للأسف الشديد الآليات المُتبعة لتداول المحاصيل الزراعية خاصة من الخضر والفاكهة «خراب بيوت» فرق السعر من «الغيط» للمستهلك 300٪، وعلى الدولة اتخاذ اجراءات عاجلة لانقاذ المزارع وحل هذه المشكلة الخطيرة إذا كنا جادين فى النهوض بالنشاط الزراعى وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
ما يحدث فى رحلة تداول المحاصيل الزراعية فى الأسواق خلل كبير يحتاج إلى علاج عاجل فى أسرع وقت حيث تطارد أصحاب المزارع خسائر هائلة تتجاوز 50٪ من إجمالى التكلفة الحقيقية، وهذا المؤشر الخطير يؤكد عشوائية المنظومة وتعثر انسيابية تداول السلع داخل الأسواق، ولابد من الانتباه لذلك قبل فوات الأوان والقضاء على تعدد الحلقات الوسيطة التى تزيد الفجوة فى الأسعار بين المزارع والمستهلك دون داع.
حقًا لابد من إعادة النظر فى المنظومة وأن يتم توزيع المخاطر على جميع أطراف معادلة التداول وليس الفلاح أو المُزارع فقط حيث تستلم أسواق الجملة المبيع من المحاصيل كأمانات دون تحمل أدنى مسئولية أو مخاطر أو حتى نفقات، وللأسف يحصل التاجر على عمولة فى حالة البيع ولا يتحمل أعباء عند عدم البيع أو تلف المحاصيل، مبدأ فى غاية الظلم يعطى الحق للتاجر فى أخذ عرق وجهد المُزارع دون وجه حق، من الآخر هذه المنظومة «تضع صُباع الفلاح تحت ضرس تجار الجملة والحلقات الوسيطة»، الأمر الذى يتطلب وقف هذه الجريمة فى اسرع وقت.
فى الواقع هناك أدوات كثيرة تحتاج إلى تغيير بالكامل لضبط إيقاع أسواق الخضر والفاكهة وباقى المحاصيل الزراعية حفاظًا على رؤوس الأموال المستثمرة فى هذا القطاع الحيوى الهام، والتغيير هنا أو التعديل الذى اتمناه لابد أن يشمل جميع المراحل بداية من اختيار التقاوى والإنتاج والتسويق حتى الوصول إلى المستهلك وأن ترعى الدولة الفلاح وتقدم له كافة الخدمات ليس فقط توفير السماد بل تمتد الخدمات لتوجيهه وارشاده عن طريق عودة الإرشاد الزراعى مرة اخرى وظهور المرشد الزراعى فى الحقول والمزارع طول الوقت ليقدم النصائح للمنتجين ويعرفهم الوقت المناسب لزراعة المحصول وطرق الزراعة وكيفية اختيار التقاوى وأماكن تواجدها والمحاصيل التى يحتاجها السوق وكذلك التى يعانى من نقصها فى الداخل والخارج، فمثل هذه الأدوار والمهام تقع على عاتق الحكومة قولًا واحدًا حتى يمكننا تحقيق طفرة حقيقية فى الاستثمار الزراعى وإنقاذ الأموال التى تهدر بالجملة بسبب إهمال هذه الوظائف الهامة والمصيرية.
لا شك أن أسواقنا المحلية تعانى من العشوائية ويطلق عليها أسواق «السداح مداح» وهى ظالمة تعوق آليات العرض والطلب وتشجع على انتشار الاقتصاد الموازى الخفى الذى يحرم خزينة الدولة من أموال طائلة نحن فى أمس الحاجة إليها لمواجهة تحدياتنا الاقتصادية.