كتبت هنا كثيرًا عن «المثقفين» وعن تعاطيهم البطيء وتفاعلهم البليد مع «الفكرة المصرية » الجديدة والمشروع الوطنى المصرى العملاق فلم أجد أثرا يذكر يمكن أن أستند إليه وأعتمد عليه فى بناء تصور ذاتى لوجود حالة ثقافية تفرز أدوات تشكيل وجدان الأمة المصرية ويصوغ أحلامها وقيمها وفكرتها، بالطبع لا أعمم فالتعميم خيانة للدقة والموضوعية، لكن الغالب الأعم من المفكرين والمثقفين مازالوا يقفون فى اماكنهم ينتظرون من يحركهم فى اتجاه ما ! وكان من الطبيعى والضرورى والواجب أن المثقفين هم الذين يحركون المجتمع بأسره صوب فكرة ما، كتبت ما آمنت به ومضيت، فوجدت حالة من الضيق لدى البعض تحولت رويدا رويدا الى هجوم على شخصى وهذا لا يهم على الاطلاق، لكن هجوم هؤلاء البعض على من يصف المثقفين بالانسحاب وعدم القدرة على المواجهة جعلنى أعيد حساباتى مجددًا، هى ليست خيانة فقط بل هى «خيانة ونص»حيث تأكدت أننا أمام شواهد قبور لا تعنى أن هناك حياة وحيوية حقيقية، يا سادة لا تهاجمون شخصى ولكن هاجموا ما أكتب فهو صواب من وجهة نظرى يحتمل الخطأ وحماس ربما يحتاج الى حكمة غائبة أو متمردة، من هنا يأتى الاشتباك وتخرج الافكار والنظريات وتتحول الحياة الثقافية إلى «منتجع القوى الناعمة».
كنت دوما ولازلت أهتم بالرواية أكثر من اهتمامى بالراوى وأهتم بالحدث قبل اهتمامى بالحديث، لم يشغلنى شكلى ولا صورتى ولم أكن من الباحثين عن رضا العوام من خلال نفاقهم الممجوج، لذلك كانت حلقاتى وبرامجى خارج فن الاتيكيت الإعلامى والصحفى والاجتماعى وحتى السياسى فنحن نبنى دولة ونعيد تشكيل وجدان أمة، فى هذه الأجواء الضبابية غالباً ما يستسلم الضعفاء ويتسرب اليأس إلى نفوس وعقول من لم يقرأوا التاريخ جيداً، من استنفدوا طاقاتهم فى قراءة اللحظة الراهنة بكل تفاصيلها ومتناقضاتها، من لم يملك إرادة وطنية حقيقية مجردة، لذلك ولأننى قد قرأت تاريخ بلادى وخبرت فضائل هذا الشعب وإمكانيات هذه الأمة، كان إيمانى بالمستقبل وهروبى الدائم إليه.