في لقاء حضره عدد من المهتمين بالآثار المصرية وتراثها، عقد صالون نفرتيتي الثقافي أمس السبت 6 ديسمبر، فعالية بعنوان “المتاحف الأثرية من الاكتشاف وحتى الإحياء”، استضاف فيها عالم الآثار الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار الأسبق، وذلك بمركز إبداع قصر الأمير طاز التابع لصندوق التنمية الثقافية.
وخلال اللقاء، استعرض الدكتور الدماطي بخبرته الأكاديمية والعلمية والأثرية عددًا من القضايا المتصلة بالآثار والحضارة المصرية القديمة، مؤكدًا أن مصر غنية بمتاحفها التي تمتلك كنوزًا أثرية لا تُقدر بثمن.
تحدث الدكتور الدماطي عن بدايات عمله داخل المتحف المصري وحتى أصبح وزيرًا للآثار، مُسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه المتاحف المصرية وسبل إعادة إحياء رسالتها الثقافية وخلق حالة تواصل مستمرة بينها وبين الجمهور. وتناول تاريخ نشأة المتاحف وتطور دورها عبر أكثر من 100 عام في حفظ الهوية والتاريخ المصري القديم.
وشارك الحضور بحكاياته الخاصة عن المتحف المصري بالتحرير، بوصفه أول مبنى مُتحفي يتم تصميمه وبناؤه خصيصًا للقيام بدوره في مصر والشرق الأوسط منذ افتتاحه عام 1902، حيث عمل داخله منذ تخرجه حتى أصبح مديرًا له خلال الاحتفال المئوي به.
مؤكدًا أنه لا يزال صرحًا علميًا يحمل بين جدرانه واحدة من أغنى المجموعات الأثرية في العالم، مثل مجموعة “يويا وتويا”، وكنوز “تانيس” الذهبية، ووجوه الفيوم، وغيرها من القطع الأثرية التي تمثل أجمل نماذج فن النحت المصري القديم. وأكد أن إحياء دوره وتطوير عروضه المُتحفية باتا ضرورة ثقافية ومعرفية، باعتباره ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الوطنية والتعريف بالحضارة المصرية عبر العصور وتعزيز الوعي الأثري لدى الأجيال الجديدة.
وطالب الدكتور الدماطي بضرورة استكمال قاعات العرض داخل المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، حتى تكتمل رؤيته التي تم بناؤه من أجلها، حيث أشار إلى أن المتحف يستعرض فلسفة مفاهيم الحضارة، مثل: الصناعة، الزراعة، النيل، الكتابة، وعلوم التحنيط. وأن افتتاحه جاء مجتزأ، ووجب استكماله حتى يتمكن من تقديم قصة بناء الحضارة بشكل مكتمل.
كما استعرض الدكتور الدماطي رحلة القطع الأثرية من لحظة العثور عليها في مواقع الحفائر الأثرية، مرورًا بعمليات التسجيل والتوثيق والترميم والنقل، وصولًا إلى استقرارها داخل قاعات العرض المُتحفي وفق أحدث أساليب العرض الدولية.
وكشف الوزير الأسبق بعضًا من خبراته والبعثات العلمية التي يرأسها والحفائر التي يقوم بها، خاصة في منطقة عرب الحصن بالمطرية، موضحًا أنها إحدى أهم المناطق المرتبطة بمدينة “أيونو” القديمة، ومركز غني بالاكتشافات المتعلقة بالعقائد والعمارة في مصر القديمة. وأشار إلى أن بعثته كشفت عن مقصورة احتفالات الملك رمسيس الثاني وبقايا معابد وتماثيل وكتل حجرية تحمل نقوشًا ملكية، إضافة إلى أجزاء معمارية ساهمت في إعادة رسم ملامح المنطقة المقدسة التي احتضنت معابد أكبر من معابد الكرنك بالأقصر.
كما تحدث عن قصر الزعفران، مقر جامعة عين شمس، حيث أشرف على تحويل بدروم القصر إلى متحف أكاديمي يضم نماذج أثرية تعليمية تخدم الباحثين والطلاب وتساهم في نشر الوعي الأثري.
وعن ملف استرداد الآثار المصرية المنهوبة أو المهربة إلى الخارج، كشف الدكتور الدماطي عن طرق خروج القطع الأثرية خارج مصر، مشيرًا إلى نجاح مصر في إعادة آلاف القطع التي خرجت بشكل غير شرعي خلال السنوات الماضية، بفضل الجهود القانونية والدبلوماسية والتعاون الدولي، مؤكدًا أن ملف استرداد الآثار أحد أهم أدوات حماية الهوية الثقافية المصرية وصون تراثها عبر العالم.
وفي ختام الفعالية، شارك عدد من الحاضرين بمداخلات علمية ثرية، حيث كشفت الدكتورة سامية الميرغني، أستاذة الترميم والمتخصصة في علم الأنثروبولوجيا، عن كيفية رفع “بصمة الأثر” لحمايته من أي محاولة للسرقة أو التقليد، وذلك ردًا على سؤال حول المعارض الخارجية واحتمالات تعرض القطع الأثرية المشاركة لمخاطر التقليد أو السرقة.
كما تحدث اللواء محمد فوزي، رئيس قطاع المشروعات ومكتب وزير الآثار الأسبق، عن جهود الدكتور الدماطي كوزير للآثار التي بذلها لإعادة الحياة إلى متحف الفن الإسلامي بعد تدميره في حادث تفجير مديرية أمن القاهرة الإرهابي المؤسف.
وتأتي الفعالية ضمن مساعي صالون نفرتيتي الثقافي لترسيخ الهوية والوعي وربط الحاضر بالحضارة المصرية وتراثها الإنساني. وتقوم بالإشراف عليه كل من الإذاعية وفاء عبد الحميد والكاتبات الصحفيات كاميليا عتريس ومشيرة موسى وأماني عبد الحميد.
















