أبدعت إسرائيل ومهندسوها السياسيون فى تصميم وبناء أكبر وأعمق حائط للكراهية فى التاريخ، إنها تمارس التدليس القبيح ببراعة، دولة أسست على الباطل وعاشت كل هذه السنوات على تزييف التاريخ والحقائق وفرض سياسات الأمر الواقع، الآن نتابع تلك الدولة التى تسمى القبيحة «إسرائيل « وما ملكت يمينها من داعميها الغربيين، فالقبح هو العنوان العريض لدولة إسرائيل، أفعالها عبارة عن حزمة من القبائح التى يندى لها جبين البشرية، أما أقوالها فهى سلسلة من الأكاذيب والأضاليل التى لا تنتهي، دولة قبيحة المنشأ كبؤرة سرطانية فى جسد الأمة العربية والإسلامية، هذا القبح قد وصل منتهاه فى أحداث غزة، طبعة 2014، فما جرى ويجرى فى غزة هذه الأيام فاق تصور الشياطين، فإسرائيل قررت أن تبنى حائطاً من جماجم أبناء الشعب الفلسطينى الأعزل، إنها تظن أن هذا الحائط سيجلب لها الأمن وسط محيط إقليمى ملتهب، لكن الحقيقة أنها تبنى حائطاً ضخماً من الكراهية والانتقام لكل أبناء دولة إسرائيل، لقد ظنت إسرائيل أن الظروف الإقليمية ستجعل يدها طليقة فى الوصول إلى وضع جديد على الأرض ترسمه بمفردها دون تدخل من كل الأطراف ذات الصلة، تلك الأطراف التى انكفأت على أوضاع داخلية مرتبكة فى أعقاب ثورات لم تسفر إلا عن مزيد من التراجع، كما أن الوضع الدولى أحادى القطبية الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، منحاز دائماً إلى المصالح الإسرائيلية، فى هذه الأجواء الدولية والإقليمية التى تصب فى مصلحة إسرائيل، تأتى أحداث غزة بكل تفاصيلها التى نتابعها على الهواء مباشرة، ونتابع كذلك ردود الفعل المختلفة والمتباينة التى تمثل أوضح صور النفاق الإنسانى ذى الأبعاد السياسية، فالدماء الفلسطينية كانت مادة خصبة للاستثمار السياسى على جميع المستويات، دولاً وجماعات وأصحاب مصالح، الجميع يتحدث ويشجب ويستنكر، وهناك من يذرف الدموع لكن أحداً لم يتحرك لإيقاف نزيف الدماء البريئة، الجميع يطلب من مصر فقط أن تتحرك، وعندما تحركت مصر زايد عليها وعلى موقفها كل أصحاب المصالح وشككوا فى توجهاتها ونواياها تجاه القضية الفلسطينية، لقد تحملت مصر حماقات كثيرة، وخاضت حروباً، وقدمت شهداء، إيماناً منها، على مر التاريخ، بدورها المحورى الرائد فى المنطقة، لكن ما يحزن مصر ويؤلم المصريين هى تلك الحماقات التى تأتى من البعض ممن ينضوون تحت عباءة «الإخوان» فى مصر وخارجها، لقد نجحت إسرائيل فى خلق كيانات تعزف ألحاناً إسرائيلية بكلمات إسلامية منتزعة من سياقاتها الفقهية حتى تحدث شرخاً فى البنيان المجتمعى العربى المناوئ للكيان الإسرائيلي، إن إسرائيل تمارس دور المرأة القبيحة مع جيرانها، تختلق الأزمات، وتخلق جواً من التوتر المستمر، وتهدف إلى إشاعة حالة من الشقاق بين الدول المحيطة، وتبنى علاقات مع الدول غير العربية لتطويق وحصار تلك الدول التى تمثل عقبة أمام التوسعات الإسرائيلية، إنها تستقوى بأمريكا على الدوام، وأمريكا لا تخذلها على الدوام كذلك، ظنت إسرائيل أنها فى وضع يسمح لها بمحو القضية الفلسطينية من الذاكرة العربية والإسلامية، فبدأت رحلة محو الحلم الفلسطينى بالتوسع فى إقامة المستوطنات وتقطيع أوصال مشروع الدولة الفلسطينية المأمولة، كما استمرت إسرائيل فى تقديم عروض تلك المسرحية الهزلية «المسار التفاوضي» التى استمرت أكثر من عشرين عاماً دون نتيجة ودون ثمرة إلا الشقاق والفرقة والخلاف بين الفصائل الفلسطينية، كل ما يجرى جرى بتخطيط إسرائيلي، لكن الحقيقة أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن الإسرائيلية.
ملحوظة: هذا المقال كتبته منذ عشر سنوات تقريبا وتحديدا فى التاسع من اغسطس 2014 فهل تغير الموقف حتى نغير الكلمات؟