لاتتوقف آلة الفتن الداعشية- الاخوانية عن ضخ سمومها ضد الدولة المصرية فى كل الاتجاهات هادفة الى زرع الفتن ونشر الفوضى مجددا بعد أن تمت هزيمتهم خلال السنوات الـ 11 الماضية بعد ثورة الشعب والجيش فى 30 يونيو 2013 ضد حكم الارهاب والتكفير الذى حملته تلك الجماعات المجرمة .. هاهم اليوم يعودون الى فتنهم وسمومهم موظفين الاوضاع الاقتصادية والازمات التى يمر بها العام أجمع ويحاولون أن ينقلوا تلك الفتن الى مصر بكل حيلة ووسيلة.. وكان -ولايزال- أحد اسلحتهم الخبيثة هو «سلاح الفتنة الطائفية» بين أهل مصر من المسيحيين والمسلمين.. .. إلا أن التاريخ الوطنى لهذا الشعب المصرى العظيم.. كان دائما يفشل تلك الفتن الاخوانية الداعشية.. لماذا ؟ لان الوحدة الوطنية بين مسيحيى مصر ومسلميها عميقة الجذور وقوية الروابط لانها مستمدة من تعاليم الدين الحق بل من التجارب المشتركة بين أبناء مصر ضد الاعداء المشتركين وفى مواجهة التحديات المشتركة اقتصاديا وسياسيا.. فماذا عن جذور وأبعاد تلك االوحدة الوطنية التى جعلت منها «حائط صد تاريخي» يحمى الوطن ويدافع عن بقائه وديمومة وحدته؟
بين أيدينا وثيقتان غاية فى الاهمية الاولى تعود الى النبى محمد «ص» ووجدت فى أحد أديرة سيناء التاريخية «وهنا دلالات مهمة للغاية»! والثانية تعود الى زمن الفتح الاسلامى لمصر زمن عمرو بن العاص.. وفى تلك الوثيقتين تكمن معانى «الوحدة وجذورها التاريخية» ولنتأمل الوثائق ودلالاتها:
الوثيقة الأولى مستخرجة من دير كنيسة جبل سيناء وهى عبارة عن رسالة من رسول الله محمد «ص» بتاريخ 620 م إلى الكنيسة حمّلها رسوله على بن أبى طالب «كرم الله وجهه» ويتعهد فيها بحماية المسلمين للمسيحيين ورعايتهم وضمان حرية العبادة.
وتظهر الوثيقة طبعة يد النبى محمد «ص» على الرسالة للتوثيق.
الوثيقة التى عاهد فيها» رسول الله» النصارى على حمايتهم كتبت بيد الامام علي.. فى مسجد النبى سنة 628- 629 م «السنة السابعة للهجرة» وشهد بهذا العهد مجموعة من الصحابة
واحتفظ بالنص الاصلى للمخطوطة فى خزانة المملكة فى القسطنطينة.
ونصها كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله إلى كافة الناس أجمعين بشيراً ونذيراً ومؤتمناً على وديعة الله فى خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً كتبه لأهل ملته ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها قريبها وبعيدها فصيحها وعجميها معروفها ومجهولها كتاباً جعله لهم عهداً فمن نكث العهد الذى فيه وخالفه إلى غيره وتعدى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئاً وللّعنة مستوجباً سلطاناً كان أو غيره من المسلمين المؤمنين.
لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سايح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شيء من بناء كنايسهم فى بناء مسجد ولا فى منازل المسلمين فمن فعل شيئاً من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزيةً ولا غرامة وأنا أحفظ ذمتهم أين ما كانوا من بر أو بحر فى المشرق والمغرب والشمال والجنوب وهم فى ذمتى وميثاقى وأمانى من كل مكروه – ولا يجادلوا إلاّ بالتى هى أحسن ويحفظ «ويخفض» لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا».
ويخفض« لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا»
تلك هى الوثيقة الاولى التى تمثل الاساس المتين لعلاقة المسلمين بالمسيحيين فى كل العالم الاسلامى عبر كل الازمنة وفى مصر بخاصة ولعل اكتشافها فى «سيناء» له هذه الدلالة العظيمة التى توجب على مسلمى مصر بخاصة.. محبة ورعاية وحماية أهلهم.. أهل مصر من المسيحيين عبر العصور وخاصة فى عصرنا هذا الذى نمت وانتشرت فيه جماعات الارهاب الداعشى المجرم.
أما الوثيقة الثانية: فسوف تكون موضوع المقال الأسبوع القادم.