كثر الحديث عن تزايد أعداد الوافدين للبلاد بأغراض مختلفة منها الإقامة أو البحث عن فرصة عمل أو الهروب من ظروف الحرب الأهلية داخل دولهم والبحث عن ملاذٍ آمن يقيمون فيه ولن يجدوا بأى حال من الأحوال سوى الدولة المصرية التى دائماً ما تحتضن ضيوفها وتقدم لهم التسهيلات الممكنة.
فى آخر إحصائية للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أفادت بوجود 9 ملايين مهاجر ينتمون إلى 133 دولة فى مصر باختلاف أسباب وجودهم ما بين لاجئ ومهاجر وزائر ومقيم وهذا العدد يمثل 8.7٪ من حجم سكان مصر.
فى آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تبين أن هناك ما يقرب من 4 ملايين مواطن سودانى ومرشح أن يزيد هذا العدد بمقدار مليونين إضافيين نظراً للصراعات والحروب الدائرة فى السودان.. بالإضافة إلى نحو 1.5 مليون مواطن سورى بالإضافة إلى العديد من الجنسيات الأخرى التى أشرنا إلى أعدادها.. وكل هذا يمثل ضغوطاً على الاقتصاد المصرى فيما يخص حجم الطلب على السلع والخدمات بالإضافة إلى تأثيرها على سوق العمل المصري.. وعلى الرغم من كل ذلك فإن الدولة المصرية ما زالت وسوف تظل ترحب بضيوفها مهما كان تأثيرهم على الأحوال المعيشية فى البلاد.
يقول البعض إن هؤلاء حضروا للبلاد بأموالهم والعديد منهم قاموا بعمل محلات ومصانع ويقومون بتشغيل أعداد من العمالة المصرية بها.. ولهؤلاء نقول إن نسبة الأعداد الوافدة منهم للبلاد تكاد لا تذكر ويكفى هنا أن نشير إلى أن عدد المستثمرين السوريين الحقيقيين فى مصر تقريباً 30 ألف مستثمر معظمهم أصحاب مطاعم وهى نسبة لا تذكر بالنسبة لعدد السوريين المقيمين بالبلاد بل و إن معظم المستثمرين يقومون بشراء العملات الأجنبية من السوق الموازى للبنوك وإرسالها لحسابهم فى الخارج وهو الأمر الذى أدى إلى ارتفاع سعر تلك العملات بشكل كبير لولا تدخل الحكومة مؤخراً بضبط هذه الأسعار.
على الرغم من كل ذلك فإن مصر لم تشكوا ولم تهدد بابعاد ضيوفها إلى الدول الأوروبية كما تفعل بعض الدول.. ومؤخراً بدأت أعداد كبيرة من الوافدين يتعاملون مع الكرم المصرى باستخفاف ومع الترحيب بهم باستعلاء حتى إننا رأينا مؤخراً شركات أمن خاصة تنشأ من الباطن لجنسيات بعينها دون تسجيلها أو إشهارها فى الأوراق الرسمية لحماية بعض المستثمرين ورجال الأعمال الذين يحملون جنسية العاملين فى هذه الشركات.. ورأينا أعداداً كبيرة فى ميادين القاهرة والجيزة يتجمعون فى مجموعات كبيرة مثلما حدث فى ميدان الكوربة بمصر الجديدة وأمام مسجد الدكتور مصطفى محمود بالعجوزة بشكل ينشر القلق بين المترددين على تلك الأماكن.. ومرة أخرى نؤكد أن مصر المضيافة لن تهدد بترحيلهم أو الحد من حريتهم ولكنه أيضاً من حقنا أن نطالب حكومتنا بضرورة دراسة أوضاع هؤلاء الوافدين بالشكل الذى يحقق لنا ولهم الحماية والأمان والاستقرار.
فى هذا الإطار أصدر الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء توجيهاته بضرورة تدقيق أعداد الوافدين للبلاد وتقنين أوضاعهم لحصر أعدادهم ومعرفة ما تتحمله الحكومة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات لهم فى مختلف القطاعات والتنسيق مع الأجهزة الدولية المعنية لتحمل مسئولياتها تجاه هؤلاء الوافدين بالإضافة إلى إنشاء لجنة تسمى «اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين» تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع رئاسة مجلس الوزراء ومقرها محافظة القاهرة تكون هى الجهة المهيمنة على كافة شئون اللاجئين.. إلا إننى أرى أنه من الأنسب ونظراً لتزايد أعداد الوافدين للبلاد عن قدرة تلك اللجنة القيام بالمهام المشار إليها فإن إنشاء وزارة مستقلة للوافدين خاصة على ضوء تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى للدكتور مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة هو الحل الأنسب مع ممارستها للاختصاصات التالية:
– تسجيل بيانات الوافدين للبلاد بشكل دقيق بما يتيح معرفة أماكن تواجدهم ورسم خريطة ديموجغرافية بأماكن إقامتهم.
-إعادة توزيعهم على مختلف المحافظات كى لا تمثل تجمعاتهم تهديداً على أمن البلاد والتخفيف من تأثيرهم على الحياة الاقتصادية فى محافظات بعينها مثل القاهرة والجيزة.
-الالتزام بتعليمات الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية والخارجية بشأن الإقامة والتسجيل طبقاً للتعليمات الواردة فى هذا الشأن.
إن مصر كانت وما زالت وسوف تبقى هى واحة الأمن والأمان والاستقرار للقريب والغريب فيجب أن نحافظ عليها دائماً وابداً بإذن الله.
وتحيا مصر.