداعميه.
نحن أمام إجرام جديد يفوق أباطرة الشر والخراب والدمار والقتل وسفك الدماء، حيث تفوق الصهاينة على التتار، وأصبحوا نموذجاً حقيراً تخجل البشرية والإنسانية من جرائمهم، فلم تترك إسرائيل جريمة، أو سلوكاً همجياً أو وحشياً إلا وارتكبته، ولعل الأرقام التى ساقها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيرتش خلال كلمته فى قمة الأردن تؤكد هذا المعني، فنحن أمام 75 ٪ من سكان غزة نزحوا مرات كثيرة بسبب العدوان الصهيوني، وتحديداً 1.7 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى 80 ٪ وهو حجم الدمار فى القطاع، بعد توالى القصف الصهيونى لمنازل المواطنين، وقتل الأبرياء، والأطفال والنساء وكبار السن وتدمير المنشآت الحكومية والخدمية، سواء الجامعات والمدارس، ومحطات المياه والكهرباء، والمستشفيات، ومولدات الكهرباء فيها.
منهجية القتل الصهيونى للفلسطينيين تجاوزت إجرام الشيطان بمراحل، فقد وصل الأمر إلى تصفية متعمدة ومباشرة للمدنيين المسالمين الذين يرفعون أيديهم، أو يرفعون الراية البيضاء، أملاً فى عبور الشوارع آمنين إلا أن فوهات بنادق المجرمين تصوب رصاصاتها إلى أجسادهم لتحترق قلوبهم أو تقتلع عيونهم، ليس هذا فحسب بل يطلقون الكلاب لتنهش أجساد الشهداء الأبرار من الأبرياء، أو يأتون بالجرافات لإلقاء جثث الشهداء فى عرض الشوارع، ناهيك عن التمثيل بالجثث، وتعذيب المعتقلين وبتر أعضائهم، ومنع أى نوع من توفير سبل الحياة مثل الغذاء والعلاج، حتى وصل الأمر إلى وفاة بعضهم، فى غياب تام للعدالة والإنسانية تحت حماية الراعى الصهيونى وهى الولايات المتحدة الأمريكية.
«جويتريش» قال إن 50 ألف طفل فلسطينى يحتاجون إلى علاج عاجل بسبب سوء التغذية، فإسرائيل التى تتشدق بالحرية وأنها نموذج الإنسانية، وأن جيشها أكثر جيوش العالم أخلاقياً، يكشف أن الكيان الصهيونى لا يخجل من نفسه، رغم أنه غارق فى مستنقع الرذائل الأخلاقية والتجرد من أدنى أنواع ودرجات الإنسانية، فيكفى أن أعداد الشهداء من المدنيين الأبرياء العزل تجاوز الـ 37 ألف شهيد قرابة نصفهم من الأطفال، إضافة إلى آلاف النساء، ليدخل جيش الاحتلال بجدارة قائمة العار.. وأكثر الجيوش انحطاطاً ويستحق لقب «قتلة الأطفال» طبقاً لتصنيف الأمم المتحدة، لتدخل إسرائيل فى عداد المنظمات الإرهابية تنافس «داعش» بقوة وتتفوق عليها، والغريب والذى يؤكد تبعية المنظمات والجماعات الإرهابية مثل داعش والإخوان المجرمين أن هذه الجماعات لم تحرك ساكناً تجاه ما يحدث فى قطاع غزة، ولم توجه مجرد «لوم» للكيان الصهيوني، لذلك تدرك من يدير ويدعم ويمول ويحرك هذه الجماعات الإرهابية التى أنشأتها أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والصهيونية لتنفيذ حروب بالوكالة، وتهدم وتسقط دولاً كانت آمنة ومستقرة.
جرائم الكيان الصهيونى على مرأى ومسمع العالم، تجد من يبررها، ويدافع عنها ويحميها، رغم أنها فاقت أى خيال أو عقل أو توقع وتفننت فى قتل الصحفيين والإعلاميين، وتجاوزت الأرقام 140 صحفياً وأرقام مرعبة فى قتل الأطباء والمسعفين، وأطقم التمريض، بل وقتل المرضى داخل المستشفيات بدم بارد وفى عرض الشوارع، ومثلت بالجثث، واستهدفت سيارات الإسعاف بالتدمير، حتى الحيوانات لم تسلم من إجرام الصهاينة، وحتى آليات، الإنقاذ من الجرافات الفلسطينية، وآلات إزالة ورفع الأنقاض دمرها الاحتلال الصهيونى ويعتمد الفلسطينيون على آلات بدائية، ولا أدرى أين جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان فى العالم؟ وأين جمعيات ومنظمات المرأة والطفل؟ وأين القوانين والمبادئ؟ والمؤسسات الدولية والأممية فالولايات المتحدة، تخرج لسانها للجميع وتدهس كل مبادئ القانون الدولى الإنساني، وتلقى بالمبادئ والمعايير الإنسانية والحقوقية فى البحر، دون خجل، أو حياء.
الكيان الصهيوني، الذى يمارس أبشع أنواع القتل والدمار، والحصار والتجويع جعل من الفلسطينيين فى غزة يعيشون فى صندوق فولاذي، يموتون جوعاً وعطشاً ومرضاً وقتلاً، فحجم المساعدات تراجع بنسبة 80 ٪ وعلى الأقل يحتاج القطاع يومياً إلى 600 شاحنة فى ظل المعاناة والكارثة الإنسانية التى يعيشها فأكثر من مليون طفل فى غزة يحتاجون إلى الأمان والعلاج، والمعاناة بلا حدود، يكفى أن دولة الاحتلال تطالب الناس بالنزوح إلى ما تزعم أنها مناطق آمنة ثم تقوم بقصفهم سواء خلال رحلة النزوح أو بعد وصولهم إلى مخيمات هذه المناطق المزعومة، هل رأيتم حقارة أكثر من ذلك.
الغريب أن دولة الاحتلال الصهيونى بذلت جهوداً خرافية من أجل ترويج وترسيخ الكذب، ومحاولات تشويه مصر ودورها، وخداع العالم، وتزييف وعيه، إلا أن إسرائيل فشلت تماماً بعد أن أدرك الجميع فى العالم، زعماء ومسئولون وشعوب ومنظمات دولية ومحكمة العدل الدولية، والجنائية الدولية أنها دولة احتلال أدمنت الكذب وأنها وراء تعطيل ومنع المساعدات، وأيضاً وراء تفاقم الوضع الإنسانى فى غزة، وأنها تمارس حرب إبادة مكتملة الأركان، وأنها تقتل النساء والأطفال، وتدمر المستشفيات وأنها تمارس الحصار والتجويع، وأنها وراء اشتعال جبهات جديدة فى المنطقة بعد إصرارها على التصعيد، وبما ينذر بنشوب حرب شاملة، قد تتصاعد من الجبهة اللبنانية.
العالم أصبح على يقين بصدق وشرف المواقف المصرية، وسردية الدولة المصرية، وإدراك أنها أمام كيان مجرم يحظى برعاية الشيطان الأعظم، بل لا اعتبره دعماً فحسب، بل تشاركية كاملة فى الإجرام وحرب الإبادة على الفلسطينيين لأسباب ومصالح نعلمها جميعاً.
وترسيخاً أن الباطل لا يمكن أن ينتصر فإن دولة الكيان تنزف وبغزارة على كافة المستويات عسكرياً وأمنياً واقتصادياً ومجتمعياً، ودولياً، وباتت فى عزلة، وافتضح أمرها وتحتاج قروناً من الكذب حتى تزييف وعى العالم وعشرات الأجيال القادمة، بل وصل الأمر إلى تهديد المنظمات الدولية والأممية والعدل والجنائية الدولية.
الفلسطينيون لن يتنازلوا عن الوقف الفورى والمستمر والمستدام لإطلاق النار والحرب والعدوان الصهيوني، لأنهم أدركوا الفخ المنصوب برعاية أمريكية.
تحيا مصر