يبدو أن الأمور تسير فى اتجاه مواصلة الضغط على أوكرانيا من جانب الولايات المتحدة لقبول الخطة المقترحة لإنهاء الحرب مع روسيا، وسط محاولات من حلفاء كييف فى أوروبا، لإعادة صياغة هذا المقترح الذين قالوا عنه إنه إعلان «استسلام» لانحيازة بشكل كبير إلى موسكو.
كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن أن مسئولين أمريكيين أبلغوا حلفاءهم فى حلف شمال الأطلسى «ناتو» أن واشنطن تتجه للضغط على الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى للموافقة على اتفاق سلام خلال أيام، وذلك تحت تهديد أنه إذا لم توقع كييف على الاتفاق فستواجه اتفاقا أسوأ فى المستقبل.
جاء ذلك خلال اجتماع مغلق فى كييف خلال الساعات الماضية، حيث قدم فيه وزير الجيش الأمريكى دان دريسكول إحاطة للسفراء، عقب مباحثات مع زيلينسكى واتصال مباشر مع البيت الأبيض.
قال دريسكول: «لا يوجد اتفاق مثالي، لكن يجب إنجازه عاجلا لا آجلا»، بحسب مصدر حضر الاجتماع.
ساد اللقاء أجواء من القلق والامتعاض، إذ عبر عدد من السفراء الأوروبيين عن استيائهم من طريقة إدارة الولايات المتحدة للمفاوضات مع روسيا من دون التشاور الكامل مع الحلفاء.
وخلال قمة مجموعة العشرين، رحب عدد من القادة الأوروبيين بخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الهادفة إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلا أنهم أكدوا فى بيان، أمس، أن الخطة المقترحة تتطلب «المزيد من العمل».
كما أعرب القادة فى بيان مشترك عن القلق من القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية، وذكروا أن العناصر المتعلقة بالاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى «الناتو» تتطلّب موافقتهما.
فى الوقت نفسه، أكد القادة الأوروبيون أنهم سيواصلون التنسيق بشكل وثيق مع أوكرانيا والولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، معربين عن ترحيبهم بالجهود الأمريكية المستمرة لإحلال السلام فى أوكرانيا.
أضاف القادة أنهم واضحون فى المبدأ، وهو أنه «لايجوز تغيير حدود أوكرانيا بالقوة».
على الجانب الأوكراني، قال زيلينسكي، إنه مستعد للعمل مع الولايات المتحدة بشأن وضع خطة لإنهاء الحرب فى بلاده، مشيرا إلى أنه يتوقع مناقشتها مع الرئيس ترامب.
أضاف زيلينسكى عقب المحادثات التى أجراها مع وزير الجيش الأمريكى دانيال دريسكول فى كييف، إن أوكرانيا والولايات المتحدة ستتعاونان على وضع بنود الخطة، التى أكدت الرئاسة الأوكرانية استلام مسودتها.
فى نفس السياق ذكر مكتب زيلينسكى فى بيان أن كييف ستتشاور مع شركائها بشأن خطوات إنهاء الحرب الروسية على بلاده فى الأيام المقبلة.
وفقاً للبيان الذى نُشر على تطبيق «تليجرام»، وافق الرئيس الأوكرانى على تشكيل وفد يقوده رئيس مكتبه، ويضم كبار المسئولين الأمنيين، بالإضافة إلى توجيهات للمفاوضات ذات الصلة.
أضاف أيضاً «لن تكون أوكرانيا أبدا عقبة أمام السلام، وسيدافع ممثلو الدولة الأوكرانية عن المصالح المشروعة للشعب الأوكرانى وأسس الأمن الأوروبي».
فى تطور لاحق قال مسئول أمريكى إن المبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو سوف يشاركان فى المحادثات الخاصة بشأن أوكرانيا فى جنيف اليوم، وذلك وفقاً لما ذكرته رويترز.
وفى وقت سابق، أعلن رئيس مجلس الأمن القومى الأوكرانى رستم عمروف، أن بلاده ستجرى محادثات مع الولايات المتحدة لبحث خطة الرئيس ترامب لإنهاء الحرب مع روسيا.
وخلال تلك الأثناء صرّح رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، بأن حلفاء أوكرانيا سيسعون إلى «تعزيز» الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب مع روسيا، خلال اجتماعهم فى قمة مجموعة العشرين فى جنوب أفريقيا، بحسب ما ذكرته بى بى سي.
تأتى هذه القمة بعد يوم من تحذير زيلينسكى من أن بلاده تواجه «واحدة من أصعب اللحظات فى تاريخها» بسبب الضغوط لقبول الخطة الأمريكية المقترحة – التى اعتُبرت تفاصيلها المسربة لصالح موسكو.
فى وقت سابق، أجرى زيلينسكى مكالمات هاتفية مع ستارمر وزعماء فرنسا وألمانيا، حيث أكد رئيس الوزراء البريطانى أن «أصدقاء وشركاء» أوكرانيا ما زالوا ملتزمين بضمان «سلام ودائم».
الجدير بالذكر أن الرئيس ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لن يحضرا قمة مجموعة العشرين.
وكانت قد اعترضت دول أوروبية على الخطة التى تدعمها الإدارة الأمريكية، والتى تتطلب من كييف التخلى عن مزيد من الأراضى ونزع السلاح جزئيا، وهى شروط يعتبرها حلفاء أوكرانيا بمثابة استسلام. كما أن كييف كانت قد استبعدتها سابقًا، لا سيما فيما يخص التنازل عن المناطق الشرقية.
ترى أوروبا أن الخطة المطروحة تنطوى على مجموعة من لشروط المنحازة بشدة لصالح موسكو، وفى ذلك قالت مسئولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس،إن اعتمادها يعد «لحظة بالغة الخطورة».
وفقًا لوكالة رويترز، صرحت كالاس»جميعنا نريد أن تنتهى هذه الحرب، لكن كيف تنتهي، هذا هو المهم. ليس لروسيا أى حق قانونى فى الحصول على أى تنازلات من الدولة التى غزتها، وفى النهاية، فإن شروط أى اتفاق متروكة لأوكرانيا لتقررها».
أضاف ترامب أنه أمهل أوكرانيا حتى يوم الخميس القادم للموافقة على الخطة – وهو موعد عيد الشكر فى الولايات المتحدة – ووصفه بأنه موعد نهائى «مناسب».
على الصعيد الميداني، تُحرز القوات الروسية تقدمًا بطيئًا على طول خط المواجهة الواسع، على الرغم من الخسائر الفادحة المُعلنة.
وتعتمد أوكرانيا على شحنات الأسلحة المتطورة الأمريكية الصنع لتسليح قواتها، بما فى ذلك أنظمة الدفاع الجوي.
كما اعتمدت كييف على المعلومات الاستخباراتية التى تُقدمها واشنطن منذ أن شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا عام 2022.
فى نفس السياق، صرح نائب الرئيس الأمريكي، جيه دى فانس، مؤخراً بأنه «من الخيال أن النصر سيكون وشيكًا بمجرد تقديم المزيد من المال، أو المزيد من الأسلحة، أو المزيد من العقوبات».
خلال اجتماعه مع مجلسه الأمنى المصغر، أكد الرئيس الروسى أن الولايات المتحدة قدمت خطتها المقترحة للسلام، وقال إنها قد تُشكل «أساسًا» للتسوية، مضيفاً أن موسكو مُستعدة «لإظهار المرونة»، لكنها مُستعدة أيضًا لمواصلة القتال.
على الجانب الأوكراني، حذّر زيلينسكى من أن كييف ستواجه «ضغوطًا كبيرة فى خطابٍ استمر عشر دقائق أمام المكتب الرئاسى فى العاصمة الأوكرانية، مضيفاً أنه لن يُصدر تصريحاتٍ صاخبة، بل إن فريقه الرئاسى سيعمل بهدوء مع أمريكا وجميع الشركاء، لنُقدّم بدائل» لخطة السلام المقترحة.
وفقاً للخطة التى تتضمن 28 بنداً، ستنسحب القوات الأوكرانية من الجزء الذى تسيطرعليه حالياً من منطقة دونيتسك، التى ستعتبر منطقة عازلة محايدة منزوعة السلاح، ومعترف بها دولياً كأراض تابعة لروسيا، لكن دون تواجد لقواتها هناك.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم تحديد عدد القوات المسلحة الأوكرانية بـ 600 ألف جندي، مع التأكيد على سيادة أوكرانيا بإبرام اتفاقية عدم اعتداء شاملة بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا، فضلاً عن المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة فى غضون 100 يوم.
بحسب الخطة أيضاً، فى حال غزت روسيا، أوكرانيا، فسيُقترح القيام «برد عسكرى حاسم ومنسق» إلى جانب إعادة فرض العقوبات وإلغاء الاتفاق.









