هل يعم السلام انحاء العالم.. هل تختفى الحروب وينتشر الأمان والاستقرار بين الشعوب.. هل تتغلب إرادة الحب على دعوات الكراهية.. هل تتوقف آلات القتل والتدمير فى فلسطين وليبيا والسودان واوكرانيا وكل شبر فى انحاء البسيطة.. كل هذه التساؤلات فرضت نفسها بقوة وانا أتابع خطاب رئيس كوريا الجنوبية لى جاى ميونج فى جامعة القاهرة العريقة وهو يتحدث عن السلام ويقول إن الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات خاطر بحياته من أجل السلام، وذهب إلى إسرائيل حتى يعيش الأطفال المصريون فى سلام، معتبرا أن ما فعله السادات كان نقطة تحول فى الشرق الأوسط.
ومن الرئيس السادات ومبادرة السلام بين مصر واسرائيل إلى الرئيس السيسى ودوره فى وقف آلة الحرب القاتلة فى غزة تحدث الرئيس الكورى عن جهود السيسى قائلا: إنه لم يتخل عن الحوار وتعامل بصبر لا يعرف الكلل من أجل السلام.. ثم واصل الرئيس لى جاى ميونج حديثه الشجاع عن السلام مفجرا مفاجأة من العيار الثقيل لكنها اسعدت الملايين بل والمليارات من الشعوب التواقة الى السلام والاستقرار بعد معاناة طويلة من ويلات الحروب مؤكدا أن كوريا تسعى للسلام مع الجارة الشمالية لفتح عهد جديد من التعايش السلمى والنمو المشترك، وستسعى لدعم الجهود الرامية للتطبيع مع المجتمع الدولى. وقال «لى»: تهدف حكومتنا إلى إنهاء حقبة العداء والمواجهة بين الكوريتين، وفتح عهد جديد من التعايش السلمى والنمو المشترك.. وأضاف: «سنُوسّع التبادلات والتعاون بين الكوريتين تدريجيًا، وندعم جهود كوريا الشمالية لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولى، ونتبع نهجًا تدريجيًا وعمليًا لنزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية».
ومن مصر أرض السلام والحضارة والتعايش الإنسانى والعقائدى أطلق الرئيس الكورى مبادرة السلام الجديدة قائلا: «رغم البعد الجغرافى بين مصر وكوريا إلا أنه ليس من المبالغة القول إن البلدين متصلان حضاريا، ليس فقط بسبب موقع مصر الجغرافى المتميز وتاريخ كوريا، بل بسبب الظروف الجيوسياسية ورغبة البلدين فى تعزيز السلام. وكشف الرئيس الكورى ليجايميونج عن مبادرة شاملة للتعاون فى الشرق الأوسط، تهدف إلى تعزيز السلام الإقليمى، وتعميق الشراكات الاقتصادية، وتوسيع التبادلات الثقافية والشعبية ووجّه الرئيس، خلال وجوده فى جامعة القاهرة حديثه للطلاب قائلاً: «يسعدنى أن ألتقى بكم هنا فى القاهرة، حيث تنبض الحضارة والتاريخ بالحياة، وجامعة القاهرة هى أول جامعة أزورها على مستوى العالم منذ تولّيت مسئولية الرئاسة فى كوريا».. وتحدث لى عن مبادرة «شاين»، التى تُجسّد الاستقرار والوئام والابتكار والتواصل والتعليم، مؤكدًا التزام إدارته بتعزيز العلاقات مع المنطقة، وهو أمر بالغ الأهمية لأمن الطاقة والتجارة ومجالات التعاون الأخرى. وأشار إلى أن الاستقرار والوئام – وهما عنصرا المبادرة – سيشكلان مبدأين أساسيين لجهود إحلال السلام فى شبه الجزيرة الكورية والشرق الأوسط.
وقال «لى» إن الرئيس عبد الفتاح السيسى أعرب عن «دعمه القوى» لمبادرته للسلام خلال قمتهما فى القاهرة وسط اجواء الأمل والتفاؤل فى مستقبل مشرق يعمه السلام والامان والاستقرار.. وأشار «لى» إلى أن الصعود الاقتصادى السريع لكوريا – الذى يُطلق عليه غالبًا «معجزة نهر الهان» – ما كان ليتحقق لولا دعم الشرق الأوسط من خلال مشاريع الطاقة والبنية التحتية واسعة النطاق وقال: «حان دورنا الآن للمساهمة فى معجزة النيل».. كما دعا إلى توسيع التبادلات بين الشعوب من خلال التعليم وبناء الشبكات الإنسانية وتحقيقًا لهذه الغاية، قال أن سيول ستزيد من دعمها لاستقطاب المزيد من الطلاب المصريين إلى كوريا وتدريب المهنيين من الشرق الأوسط.
مبادرة الرئيس الكورى لنشر ثقافة السلام تتفق مع عقيدة واستراتيجية مصر الدائمة والخالدة والداعمة لنشر السلام ونبذ الحروب والتى عبر عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى طوال اكثر من عامين عاشت خلالهما غزة تحت القصف والدمار والجوع والابادة الجماعية وظلت مصر تنادى بالسلام وضرورة وقف الحرب وعودة النازحين الى ديارهم ورفض أى دعوات لتهجير الفلسطينيين.. ولأن ارادة السلام اقوى دائما فقد انتصرت فى النهاية ونجحت مصر مع امريكا وقطر وباقى الوسطاء فى التوصل الى وقف اطلاق النار فى غزة وجاء قادة العالم الى شرم الشيخ ليشهدوا اتفاق السلام التاريخى الذى أعاد الحياة من جديد الى غزة.. لم تتوقف مصر – السيسى عند هذا الحد بل دعت الى مؤتمر عالمى يعقد ايضا على ارض مصر لحشد الجهود العالمية لإعادة إعمار غزة واستئناف عمل المرافق الاساسية التى غابت طويلا تحت قصف الطائرات وضرب الصواريخ ودوى تفجيرات القنابل الثقيلة المحرمة دوليا.









