على الرغم من محاولات الرئيس «بايدن» للوصول إلى وقف رحى الحرب فى غزة وذلك للعديد من الأسباب يأتى على رأسها حالة الغليان على المستوى الشعبى التى تندد بتلك المجازر والعنف الدموى ضد المدنيين برعاية الولايات المتحدة المقبلة على الانتخابات الرئاسية فمازال نتنياهو مصراً على الحرب..ومع ذلك يحاول الرئيس «بايدن» التوفيق ما بين حالة الغضب الشعبى فى الداخل ومحاولة تجميل الصورة القومية الأمريكية من خلال الضغط على «نتنياهو» بالتهديد بوقف شحنات السلاح تارة وطرح المقترحات للتوفيق بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى تارة أخرى ..ولكن كما يقولون لاتأتى الرياح بما تشتهى السفن على الأقل بالنسبة للجناح اليمينى المتطرف والذى لايقبل إلا بما أسماه بتحقيق النصر الكامل على حماس أى بمحوها والتخلص منها لاسيما فى ظل الضغوط التى يمارسها أهالى الرهائن..أن ذلك الصدام نراه بوضوح من خلال تلك الخطة أو المقترح الذى طرحه «بايدن»والذى اعتبرته حماس إيجابيا إلا أن «نتنياهو» قد وقع فى شرك عدة تناقضات أجبرته على رفضها ..فقد أعلن «نتنياهو» عن قبول مقترح «بايدن» ولكنه ظل متردداً فى الالتزام صراحة بوقف إطلاق النار الأمر الذى يراه مبعوثوه على طاولة المفاوضات تخريباً لجهودهم من أجل إطالة أمد الحرب والبقاء فى السلطة .. وعلى الرغم من تأكيد «نتنياهو» الموافقة على مقترح «بايدن» لوقف إطلاق النار إلا أنه عارض المبادئ الأساسية التى هى فى الأصل مقترحاً إسرائيلياً وتفويضه» لمفاوضيه بطرحها على طاولة المفاوضات إلا أنه عاد واختلف على تفسيرها .. ووفقاً للنص الذى اقترحه «بايدن» لإنهاء الحرب تلبية لطلب حماس فى الوقت نفسه رفض نتنياهو وضع حد للصراع بل وادعى بأن هذه الصفقة تسمح لإسرائيل بمواصلة الحرب حتى تحقق جميع أهدافها وعلى رأسها تدمير حماس.. لقد صرحت عدة مصادر قريبة من المفاوضين الإسرائيليين لصحيفة «لوموند» أن وزراءهم بعد أن أجبروا «نتنياهو» على قبول شروط الخطة عاد وغيرها لذلك وصفوه بمحتكر البقاء السياسى .. وهنا نجد التناقض مابين الولايات المتحدة التى ترى أنها لابد وأن تكون خارج مستنقع غزة إلا أن الجانب الإسرائيلى يؤكد على استمرار الحرب حتى نهاية العام على الأقل فى الوقت الذى تواجه فيه أوكرانيا الآن حرب استنزاف لايمكن لها الفوز فيها .. وقد صرح «تساحى هنجبي» مستشار الأمن القومى الإسرائيلى بأنه يتوقع أن تستمر الحرب على غزة حتى نهاية العام إن لم يكن لفترة أطول فى الوقت الذى يؤكد «بايدن» على أن حماس لم يعد لديها القدرة على شن هجوم كبير على إسرائيل ومن ثم يجب وقف اطلاق النار.. وقد وصف «نتنياهو» «بايدن» بالفاشل وأنه ليس لديه مصلحة فى وقف القتال حتى يتم القضاء على حماس بالكامل فى الوقت الذى تخسر فيه أوكرانيا المزيد من الأراضى فى حرب لاهوادة فيها ..ويرى بعض المحللين العسكريين أن ما سيقوم به الجيش الإسرائيلى حال أن استمرت الحرب خلال الأشهر السبعة المقبلة سوف يكون عصياً على الفهم فهل سيقضى على مقاتلى حماس؟ وإذا كان هذا هو الهدف فهل سيبقى فى غزة مبان؟ وماذا عن الأطفال الذين يموتون تضرراً من الجوع؟.. وهنا يثور التساؤل إذا كان ذلك هو الهدف فهل تتوقع إسرائيل حقاً استعادة رهائنها ومن ثم فإن الهدف الحقيقى هو منع محاسبة «نتنياهو» وهو الأمر الذى سيحدث بالتأكيد عقب توقف الحرب وذلك هو السبب وراء رفض «نتنياهو» وقف الحرب .. كما أن عدم وجود خطة لما بعد الحرب فى غزة فى وقت السلم من شأنه أن يتيح «لنتنياهو» الإدعاء بأن غزة لا تزال تشكل مصدر تهديد ومن ثم عدم توقف الحرب وهو مايضمن بقاءه فى السلطة وتجنب أى محاكمات.