تعلمنا أنه ما أضاف الشك يوما قيمة، وما أفاد في كشف الحقيقة وأن الشك مضيعة للوقت وهدم لليقين، وإذا كان الفلاسفة يعتبرون الشك أول مراتب اليقين فالبعض الآن يعتبرونه غاية وليس وسيلة الشك والتشكيك في كل شيء، التشكيك من أجل التشكيك وليس الوصول إلى حقيقة حالة التشكيك المتواصلة التي نعيشها ليس لها مبرر الأمور لا تؤخذ هكذا، وإنما هناك قواعد يجب أن نحترمها وأصول يجب أن نراعيها وتلتزم بها، الفتوى بغير علم نوع من التجرؤ الذي يهدم الثوابت الكل الآن أصبح خبيرًا في القوانين ومحللًا سياسيًا ومفكرًا دينيًا، وهاتك يا فتى، وكأنه ليس بلدا كبيرًا له مؤسسات قائمة على شئونه.
عندما نتحدث عن الانتخابات البرلمانية لم ينكر أحد أنه كان هناك عوار وخروقات في بعض دوائر المرحلة الأولى، رئيس الدولة نفسه أعلن رفضه لهذه السلبيات وطالب الهيئة الوطنية للانتخابات المستقلة تشكيلا وسلطة بممارسة دورها ولو تطلب الأمر إلغاء الانتخابات بالكامل، والهيئة قامت بما عليها وألغت الانتخابات في 19 دائرة والإدارية العليا قضت بإلغائها فى 30 دائرة أخرى 49 دائرة طالها البطلان وتجرى فيها إعادة انتخابية كاملة من جديد، وهناك حالات أخرى أحيلت إلى محكمة النقض التي ستقضى أيضا بما يتوافق مع القانون، ولو ثبتت مخالفات فى أى دوائر أخرى فلن تتردد المحكمة في الغائها.
وبنفس التدقيق والمراجعة سيتم التعامل مع دوائر المرحلة الثانية الدوائر التي تستحق الإلغاء سيتم إلغاؤها القضاء الذي يحظى بثقة كل المصريين لا يرى إلا الوقائع، ويطبق القانون على الجميع ليست هناك حسابات عند القضاء أو الدولة أو الهيئة الوطنية للانتخابات ينجح من ينجح ويخرج من السباق من يخرج الرئيس الذي لم يصمت على ما وصله من تجاوزات لن يقبل أبدا أن تكون التوازنات أو المصالح الضيقة هى التى تحكم الانتخابات، ولو تمت إعادة الانتخابات في 99 بالمائة من الدوائر فلا مشكلة ولا غضاضة الدولة لديها جاهزية لأى سيناريو أو تكلفة في سبيل أن يأتي برلمان معبر عن الناس، وهذا ما تم إعلانه وتأكيده عشرات المرات.
فلماذا الحديث الآن عن الإلغاء الكامل للانتخابات، لماذا الإصرار من البعض على وصم العملية الانتخابية كلها بأنها غير نزيهة، والضغط من أجل الإلغاء الكامل، رغم علم الجميع بأنه لا يملك أحد هذا القرار.
من لديه الدليل على بطلان دوائر فليتقدم بطعن والقضاء ولا أحد غيره كفيل بالقرار الصائب، الأمر كله سلطة مطلقة للقضاء وليس هناك طعن على أحكامه فى الانتخابات وكل دائرة يثبت فيها عوار سيتم إلغاؤها، مهما بلغ عدد الدوائر الملغاة وحتى لو تطلب الأمر لجوء أحد إلى الدستورية العليا وانتهت إلى أى حكم فالكل ملتزم به.
يقينا لن تقبل الدولة وجود برلمان به عوار، لكن الآن الإلغاء يحدث للدوائر التي شابها شكل من أشكال البطلان، فما ذنب مرشح لم يطعن عليه ونجح، هل من العدل أن نحرمه من ثمرة جهده لأن هناك دوائر أخرى شهدت تجاوزات.
القضية تحتاج تأنيا شديدا وفهما للقانون، وبدلا من التفرغ للتشويه يجب نبذل جهدا في تشجيع الناخبين على النزول والمشاركة في كل الدوائر التي ستتم فيها إعادة الانتخابات المشاركة هي الوسيلة الأفضل الضمان انتخابات شفافة ومعبرة عن إرادة الناخبين والدولة أثبتت بكل الأدلة حياديتها ورغبتها فى انتخابات نزيهة، وأن القانون سيطبق على الجميع، أجهزة الدولة ملتزمة بكل الدعم للهيئة الوطنية لممارسة سلطاتها، وجاهزة لوجيستيا وأمنيا لتوفير مناخ ملائم لانتخابات حرة ومن يستحق الوصول إلى البرلمان فهو من ينجح.
- كفانا نقاشا لن يحقق سوى الجدل والطعن في سمعة مؤسسة وطنية عريقة، وعلينا أن نقدم نموذجا في احترام القانون.
- كفانا إصرارا على حبس أنفسنا وراء أسوار الجدل العقيم ولنترك مساحة للعمل.









