مصر تكتب تاريخاً جديداً بتحقيق حلم المصريين فى محطة للطاقة النووية، لتسير بذلك على خطى الدول الكبرى فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية، خاصة مع توقعات زيادة حدة أزمة الطاقة العالمية خلال السنوات القادمة فى ظل ارتفاع أسعار البترول بسبب تداعيات الأوضاع غير المستقرة فى عدد من البلدان، وهو ما يؤثر بالتبعية على أسعار الغاز الطبيعى والمسال والكهرباء. لذلك فان اتجاه مصر إلى الاستخدام السلمى للطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه يعد جزءا من استخداماتها ويمنح مصر تنوعاً لمصادر الطاقة لديها، والمرونة فى التعامل مع الأزمات الطارئة.
ما نشهده اليوم من أزمات اقتصادية متتالية ونقص فى إمدادات الطاقة العالمية يؤكد أهمية القرار الاستراتيجى الذى اتخذته مصر بإحياء البرنامج النووى السلمى ممثلا بمحطة الضبعة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية كونه يساهم فى توفير إمدادات طاقة آمنة ورخيصة وطويلة الأجل، وهو ما يقلل بالتبعية الاعتماد على الوقود الأحفورى ونبتعد عن تقلبات أسعاره.
وفى ظل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى انتهجتها مصر خلال السنوات الماضية وكم المشروعات والمصانع فان احتياجها إلى تنوع مصادرها من الطاقة النظيفة أصبح حاجة ملحة، وهو الأمر الذى يتوفر مع الطاقة النووية، بما يحقق الاستدامة البيئية والتصدى لتغير المناخ.
ويعد مشروع الضبعة الذى شهده الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين عبر الفيديو كونفرنس ببدء إنشاء الوحدة النووية الرابعة، علامة فارقة فى التعاون المصرى – الروسي، حيث يمثل أول مشروع كبير للطاقة النووية فى أفريقيا. كما أنه استمرار للتعاون الوثيق بين البلدين والذى بدأ مع بناء السد العالى فى مصر.
80 عاما مضت على التعاون المصرى – الروسى الذى بدأ من السد العالى ومفاعل أنشاص، و80 عاما قادمة هو العمر الافتراضى للمحطة النووية المصرية بالضبعة لتوليد الكهرباء بقدرة 4800 ميجا وات، والتى تنفذها هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء بالتعاون مع الشريك الروسى شركة روساتوم الروسية، ليمتد بذلك عمر الصداقة بين البلدين إلى 160 عاما فى هذا المجال.
وتعود رؤية مصر لاستخدام الطاقة النووية فى توليد الكهرباء وتحلية المياه إلى عام 1964 مع إنشاء محطة نووية بقدرة 150 ميجاوات فى منطقة برج العرب، إلا أن المشروع توقف بعد حرب عام 1967.
وفى عام 1973، قررت مصر بناء محطة للطاقة النووية بقدرة 600 ميجاوات فى سيدى كرير (35 كم غرب الإسكندرية) لكن فى عام 1978، فرضت الولايات المتحدة شروطًا جديدة رفضتها مصر، وتم إلغاء المشروع.
يوفر مشروع المحطة النووية بالضبعة ما يقرب من 54 ألف فرصة عمل، من خلال وظائف توفرها هيئة المحطات النووية بشكل مباشر وأخرى من خلال المقاولين المنفذين للمشروع، حيث يوفر المشروع عدد الوظائف التى سيتم توفيرها بشكل مباشر مع هيئة المحطات النووية للعمل فى المحطة النووية.