تمر على الإنسان أوقات عصيبة يشعر فيها بالأرق والإجهاد النفسى والجسدي، نتيجة ضغوط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، أو بسبب روتين يومى خانق، أو جهد مبذول فى العمل دون مقابل منصف.. وفى تلك اللحظات القاسية يبدو وكأن الزمن قد توقّف، فلا جديد يبهج الروح، ولاإنجازات تكتمل ثمارها، فيزداد الإحباط يومًا بعد يوم، وتصبح الحياة ثقيلة لا لون لها ولا طعم، لكن رحمة الله واسعة، وعنايته تأتى دائمًا فى الوقت المناسب، لتشمل كل شيء.. وتتبدّل الأحوال بلمسة سماوية تلطف القلوب، إما بسكينة يُلقيها الله فى النفس، أو نصيحة صادقة تأتى فى وقتها، أو أحداث تعيد ترتيب الموازين والأمور مرة أخري.
ووسط هموم الدنيا التى لا تنتهي، شاءت إرادة الله أن يمنحنا هدية من السماء «بنوتة» جميلة سمّيناها «خديجة» تيمنًا بالسيدة خديجة رضى الله عنها، حين نظرتُ فى عينيها أول مرة شعرت أن العالم توقف ليحتفى بها، وأن كل الفرح الذى تأخر جاء دفعة واحدة بين يدي، ونسأل الله أن يجعلها من الذرية الصالحة.
جاءت ملاكى الصغير تحمل معها نورًا يملأ قلبى طمأنينة، وشعورًا لا يشبه أى شعور مررتُ به من قبل.. ومنذ لحظة وصولها أنار قدومها حياتي، وأزاح كثيرًا من الظلام الذى أحاط بى فترة طويلة، وأسقط عنى الإحساس المتواصل بالملل والضيق.. منحتنى لقبًا انتظرته سنوات طويلة «الأب»، وعندما احتضنتها قلت لها: «كبرتِ يا ابنتى فى داخلى قبل أن أراكِ، وكبرت سعادتى حين رأيتكِ.. أهلاً بكِ وأهلاً بفرحى الذى لا ينتهي».
ولم تكن هذه هى الهدية الوحيدة، فمع تأخّر زواجى عوّضنى الله بزوجة صالحة، مثقفة، جميلة، تحمل من الصفات الطيبة ما يجعلنى أحمده على كل لحظة مرت.. وكما يقول المثل الشعبى «كل تأخيرة وفيها خيرة»، واليوم أصبحت شريكة فى تحمل المسئولية، وجودها فعلاً زين حياتي، فهى سر الاستقرار ومصدر السعادة فى البيت.
وفى النهاية، لا نجاح بلا تعب، ولا فوز دون صبر، فشعاع نور صغير قادر على تغيير حياة كاملة.. وإذا طبقنا مبدأ الصبر ورضينا بما قسمه الله لنا، وانشرحت الصدور، واطمأنت القلوب، وعشنا سعداء بما وهبنا الله.








