>> «لا جديد حتى الآن» هذا هو شعار الشهر الأول من عام 2024 فالأحداث رغم شراستها وسرعة أحداثها لا تختلف كثيرًا عن أواخر عام 2023.. وإذا كان اليوم هو الأول من الشهر الثانى فإننا لابد أن نقف لننظر برؤية جديدة لهذا العام الذى يبدو أنه سيشهد تغييرات عالمية.. وأعتقد أن سيناريوهات الأحداث التى تعد بالفعل تستهدف إحداث تغييرات عالمية على معظم المستويات وفى كثير من المجالات سواء سياسية أو اقتصادية أو حتى رياضية..!
إذا كانت الصهيونية العالمية تسعى بكل قوة لتغيير خريطة العالم رأسيًا وأفقيًا.. فإن القوى المضادة والتى تعاديها الصهيونية العالمية صامدة ولديها القدرة على رسم تغييرات فيما هو مخطط وما يقدمه أهل غزة والمقاومة الفلسطينية فى مواجهة الكيان الصهيونى دليل كبير على ذلك.
وعندما نتحدث عن تغييرات رأسية فإن هذه التغييرات تبدأ بقطبية العالم.. سواء الباحثون عن قطب أوحد.. أو من يحاول إثبات أكثر من قطب.. ويكون هناك أقطاب متعددة.. وبرغم أن الرؤية لم تتضح بعد إلا أن هناك إرهاصات على أرض الواقع تساند هذه الرؤية وتلك.. أما التغييرات الأفقية فإنها تستهدف تغييرات وتقسيمات جديدة للعالم.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن مصر وهى دولة محورية فى الأحداث «شاء من شاء وأبى من أبي» والحمد لله صامدة قوية حتى وإن تأثر الاقتصاد المصري.. ولكن إرادة شعب مصر وقيادته قوية صلبة تتحدى كل الظروف والله غالب على أمره وسيكون كما كان دومًا مع مصر وأهلها.
عندما تم الإعلان لأول مرة عن شرق أوسط جديد كانت مصر هى الجائزة الكبري.. ومازالت هى الحلم الجائزة لدى بعضهم ولكنهم فيما يبدو لا يعرفون تاريخ مصر وحضارتها وقوتها الكامنة فى أبناء شعبها وجيشها.. ولم يفهموا معنى الوطنية المصرية وقوة الانتماء المصرى مهما كانت الظروف ومهما كانت الصعاب سواء كانت اقتصادية أو غيرها.
نعود إلى عام 2024 وكونه عام التغييرات العالمية نشاهد إرهاصات فيما يتعلق بكيان دولى كبير مثل الأمم المتحدة التى ظلت عاجزة عن تنفيذ قراراتها ضد إسرائيل منذ نشأتها حتى الآن.. وعندما بدأت بعض المنظمات الدولية فى العودة إلى ضميرها العالمى الغائب.. سمعنا أصواتاً أمريكية وأوروبية وصهيونية تطالب بإنشاء كيانات دولية جديدة تكون على هواهم وتابعة لأفكارهم ومعتقداتهم مادامت تلك المنظمات باتت تفيق من غيبوبتها الإنسانية وأبرز مثال على ذلك رغبة الصهيونية العالمية فى إنشاء منظمة بديلة لمنظمة الأونروا التى ذاقت الأمرين على يد الصهاينة وكانت شاهد عيان على الظلم الإسرائيلى والأمريكى والبريطاني.. أضف إلى ذلك منظمات أخرى كانت تتعامل بروحين أحدهما مع الحق مادام لصالح الغرب والآخر مع الظلم مادام لصالحهم أيضًا، ولكن عندما بدأت تفيق من غيبوبتها الإنسانية وتطالب – مجرد مطالبة وبيانات بلا فعل – بالحق الشرعى لأبناء غزة وأهل فلسطين.. هنا تحركت الصهيونية العالمية لقتل هذه الصحوة فى مهدها والمطالبة بمنظمات دولية بديلة!!!
وكما كانت الأمم المتحدة ذاتها ثمرة من ثمار الحرب العالمية الثانية التى انتهت عام 1945 فإنهم يحلمون بمنظمات بديلة اليوم بعد تطور الأحداث والأفكار والقيم فى غزة وحول غزة!!
هذه المطالبات وتلك الممارسات هى تمهيد فعلى وعملى لتغييرات عالمية كانت إرهاصاتها مع بداية العام ولكنها ومع نهاية العام 2024 «وكما توقع كثير من الخبراء» ستشهد بداية أحداث تلك التغييرات ويرى الخبراء أن التغيير الأول سيكون فى إسرائيل نفسها التى بدأت بالفعل تعانى وشهدت انقسامات داخلية لم تشهدها منذ حرب 1973 بل إن الانقسامات لم تقف عند الحدود السياسية بل تعدتها إلى جيش الاحتلال.. أضف إلى ذلك أن ما يحدث فى المنطقة ويستهدف دولاً كثيرة خاصة بعد الاعتداءات على قواعد أمريكية فى المنطقة وعلى سفن متجهة لإسرائيل فى باب المندب.. وتراجع التطبيع فى المنطقة بشكل واضح.. كل هذا ليس إلا إرهاصات فى مسار التغييرات المتوقعة، وكما مارس الإعلام الدولى خاصة الغربى التغييب والسطحية على ما يحدث فى أوكرانيا حتى لا يفضخ نفسه فى الكيل بمكيالين بين أوكرانيا وغزة فإنها أيضًا إرهاصات هنا وهناك.. وكما عاد طريق الحرير للتواجد بقوة فهو إرهاصات بتغييرات آسيوية.. وكما كان حكم المحكمة الدولية لصالح غزة إرهاصًا جديدًا فى رؤية الحق وغياب التعامل والكيل بأكثر من مكيال.. والبقية فى الطريق نحو تغييرات حقيقية عالمية هذا العام.
.. والكرة الإفريقية تتغير كثيرًا
ما حدث فى كأس أمم إفريقيا المقامة حاليًا فى كوت ديفوار يؤكد أن خريطة الكرة الإفريقية تغيرت وأن منتخبات لها تاريخها المميز وإنجازاتها السابقة غابت عن الإنجاز وخرجت غير مأسوف عليها ومنتخبات جديدة بلا تاريخ يذكر أصبح لها وجود حقيقى على خريطة الكرة الإفريقية.
وما حدث مع منتخب مصر نموذج واقعى وواضح لهذه المعاني.. فالمنتخب المصرى له تاريخه المميز إفريقيا ويتصدر معظم الإنجازات على مستوى القارة السمراء ولكن خروجه السريع فى دور الـ 16 بدون فوز واحد وبثلاثة تعادلات وخسارة بالضربات الترجيحية بعد التعادل الرابع.. وغياب حقيقى لنجومه المميزين يؤكد على أن هناك خللاً حدث بالفعل.. وكانت المفاجأة أيضًا أن معظم الفرق المرشحة بقوة للفوز بالكأس خرجت إما من الدور الأول أو فى دور الـ 16 مثل مصر والسنغال بطل ووصيف النسخة الأخيرة.
الحديث عن نتائج المباراة ليس جديدًا.. والبكاء على اللبن المسكوب لا يفيد ولكن الأهم أن ننظر وبسرعة إلى المستقبل وبغض النظر عن مسئولية مجلس إدارة اتحاد الكرة فإن هذا المجلس إذا لم يستقيل بإرادته فلن يمكن إحداث تغيير فى أعضائه ولكن المدير الفنى يجب أن يتم إقالته فورًا والبحث عن مدير فنى مصرى فأكثر من 80٪ من إنجازات المنتخب المصرى إفريقيًا تحققت على أيدى مدربين مصريين.. ولا يقول أحد كيف نقيل المدرب الذى فشل فى مهمته خاصة أن راتبه 200 ألف يورو شهريًا وبالتالى فهو يحتاج إلى راتب ثلاثة أشهر على الأقل ليتم التفاوض معه على الإقالة وديًا.. وأعتقد أن مكافأة تأهلنا لدور الـ 16 كفيلة بدفع هذا المبلغ بسهولة..!!
لقد حذر الكثيرون من التعاقد مع هذا المدرب واتهموه بالفشل وقدموا أدلة دامغة على فشله مع فرق أخرى كان آخرها نادى سبارتاك موسكو الذى أنهى التعاقد معه بعد أربعة شهور فقط من ممارسة دوره كمدير فنى للفريق الروسى وتم الاتفاق على إقالته بالتراضى حيث وصفه الإعلام الروسى وقتها إنه مدرب فاشل!!
الأمر الأهم هو تعديل منظومة الكرة المصرية وبسرعة من خلال رؤية يتم الاتفاق عليها من خلال خبراء الكرة فى مصر وأول هذه التعديلات هى منظومة الدورى وعودة الجماهير إلى الملاعب وكذلك فصل شركات الكرة عن الدور الاجتماعى للأندية ما دمنا اخترنا طريق الاحتراف.. وبدء التعديلات من أكاديميات الكرة التابعة للأندية لتكون بابًا مفتوحًا للمواهب الصغيرة وليست مجرد باب للدخل الكبير من خلال دفع الآباء القادرين مقابلاً للانضمام إلى الأكاديميات وبالتالى إضاعة الفرصة أمام المواهب الحقيقية وفتح الطريق أمام أنصاف المواهب حتى فى بعض الأندية الكبيرة.
إن الاعتماد على مقابل مادى فى مواجهة الموهبة جريمة حقيقية وقد تابعنا هذا الأسبوع تحقيقات بريطانية فى فضيحة تعليمية حيث تم السماح لطلاب أجانب فاشلين فى الالتحاق بمجموعة تعليمية بريطانية تضم 24 جامعة شهيرة حيث تم السماح للطلاب الأجانب الحاصلين على تقدير جيد فأقل للالتحاق بهذه الجامعات فى حين أن الطلاب الإنجليز غير مسموح لهم بالحصول على نفس الفرصة إلا بعد حصولهم على درجة الامتياز وذلك لأن مصروفات الطالب الإنجليزى حوالى تسعة آلاف جنيه استرلينى مقابل 40 ألف جنيه استرلينى للطالب الأجنبي..!!
هذه المنظومة التى تتعامل مع المادة على حساب التفوق والموهبة هى بداية الانهيار لأى منظومة تحقق إنجازات ولعل هذه الفضيحة الإنجليزية تكون درسًا لنا وجرس إنذار فى كل المجالات وليست التعليمية أو الكروية فقط.
ومن الضرورى كذلك الاهتمام بكل عناصر اللعبة من جديد بما فيهم الجماهير نفسها وأيضًا الإداريين والحكام والمدربين والبعد عن المجاملات خاصة فيما يتعلق بالمنتخبات القومية لأن المجاملة تأتى دائمًا على حساب الجماهير الوفية التى تظل على العهد فى تشجيعها لمنتخباتها مهما كانت النتائج.. ولعله من الضرورى هنا أن نشيد بمنتخب اليد الذى اعتمد على أساسيات مهمة تحقق الإنجاز الإفريقى الأخير.
معرض القاهرة للكتاب فى دورته الـ 55
هو عُرس ثقافى مصرى بحق.. وعلى مدار أكثر من 55 عامًا يمثل لنا عُرسًا ثقافيًا ومنتدى فكريًا.. وإطلالة عالمية على ثقافتنا وإطلالة مصرية على ثقافات الشعوب.
وإذا كان معرض الكتاب سوقًا للكتاب ومعرضًا للفكر والرؤى فإنه أيضًا شهد أحداثًا مميزة خاصة الندوات الفكرية والثقافية على هامش المعرض والمؤتمرات المميزة.
هذا المعرض لا يؤكد فقط الريادة المصرية فى مجال الثقافة بل يؤكد أيضًا حقيقة القوة الناعمة المصرية فى كل المجالات.. ومعظم زائرى المعرض سواء مصريين أو أجانب يلمسون جيدًا هذه القوة الناعمة ويتعاملون معها منذ أكثر من قرن كواقع حقيقى ومؤثر فعال.
وفى كل عام يختار المعرض ضيفًا.. وضيف هذا العام هو مملكة النرويج وبهذا الاختيار بعد عالمى خاص.. كما أن اختيار عالم المصريات سليم حسن كضيف شرف هذا العام إشارة رائعة لعلم المصريات وتفوق هذا العالم الجليل وإلقاء الضوء على فترة مهمة رائعة فى تاريخ مصر القديم.. أما اختيار الأستاذ يعقوب الشارونى الذى توفى هذا العام ضيفًا كرائد الكتابة للأطفال فهو إشارة أخرى مهمة لثقافة البراعم والأطفال وإعداد أبنائنا ثقافيًا.
ولعل ما يحدث فى الندوات على هامش المعرض يستحق إلقاء الضوء عليه بشكل مكثف لأنها منابر ثقافية رائعة تحمل أفكارًا ورؤى معبرة عن حالنا العربى الثقافي.. ولهذه الندوات حديث آخر إن كان فى العمر بقية إن شاء الله.