منذ عشرة أعوام تقريباً لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين ما حدث من خيال واقعي، حتى مؤلفى السينما فى هوليوود، ولا صانعى الاكشن فى الأفلام الهندية كان يتصــور ما حققته دولة 30 يونيو من نجاحات اقتصادية مذهلة وغير مسبوقة فى أقل من عشر سنوات وشهدت بها كل المؤسسات الدولية ووكالات الأنباء العالمية المتخصصة، حتى أصبحت التجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى نموذجا يحتذى فى العديد من الدول، على الرغم من المعاناة التى تعرض لها الاقتصاد المصرى عقب أحداث يناير 2011 وجعلته يوشك على الانهيار والافلاس وتراجعت كل مؤشراته، وتعرض لحملات ممنهجة شنها أعداء الوطن داخليا وخارجيا.
كانت بداية الغيث مع تنفيـــذ مصـــر بنجــاح برنامجها الاصلاحى الذى حقق أهدافه الرئيسية وتحسنت كل المؤشرات بشكل ملحوظ فى ضوء الإرادة السياسية والالتـــزام القــوى من الدولــة وتوجيهــــات الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة العمل على تحقيق سياسات مالية ونقدية متوازنة تحقق الأهداف الاقتصادية للدولة، مع العمل على تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية وعلى رأسها معدلاً البطالة والتضخم، وذلك بالتوازى مع بناء صداقات وشراكات اقتصادية مع كل دول العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وبالتالى لم يكن غريبا ان يحقق الاقتصاد المصرى مكتسبات حصد منها إشادات إيجابية عديدة من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وكبرى المؤسسات المالية العالمية، وهو ما عكس نجاح سياسات الدولة فى تحسين المؤشرات الاقتصادية، وخلق بيئة اقتصادية آمنة ومستقرة جاذبة ومطمئنة للعمل والاستثمار فيها، وجاء الحصاد منذ أيام فى أخبار سارة على لسان د.مصطفى مدبولى رئيس الوزراء الذى أعلن أن الاحتياطى النقدى تجاوز الـ50 مليار دولار لأول مرة فى التاريخ، وأن العام المالى الجارى ستكون نسبة نمو الاقتصاد فيه كبيرة للغاية والاستثمارات الخاصة سجلت نموا بنسبة 73 ٪ هذا العام، و9 مليارت دولار صادرات متوقعة لقطاع الاتصالات والتكنولوجيا، والحقيقة أن نجاح سياسات وتوجيهات القيادة السياسية فى تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار انعكس أيضا على حياة المواطن بداية من توفير فرص عمل تضمن دخلاً مناسباً له وحياة كريمة لأسرته، إضافة إلى أنه جعل مصر قبلة المستثمرين فى الوقت الذى خرجت فيه العديد من الاستثمارات من مختلف الدول.
كما مثل رفع ثم تثبيت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتمانى السيادى طويل الأجل لمصر إلى مستوى «B» من «B-» إشارة مهمة إلى تحسن الثقة الدولية فى أداء الاقتصاد المصرى واستقرار أوضاعه المالية والنقدية بعد فترة من التحديات المرتبطة بالتضخم وسعر الصرف، وفى تصورى أن هذا القرار يعكس تقييمًا إيجابيًا للإصلاحات الاقتصادية التى تبنتها دولة 30 يونيو سواء على مستوى السياسة النقدية عبر خفض معدلات التضخم واستقرار الجنيه، أو على مستوى السياسة المالية من خلال تقليص عجز الموازنة وتحسين الانضباط المالي، ومن الناحية الاقتصادية فإن رفع التصنيف وتثبيته يعنى انخفاضًا فى تكلفة الاقتراض الخارجى لمصر، إذ ان المستثمرين وصناديق التمويل العالمية عادة ما تربط أسعار الفائدة على السندات بمستوى التصنيف الائتماني، ويمكن أن يؤدى هذا التحسن إلى خفض متوسط العائد على السندات الدولية المصرية بنحو 50 إلى 70 نقطة أساس خلال الأشهر المقبلة، مما يخفف عبء خدمة الدين الخارجي، كما يمنح هذا الرفع ثم التثبيت ثقة أكبر للمؤسسات الدولية فى دعم برامج الإصلاح المالى والنقدى لمصر.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. د.مصطفى مدبولى أعلن أنه مع بداية 2026 سوف يبدأ المصريون فى جنى ثمار الإصلاح، وذلك بعد سنوات من التحدى والصمود والتفاف المصريون حول قائدهم لعبور مرحلة كانت فارقة فى تاريخ مصر، وحولت مسار الاقتصاد المصرى من اقتصاد هزيل يعانى من مشاكل مستعصية فى صميم هيكله، ليصبح فى الفترة الحالية اقتصادا قويا، ومن الاقتصادات الكبرى التى يشار إليها بالبنان.. حفظ الله مصر وأهلها.









