صوت إفريقيا يجب أن يكون حاضرًا ومؤثرًا فى صياغة القرارات الدولية
أكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطى التزام مصر المشترك مع روسيا فى بناء نظام دولى أكثر عدلا واستقرارا لتحقيق تطلعات الشعوب فى عالم يقوم على المساواة والسيادة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول واحترام وحدة أراضيها وحق شعوبها فى تقرير المصير وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.
جاء ذلك فى كلمة ألقاها وزر الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى أمس نيابة عن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الوزارى الثانى لمنتدى الشراكة الروسية – الإفريقية الذى يعقد فى القاهرة.
أعرب الوزير عن اعتزاز مصر العميق بالشراكة المصرية – الروسية التى انطلقت خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى عام 2019 بانعقاد قمتها الأولى فى سوتشى بروسيا الاتحادية برئاسة مشتركة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
أشار إلى أن انعقاد هذا اللقاء الوزارى يأتى تتويجا للتطور المتواصل فى العلاقات الافريقية ـ الروسية واستمرارا للزخم الذى شهدته القمتان السابقتان فى سوتشى عام 2019 وفى سان بطرسبرج 2023 ، كما يمثل انعقاد هذا المؤتمر المهم خطوة عملية نحو تنفيذ خطة عمل منتدى الشراكة 2023 ـ 2026 ، ومناسبة لإطلاق حوار بناء حول صياغة خطة العمل المقبلة للفترة 2026 ـ 2029 التى سيتم اعتمادها خلال القمة الافريقية ـ الروسية الثالثة وبما يخدم مصالح شعوبنا المشتركة ويحقق الأمن والتنمية والاستقرار فى القارة الافريقية بأسرها.
تابع عبدالعاطى: «إن التزامنا المشترك ببناء نظام دولى اكثر عدلا واستقرارا هو تعبير صادق عن تطلع شعوبنا إلى عالم يقوم على المساواة فى السيادة ، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ، واحترام وحدة أراضيها وحق شعبها فى تقرير المصير وفق مبادئ ميثاق الامم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة «.
قال عبدالعاطى «إنه من هذا المنطلق تؤكد مصر أن اصلاح النظام الدولى يجب أن يقوم على أسس العدالة والتوازن بحيث تعبر المؤسسات الدولية عن التعددية الحقيقية فى النظام الدولى لا عن اختلالات الماضى ايمانا بان صوت افريقيا لكل ما تمثله من ثقل بشرى واقتصادى وسياسى وديموغرافى يجب أن يكون حاضرا ومؤثرا فى صياغة القرارات الدولية الكبرى لاسيما فى هياكل التمويل الدولى ، وفى اطار اصلاح مجلس الامن الدولى بما يتماشى مع توافق «ازولينى» و «قمة سرت».
أوضح الوزير أن الحوار السياسى المنتظم بين الدول الافريقية وشركائها الدوليين وفى مقدمتهم روسيا الاتحادية ، هو حجر الزاوية فى بناء التفاهم المتبادل وتعزيز الثقة وتنسيق المواقف حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
أضاف وزير الخارجية: أن مصر ترى التعاون الافريقى الروسى آلية مهمة ومنصة مهمة لدعم الأهداف المشتركة فى أجندة الاتحاد الافريقى 2063، افريقيا التى نريد، ولا سيما من خلال دعم التفعيل الكامل لاتفاقية التجارة الحرة القارية بما يدعم جهود التكامل الإقليمى ويحقق النمو الشامل ويضم التنمية الاقتصادية لشعوب القارة وفقا لأولوياتها الوطنية بمنأى عن أى إملاءات خارجية».
أشار إلى أنه فى إطار ريادة مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات واستضافتها لمركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار، وكذا رئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات النيباد فضلا عن استضافتها لمقر وكالة الفضاء الإفريقية ومركز تميز النيباد المعنى بالمرونة المناخية، تؤكد مصر التزامها الكامل للعمل على حشد التمويل للمشروعات القارية الرامية لدفع أجندة التكامل الإفريقى وتنفيذ المشروعات وبرامج تلبى طموحات شعوبنا الإفريقية وتحقق أهداف السلم والأمن المستدامين بالتعاون مع الشركاء الدوليين وفى مقدمتهم روسيا الاتحادية».
تابع: «أنه على الصعيد الأمني، تتابع مصر بقلق بالغ تصاعد التوترات الدولية وتنامى النزاعات المسلحة والتهديدات الإرهابية فى بعض مناطق القارة الإفريقية لما لذلك من آثار مدمرة على استقرار دول القارة ونموها الاقتصادي.. وفى هذا السياق تدرك مصر الأهمية البالغة لتسوية النزاعات بالطرق السلمية، ورفض التدخلات الخارجية التى تفاقم الأزمات بدلًا من أن تحلها، كما تؤكد مصر دائمًا على الارتباط العضوى بين الأمن والاستقرار من ناحية، والتنمية من ناحية أخري».
أكد عبدالعاطى أن مصر تدعم فى هذا الإطار، تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «2719» بشأن تمويل عمليات دعم حفظ السلام الإفريقية، بما يضمن استدامة الجهود الإفريقية فى حفظ الأمن والاستقرار، دون الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية.
أوضح: أن مصر وهى تواجه ندرة شديدة فى الموارد المائية الصالحة للشرب والزراعة، تعتمد بشكل أساسى ومحورى على نهر النيل باعتباره شريان الحياة الوحيد لشعبها .. وانطلاقًا من هذا الواقع، تولى مصر أهمية خاصة لتعزيز التعاون فى إدارة الأنهار العابرة للحدود وفقًا لقواعد القانون الدولى ذات الصلة، وفى مقدمتها مبدأ الإخطار المسبق وضرورة عدم إلحاق الضرر بدول المصب، وأن المياه والأنهار العابرة للحدود، على وجه الخصوص، يجب أن تكون جسراً للتعاون والتفاهم بين الشعوب، لا سببًا للتوتر أو النزاع، وهو ما نحرص على تأكيده فى كل محفل إقليمى ودولي.
وقال وزير الخارجية «وعلى الصعيد الإقليمي، فإن مصر، انطلاقًا من مسئوليتها التاريخية تجاه قضايا القارة الإفريقية والمنطقة، لعبت وتلعب وستستمر فى لعب دور مؤثر فى التوصل إلى حلول لهذه القضايا والنزاعات وعلى رأس ذلك الدور المصرى البارز فى التوصل إلى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة».
أشار عبدالعاطى إلى أن مصر تؤكد دعمها الثابت لحل الدولتين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، ومبادرة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسلام، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
أضاف أن مصر تؤكد على ضرورة البدء العاجل فى جهود إعادة إعمار القطاع وتقديم الدعم الإنسانى للشعب الفلسطينى الشقيق، ورفض أى محاولات لفرض حلول أحادية، أو تغيير الواقع الديموغرافى للأراضى الفلسطينية، أو تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه سواء طوعًا أو قسرًا».
أكد عبدالعاطى عزم مصر الراسخ على مواصلة العمل المشترك لتعزيز التعاون بين إفريقيا وروسيا الاتحادية، والمساهمة فى إطلاق المرحلة الإعدادية للقمة «الإفريقية-الروسية» الثالثة، لتكون خطوة نوعية جديدة فى مسار هذه الشراكة الاستراتيجية.
أكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج فى ختام كلمته « أننا فى مصر نؤمن بأن مستقبل هذه الشراكة لا يقوم على المصالح فحسب، بل على رؤية مشتركة لمستقبل أكثر أمنًا وعدالة وتنمية لشعوبنا كافة.. ونطمح، من خلال التعاون مع جميع الشركاء الدوليين، إلى إرساء قواعد الاحترام المتبادل، وتحقيق التنمية المستدامة، وضمان الاستقرار الإقليمى والدولي، بما يخدم أمننا الجماعى ومصالحنا المشتركة».
من جانبه أكد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، أن روسيا تولى أهمية خاصة لتنمية العلاقات الودية وعلاقات الصداقة مع الدول الافريقية المبنية على الاحترام المتبادل.
وقال لافروف – فى كلمته فى افتتاح النسخة الثانية من المؤتمر الوزارى لمنتدى الشراكة الروسى – الافريقى نيابة عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين – «إن الدول الافريقية تتمتع بالقدرات الاقتصادية والانسانية الكبيرة وتلعب دورا أكبر فأكبر فى السياسة العالمية وتؤكد وتثبت القارة بشكل صريح بأنها أحد المراكز المهمة فى النظام العالمى متعدد الأقطاب».
أضاف: أنه خلال الفترة الأخيرة استطعنا تفعيل التعاون البناء فى مختلف المجالات فى أفريقيا، وروسيا تساهم فى دعم الدول الافريقية لتوفير الأمن الوطنى وحل المشاكل الغذائية ومكافحة الإرهاب والتطرف وتجاوز عواقب الكوارث البيئية ومكافحة الأوبئة الخطيرة.
وتابع وزير خارجية روسيا قائلاً: «خلال هذا المؤتمر الوزارى سوف ننظر تفصيليا فى سير تحقيق وتنفيذ خطة العام لمنتدى الشراكة الروسى – الافريقى للفترة (2023-2026) وتحديد الاتجاهات الواعدة الجديدة فى مجال التجارة والاقتصاد والاستثمارات حيث توجد القدرات الواعدة التى لم يتم تحقيقها بعد».
أعرب عن ثقته بأن المداولات والنقاشات سوف تكون فى دول مثمرة تسمح لنا بمباشرة تحضيرات القمة وحزمة الاقتراحات التى تشملها، متمنيا لهذه النسخة النجاح والتوفيق، حيث نقل رسالة شكر إلى مصر من الرئيس الروسى على جهودها فى توفير الظروف الملائمة لعمل هذا المؤتمر.









