جاءتنى مكالمة فى نصف الليل من أستاذة جامعية من الأقارب.. وهى شايطه.. وقالت بإنزعاج شديد «تعالوا شوفوا لكم حل فى الواد حازم.. مجننى ومدوخني.. لا بيسمع الكلام وبيرد على بقلة حياً.. وأنا خلاص موش عارفه اتفاهم معاه.. وموش عارفه أعمل أيه وياه» حازم هذا شاب عمره 16 عاماً يدرس فى إحدى المدارس الخاصة.. وأبوه أنفصل عن أمه وهى التى تقوم بتربيته.
فكرتنى هذه المكالمة بلقاء لنا مع بعض الفتيات من المدارس الثانوية.. سألتهم فى بداية اللقاء.. مين يقدر يوصف لى مرحلة المراهقة التى تمرون بها.. وقامت فتاة من الإسكندرية لتقول «المراهقة دى هى الفترة اللى بيكون فيها الأب والأم صعبين شوية».
خلاصة القول.. إن بعض أولياء الأمور غير قادرين على التعامل مع أولادهم فى فترة المراهقة.. وكذلك المراهقون أنفسهم يشتكون من عدم تفهم الأب والأم لهم.. وهذه حقيقة مؤكدة فى أغلب الأسر التى بينها مراهق فى المرحلة العمرية من 10 إلى 19 عاماً.. السبب الرئيسى لهذا الحال.. أن لا ده فاهم دول.. ولادول فاهمين ده.. وهذا أمر غير مريح على الاطلاق.. خاصة إذا علمنا أن مرحلة المراهقة هى أحرج مرحلة من مراحل العمر وأكثرها حساسية.. وهى التى يتحدد فيها مستقبل الإنسان وشخصيته وصفاته وميوله وعاداته وصحته فى الحاضر والمستقبل.. ولقد ثبت أن الاستثمار فى رعاية المراهقين هو من أجدى وأعظم ما يمكن أن تقوم به أى دولة من برامج التنمية.. فهم حاضر الأمم ومستقبلها.. وقد قال عنهم بإن كى مون سكرتير عام الأمم المتحده السابق انهم «طاقة بشرية هائلة لم يحسن العالم استغلالها».
خلال فترة المراهقة ينسلخ الإنسان من طفولته ومن قيوده ومن كل مايمكن أن يتخطى خصوصيته واستقلالة.. لا يقبل الأوامر.. ويتحدى الهيمنة والسلطة.. ويكره من يتدخل فى عالمه الخاص والذى يتخذه لنفسه.. هو يحاول كتابة اسمه على سطح الكرة الأرضية.. ليقول أنا موجود.. وأنا جدع.. متميز.. شاطر.. جميل.. وتصبح «أنا» أهم شيء بالنسبة إليه.. لذلك نجد أن المراهق دائماً ما يكون مبدعاً.. متألقاً.. ويكسر الدنيا من أجل أن يرى نظرات الإعجاب فى عيون من حوله.. ومن أجل أن يسمع كلمة مدح أو تقدير.. مرحلة المراهقه هى مرحلة حاسمة فى عمر الإنسان.. فجأة يجد المراهق نفسه ملزماً باتخاذ قرارات كثيرة بأنفسهم.. كل القرارات.. ألبس ايه وأكل ايه وأعمل؟.. وأيضاً قرارات خطيره.. أصاحب مين وأدخن سجائر أم لا.. أذاكر أم ألعب ؟.. قرارات قد تؤثر على صحته ومستقبله وحياته أيضاً.. وبينما يكون نموه الجسدى والجنسى قد اكتمل.. لا يتم نضوجه الذهنى إلا بعد انتهاء مرحلة المراهقة.
بداية رعاية المراهق تبدأ من الطفولة.. لا ننتظر حتى نفاجأ ان الواد كبر والبنت بقت عروسه.. لابد أن نستعد لهذه المرحلة الحرجه والتى قد تكون مزعجة أو من الممكن ان تمر بسلام.. ولن يتم ذلك إلا إذا تفهمنا تماماً خصائص هذه المرحلة.. قرأنا وسمعنا وتحدثنا عنها.. وعلمنا سبب التغيرات السلوكية التى تحدث فيها.. والتحديات التى تقابل المراهق ومن يتعامل معه.. أسمع من يقول « ونلاقى فين الكلام ده « وهذا موضوع طويل لابد من الحديث عنه قريباً إن شاء.
أم حازم.. انفصلت عن زوجها.. موش مهم السبب أو مين الغلطان.. ولكن.. الخاسر من هذا الوضع هو حازم.. الحياة الأسرية المستقرة والعلاقات الودودة بين أفراد الأسرة ومناخ الحب والتفاهم الذى ينشأ فيه الأطفال والمراهقون.. هو أيضاً من أهم مايجب أن نوفره لهم.